شيد قصر «هشت بهشت» في محافظة إصفهان عام 1080 هجري إبان حكم الشاه سليمان الصفوي وفي حديقة «بلبل» أي (العندليب).
وكان قصر «هشت بهشت» أجمل قصر في العالم حين ذاك الحديقة الواسعة التي كان قصر «هشت بهشت» قد بني فيها، كانت جزءا من حديقة نقش جهان الكبيرة والتي تم بناؤها بأمر من الشاه اسماعيل الاول وانقسمت في عهد خلفائه وخاصة الشاه عباس الاول الى قطع مختلفة.
ويعد هذا القصر ذا الطابقين مع أقواسه الجميلة وزخارفه المنوعة من أحد النماذج المعمارية البارعة المشرقة في العصر الصفوي.
وتم تشييد القصر على شكل ثمانية أضلاع غير متساوية ويصل طوله الى 30 متراً وعرضه 26 متراً، وكان قصر هشت بهشت يقع في حديقة «بلبل»، ويستخدمه أبناء الملوك في البلاط الصفوي.
وتوجد حول القصر قاعدة يقل ارتفاعها، بينما يرتفع الطابق الاول عن سطح الأرض مترين. والمدخل الرئيس الى القصر يتم عبر سلالم مبنية في الطرفين الغربي والشرقي.
هذا وتوجد حول القصر ايوانات تقوم سقوفها على عمودين خشبيين. وهذه الايوانات هي الطريق المؤدية الى قاعة القصر الثماني الأضلاع.
وفي الأضلاع الاربعة الكبيرة للقاعة، تم بناء عدة غرف يشبه بعضها البعض. أما سقف القاعة الثمانية الأضلاع فهو على شكل قبة تعلوها نوافذ مشبكة. والسقف مغطى بمقرنصات زاهية الالوان ومزخرف برسومات ومرايا. والى ذلك، تتزين الأقواس الخارجية لواجهة القصر بأنواع القاشاني ذات الألوان السبعة مع نقوش وصور عن الطيور والحيوانات.
أما الايوانات الشمالية والجنوبية للقصر فتتضمن حوض اللؤلؤ وحوض القاشاني فضلاً عن حوض حجري جميل تحت القبة الوسطى.
وبني القسم الاساس للقصر على اربع قواعد ويتجه ايوانه الى الشمال. ويتزين السقف الذي يعلو هذه القواعد الاربع بمقرنصات جصية ذات ألوان زاهية وتصميم رائع. اما زخارف الغرف الواقعة في الطابق الاول فهي عبارة عن أعمال تجصيص ورسومات.
وفي الطابق الثاني، توجد مجموعة من الأروقة والغرف والأقواس والنوافذ يضفي على القصر جمالاً وبهاءً اضافياً. وينقسم الطابق الثاني بدوره الى ممرات وغرف عديدة يزين كلا منها زخارف خاصة، وتوجد في بعض منها أحواض ماء وفي غيرها مدفأة منصوبة على الجدران. اما الجدران فهي مغطاة بمختلف المرايا اضافة الى أن سقوف القصر جميعها مكسوة بالقراميد الفسيفسائية الرائعة.
وإن ما يميز هذا القصر هو وجود الارتباط فيما بين الفناءات والأقسام المختلفة للقصر، ما جعل القصر يحظى بالوحدة والانسجام والتنسيق وزخارف بديعة تلفت الأنظار اليه.
يذكر أن زخارف الأبنية والعمارات في العصر الصفوي رائعة وفنية الى درجة تغنى بها عددٌ كبيرٌ من السياح وأعربوا عن مدى إعجابهم بها. ولكن اليوم وللأسف الشديد لم يتبق من السياج الخشبية المزركشة والاطارات والزجاجات الملونة والكؤوس والأدوات الزجاجية الدقيقة وغيرها شيءٌ ما، لأنه جرت عليها تغييرات جذرية عدة طيلة الأدوار والعصور التي تلت العهد الصفوي وخاصة في عصر الملوك القاجاريين. وكانت هذه التغييرات الى درجة اعتبرها البعض من السيّاح من المعالم القاجارية.
وبقي أن نقول إن زخارف قصر هشت بهشت والتي تدلّ على النمط المعماري الفني البارع في أواخر العهد الصفوي فضلاً عن مبنى القصر الواقع في وسط الحديقة، تحولت فيما بعد الى منهج معماري خاص اصبح له مقلدوه وأتباعه.