الإمام الباقر (سلام الله عليه): "ثلاث مِن أشدّ ما عمل العباد"؛ توجد ثلاثة أمور هي من مهام المؤمنين الشديدة الأهميّة والصّعبة؛ أعمال صعبة.
الأولى: "إنصاف المؤمن من نفسه"؛ أن أي يسلك المرء طريق الإنصاف مع الآخرين. أي عندما يدور الأمر بين أن يدوس على الحق من أجل نفسه أو أن يدوس على نفسه من أجل الحق يختار الخيار الثاني.
متى ما كان الحق مع الطرف المقابل وليس معكم، اسلكوا طريق الإنصاف وأعطوه حقّه. دوسوا على نفسكم وضعوها تحت أقدامكم ولو كان ذلك سبباً بالتقليل من شأنكم. هذا عملٌ صعب وشاق؛ لكنّه عملٌ هام. ويقول الإمام الباقر(ع) أنّه من أهمّ الأعمال؛ طبعا هو عملٌ شاق. ولا يمكن القيام بأي عمل جيّد وعظيم دون أن يرافقه صعوبة.
ثانياً: "ومواساة المرء أخاه"؛ مواساة الأخ المؤمن. تختلف المواساة عن المساواة؛ ليست المساواة. المواساة تعني المرافقة ومدّ يد العون للأخ المؤمن في كافة الأمور. أن يعتبر الإنسان ذلك من مهامّه، المساعدة الفكرية، المساعدة الماليّة، المساعدة الجسديّة، المساعدة في حفظ ماء الوجه. هذه هي المواساة.
ثالثاً: "وذكر الله على كلّ حال"؛ أن يكون ذاكراً لله في كافة أحواله. هذا هو الذكر.
ثم يشرح الإمام الباقر(ع) في الرواية نفسها ما تعنيه هذه الجملة "ذكر الله على كلّ حال":
"وهو أن يذكر الله عزّوجل عند المعصية يهمّ بها"؛ عندما يتّجه للقيام بمعصية، يمنعه ذكر الله. الذكر؛ يذكر الله ولا يقوم بهذه المعصية؛ أنواع المعاصي؛ التحدّث بخلاف الواقع، الكذب، الغيبة، إخفاء الحق، عدم الإنصاف، توجيه الإهانة، التصرّف بأموال النّاس، أموال بيت المال، أموال الضعفاء أو عدم إيلاء الأهميّة لها. هذه أنواع الذنوب. في كافة هذه الأمور، فليلتفت الإنسان إلى الله؛ فليمنع ذكر الله أن انسياق الإنسان نحو المعصية.
"فيحول ذكر الله بينه وبين تلك المعصية وهو قول الله عزّوجل: إنّ الذين اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشّيطان تذكّروا". ثم يقول عليه السّلام أنّ هذا تفسير تلك الآية حيث يقول سلام الله عليه: "إنّ الّذين اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشّيطان"؛ عند اقتراب الشيطان، يمسّهم؛ قبل أن يتلبّسهم بشكل كامل، "تذكّروا"؛ يتذكّرون على الفور. "فإذا هم مبصرون"؛ يؤدّي هذا الذكر إلى أن تتفتّح بصيرتهم. هذا هو معنى "ذكر الله على كل حال".