الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
ومن شموع الصادقين الباذلين كل ما عندهم لله ولرسوله ولال بيته هو الحبر المقدس الامام الراحل الشيخ محمد حسن المظفر طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه.
عند مدخل مدينة النجف الاشرف وعلى الطريق العام وعلى الجانب الايسر اتجاه الحرم الشريف تقع مقبرة يقف بعض المارة يقرأ عندها الفاتحة، وهي تعرف بمقبرة المظفر حيث دفن فيها هذا العالم القديس والشيخ محمد حسن آل المظفر.
هو من مواليد النجف الاشرف عام 1301 ﻫ وقد ولد من اب ينتمي الى اسرة علمائية تمتد على اظهر معدودة وبرع ونشأ في اجواء الفقه والفقاهة ودرس مختلف العلوم اضافة الى الفقة والاصول والحديث والتفسير درس مختلف العلوم كالفلك والحساب والرياضيات واصبح من المدرسين المشهورين في بحث الخارج وذلك بعد وفاة المرحوم السيد كاظم اليزدي صاحب العروة الوثقى اعلا الله مقامه وقد ركز عليه المرحوم السيد ابو الحسن الاصفهاني ليكون خلفه في المرجعية مثلاً دعاه الى اقامة الصلاة مكانه فترات غيابه في الجامع الهندي وهو اكبر مساجد مدينة النجف الاشرف انذاك كما قربه المرحوم الاصفهاني في ارجاع امور الناس اليه في حل معضلاتهم خصوصاً في شؤون القضاء فرفض ذلك المرحوم المظفر مصراً على بقاءه في امامة المصلين في مسجد الصغير المعروف بمسجد المسابج في السوق كما اثر ان يبقى في طوق العزلة والانصراف الى التدريس والتأليف والابتعداد عن مظاهر الزعامة والرئاسة رغم مؤهلاته لنيلها ولكنه رفض ذلك واثر ان يقدم للمكتبة الاسلامية وللحضارة عطاءاً وافراً على صعيد مثلاً تربية التلاميذ، ربى تلاميذ يفتخر بهم تاريخ الحوزة وعلى مستوى التأليف في مختلف المجالات كما ان له عدة مؤلفات مشهورة الاّ ان اهملها واكبرها اثراً هو كتابه دلائل الصدق هذا الكتاب العظيم المهم والذي رد فيه على فتنة عقائدية اخذت طريقها لزرع التشويق والشكوك والشبهات ويمكن القول ان هذا الكتاب عديم النظير جمعاً وتحقيقاً وتأسيساً يستقصي به كلام ابن روزبهان مع الاسف لم يلتزم بآداب المناظرة، الذي يقرأ اراء ابن روز بهان يراه بعيداً عن ادب المناقشة والمناظرة.
للشيخ المظفر مؤلفات عديدة ومن مؤلفاته المشهورة الافصاح عن احوال رجال الصحاح، هذا ايضاً كتاب مهم وهذا الكتاب حينما يقرأه الانسان يجده كتاباً متفرد ووحيد في بابه اذ يقوم الكتاب على ذكر اسم من رجال كتب الصحاح الستة وتقييمهم من حيث الاعتماد والتزكية والثقة كما انه كان من اوائل الفقهاء الذين افتوا بطهارة الكتابيين وجواز الزواج منهم وهذه مسألة مهمة وكانت في الحياة الجديدة مورد ابتلاء وهو من الذين سبقوا السيد الحكيم او الشهيد محمد باقر الصدر اعلا الله مقامهم كما انه كان يرى عدم توفر الادلة بأن المتنجس ينجس ولقد سمعت من مشايخنا الكبار واساتذتنا عنه انه رحمه الله كان متجرداً عن الانانية متحمس في التفاني في الله مترصداً الحق ولا يحيد عنه ولا تصده عن كلمة الحق نزوة من حب الذات وخلجاتها ولا نزعة من نزعات الكبرياء وتخيلاتها حتى ان بعض تلاميذه المجتهدين كالمرحوم الشيخ محمد طه الحويزي والمرحوم السيد باقر الشخص كانوا يتحدثون عنه انه معصوم غير واجب العصمة وكان يعكس ويترجم بمعالمه عظيمة الخشية من الله سبحانه وتعالى وتقواه فله هيبة ترتعد منها الفرائص ونصطك لها الاخمص ويخفق لها القلب وهذا طبعاً سر من اسرار خشية الله ومن اسرار تقوى الله والصفاء في التعامل بالله سبحانه وتعالى، التعامل مع الله بصدق وتقوى الله يفرز هذه الافرازات ويعطي صاحبه الهيبة والجمال المعنوي واني الفقير الضعيف السيد محمد حسن الكشميري ادعوا الشبيبة المثقفة الى قراءة كتابه دلائل الصدق، كتاب شريف وهو في ثلاثة اجزاء فأن في هذا الكتاب ثروة مستخلصة من بطون مئات الكتب والكتاب هو عرض واقعي اصيل للمفاهيم الاسلامية بالشكل التأريخي العميق وبالطراز المنهجي الحديث وبتعبير آخر ان هذا الكتاب الفذ يبحث في المسائل العقائدية من جذورها واصولها بالطراز الذي كان يبحثه القدامى فالكتاب هذا جدير بالدراسة والتفهم للوقوف على هذه المسائل الفلسفية من جذورها وعلى ما علجت به من المناقشات العلمية بالمفهوم المعاصر وأأكد على الشبيبة المتنورة ان تقرأ هذا الكتاب وهو دلائل الصدق خدمة لثقافتهم وخدمة لمعتقداتهم.
اعود للحديث عن هذا الامام الراحل الشيخ محمد حسن المظفر انه بعد حياة حافلة بالعلم والعمل الصالح والحسنات رجعت نفسه الى بارئها راضية مرضية وذلك ظهيرة اليوم الثالث والعشرين من ربيع الاول عام 1375 ﻫ بعد عمر قضاه في هذا الطريق وشيع تشييعاً قلّ نظيره وتعطلت الاعمال وعطلت الحوزة دراساتها حداداً على فقد هذا العالم العظيم ودفن بجوار امير المؤمنين وقد ارّخ وفاته الشاعر العالم السيد محمد الحلي بقوله:
كم للهدى بعد ابي احمد
من امل خاب ونجم خبا
فشرعة الحق بتاريخها
تنعى رجاها الحسن المجتبى
أسأل الله له المزيد من الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******