البث المباشر

جون مولى ابي ذر الغفاري(رض)

الخميس 14 فبراير 2019 - 21:25 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 319

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من منارات الصادقين يوم كربلاء هو جون مولى ابي ذر الغفاري(رض). جون هو من افذاذ الاسلام، من خلال المرور بسيرته الذاتية ومواقفه نلمس الطبيعة المختلفة لاصحاب الحسين(ع)، ففيهم الشاب والمسن والصحابي والمعصر للنبي ولامير المؤمنين ومنهم الحر ومنهم العبد وهكذا الى الغلام الحدث الى الاسود والابيض الى قديم العهد في الاسلام وجديد العهد في الاسلام كجون، هذه حالة التنوع على صعيد اللون والعقيدة والعمر والنوعية والاصالة موجودة في فريق ابي عبد الله الحسين(ع).
جون كان غلاماً لابي ذر الغفاري واستبصر واسلم واترعت نفسه بالايمان والتقوى ولم يمنعه سواد بشرته وتواضع حسبه ان يتبوء هذا المقام الرفيع ويكون من اعلام المسلمين ومن منارات الشهداء الصادقين واخيراً نال من الاكبار والتعظيم ما لم ينله احد من ابطال التاريخ، لقد ذكر المؤرخون ان جون تقدم ضارعاً الى الامام الحسين(ع) ليمنحه الاذن ليستشهد بين يديه فقال له الامام: "يا جون انما تبعتنا طلباً للعافية فانت في حل مني" فهوى جون على قدمي الامام يقلبهما ودموعه تتبلور على خديه وهو يقول: "انا في الرخاء الحسن قصا عقكم وفي الشدة اخذ لكم، مولاي ان ريحي نتن وحسبي لئيم ولوني اسود فتنفس عليّ بالجنة ليطيب ريحي ويشرف حسبي ويبض لوني، لا والله لا افارقكم حتى يختلط هذا الدم الاسود مع دماءكم" هنا نلاحظ العظمة والعمق الذي عبرت عنه هذه الكلمات المشرقة واي شرف الظوت عليه نفسه، ان بشرة هذا البطل سوداء لكنها انظر واشرق وانور من الوان ذوي بشرة بيضاء ولكن قلوبهم اسودت بالمعاصي والخطايا، ان جون كان اسود البشرة ولكن في مضمونه حربما يحمل من سمو النفس وشرف الذات وحرية الفكر وان ريحه لاطيب من ريح الكثير الذين استعبدتهم الدنيا وملذاتها وان حسبه هو الحسب الوضاح، لقد حمل كلام جون منطق الاحرار والحرية فأنه ليس من الانسانية في شيء ان ينعم في ضلال الامام(ع) ايام الرخاء ويتنكر للامام ايام هذه المحنة القاسية والعصيبة التي عصفت بالاسلام وباهل البيت(ع)، لقد كان الوفاء من العناصر المميزة لكل فرد من اصحاب الحسين(ع) على بقية شهداء العالم، شهداء التاريخ، الوفاء الذي جاءوا به يأتي بطول الوفاء الذي تمتع به شهداء يوم بدر وهي اول حرب قادها رسول الله وقادها الاسلامبوجه الفكر المتحد ضد المسلمين.
بالتالي اذن له الحسين(ع) فخرج جون مبتهجاً وهو يرتجز:

كيف ترى الفجّار ضرب الاسود

بالمشرفي القاطع المهند

بالسيف صلنا عن بني محمد

اذب عنهم باللسان واليد

هنا يؤكد جون اهمية نصرة اهل البيت غير كل الاصعدة وان نصرة اهل البيت وظيفة كل موحد وان يدعم هذا الخط وهو خط اهل البيت كما يقول المرحوم الصاحب بن عباد يخاطب اهل البيت:

ومافاتني نصركم باللسان

اذا فاتني نصركم باليد

فكيف من يظفر بنصرتهم بلسان وبيده وبالتالي بروحه وحياته، ويقول جون:

ارجو بذاك الفوز يوم المورد

من الا له الواحد الموحد

اذ لا شفيع عنده كأحمد

دلل جون بهذه الاراجيز على بسالته وشجاعته وان مضمونه يفوق ظاهره، محتواه اوسع بكثير من مظهره، ويؤكد رحمه الله على انه يدافع عن ابناء النبي ويذب عنهم بلسانه ويده ولا ينبغي في ذلك اي شأن او اي اجر من امور الدنيا وانما يرجو الفوز في الاخرة والشفاعة من النبي العظيم، انها مسألة مهمة ان يوفق الانسان بأن تكون اعماله لله ومن اجل الله، وان يجعل الانسان رأس كل عمل وكل عمل يريده هو رضى الله والتقرب الى الله ورجاء ثواب الله.
اخيراً قاتل جون قتال الا شاوس فقتل كما ذكرت السير خمسة وعشرين رجلاً وحمل عليه اعداء الله من كل جانب فأردوه صريعاً وخف اليه الحسين(ع) فأخذ ينظر اليه النظرة الاخيرة وهو يتخبط بدمه واخذ يدعو قائلاً: "اللهم بيض وجهه وطيب ريحه واحشره مع محمد وعرف بينه وبين آل محمد" الملفت في الامر هو ما ذكرته الاخبار انه نتيجة لدعاء الحسين، كان من يمر بالمعركة يشم منه رائحة طيبة اذكى من المسلك وهذه استجابة سريعة لدعوة من دعوات الحسين(ع).
لقد استشهد جون ليصبح دمه الطاهر في ملحمة كربلاء مشعلاً يتأسى به الثائرون بوجه الباطل.

نسجت لنا في كربلاء برودنا

وبذلك البرد المخضب نرتدي

ونعيش احراراً كما شاء الابا

ما بين مسجون وبين مشرد

خط الحسين لنا مساراً قانياً

فسرت جحا فلنا تذوب وتفتدي

والعيش ان تحيا عزيزاً صامداً

والذل ان تغضي على المستعبد

نسأل الله لهذا الشهيد كمال الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة