الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين بأتباعهم لآل الرسول(ص) هو المحدث الشهير ولسان الحق واحد اللصقاء المعتمدين عند الائمة هو المرحوم زرارة بن اعين الشيباني الكوفي، هذا الرجل هو يعرف من النجباء الاربعة الذين دونوا الفقه، لماذا النجباء الاربعة لانه هناك في تراث اهل البيت ملفات او مؤلفات تعرف بالصحف الاربعمئة، كل واحد من هؤلاء دون صحيفة او ملفاً ذات مئة صفحة ولكن ليست الصفحات الصغيرة التي نتصورها وكل واحد روى آلاف الاحاديث عن اهل البيت دونوها بما حفظوه من الامام الباقر والامام الصادق(ع) هؤلاء النجباء الاربعة وافضل ان اقرأ هذا الحديث عن الامام الكاظم(ع) قال «اذا كان يوم القيامة نادى منادي اين حواري رسول الله فيقوم فلان وفلان الى ان قال ثم ينادي منادي ابن حواري محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق فيقوم محمد بن مسلم وبريدة بن معاوية وابو بصير وزرارة بن اعين» هذا تقييم الامام الكاظم(ع) اما الامام الصادق(ع) يقول ويروي ابو العباس الفضل بن عبد الملك قال سمعت الامام الصادق يقول احب الناس الي امواتاً واحياءاً اربعة بريدة بن معاوية ومحمد بن مسلم والاحول وزرارة بن اعين، هذا زرارة في ترجمته جاءت بهذه الصورة كان جسيماً وسيماً مهاباً حفاظاً واشتهر انه من اكبر رجالات الشيعة فقهاً وحديثاً ومعرفة بعلم الكلام وكان لسناً وشاعراً واديباً وقوياً بالمخاصمة وكان يمثل ذراع نشط للامام الصادق(ع) واقرأ هذا الحديث للامام الصادق(ع) قال لولا زرارة لظننت ان احاديث ابي ستذهب لان ذلك اليوم كانت وسائل التدمير قوية وخصوم اهل البيت يسعون الى تدميرها لا توجد وسائل تدوين ضخمة ومقاومة وهذه الاجهزة الموجودة في زماننا لكن هؤلاء اعتمدوا على حافظتهم وجهودهم في التدوين بحيث الامام الصادق يقول لولا زرارة لظننت ان احاديث ابي ستذهب، يروي المفضل بن عمر رحمه الله يقول كنت عند الامام الصادق فدخل عليه رجل اسمه الفيض بن المختار دخل في ديوانية الامام واخذ يسأل الامام عن بعض الآيات وعن تفسيرها وبعض الآراء الفقهية وتعارض بعضها ببعض ثم شكى للامام حالة البلبلة والاضطراب التي تعانيها مسألة الفقه والحديث والكلام وان البعض يستند في اراءه اليكم يابن رسول الله فأجاب الامام بأنزعاج اجل كما ذكرت يا فيض ان بعض الناس اولعوا بالكذب علينا حتى كأن الله افترض عليهم ذلك واني احدث احدهم بحديث فلا يخرج من عندي حتى يؤله على غير واقعه وذلك انهم يطلبون بحديثنا دنيا وكل يحب ان يدعى بأنه رأساً واردف الامام الصادق قائلاً يا فيض انه ليس من عبد يرفع نفسه الا وضعه الله وما من عبد وضع نفسه الا رفعه الله وشرفه ثم ختم الامام كلامه مع الفيض المختار بقوله فاذا اردت حديثنا فعليك بهذا الجالس واومأ الامام الصادق الى زرارة بن اعين، هذا الرجل الفيض بن المختار سأل رجلاً جنبه من هذا والامام يعطيه كل هذا الاعتماد والثقة قال هذا زرارة بن اعين. اشتهر زرارة من بين تلاميذ الامام الصادق بموقفه من الامام وقربه منه وهذا دفع فيه ثمناً كبيراً بسبب علاقته الشديدة بالامام الصادق سبب له خطورة على حياته لان القوى المضادة والضاغطة آنذاك، الامويين والعباسيين ومن يدور في فلكهم كانوا يترصدون الشخصيات التي تحظى بأعتماد الائمة وكونهم رسلهم لرسالة اهل البيت فتستهدف حياتهم لاعداءاً بهم وانما لاجل تدمير منابع المعرفة ولايشك احد ان الطاغية صدام لعنة الله عليه لما قتل الشهيد الصدر الاول والشهيد الصدر الثاني لم يكن لعداء شخصي بينهما ولكنه اراد بذلك ان يعطل عالم المعرفة وان يعطل عالم الثقافة الاسلامية ويلحق ضربة قصوى بالنهضة الثقافية لفكر اهل البيت، هذا المسلك لم يكن صدام هو المبتكر وانما هو وريث بني امية ووريث آل العباس الذين حاولوا القضاء على كل عناصر المعرفة التي اعتمدها اهل البيت وكونهم رسل لرسالة الاسلام الاصيلة فأستهدفوا حياتهم لذلك كان يضطر الامام الصادق احياناً ان يذم زرارة في بعض المحافل حتى ان البعض يقول ما الذي حدث لماذا الامام الصادق يذم زرارة، طبعاً الامام لم يأتي بهذا من فراغ كان يذم زرارة اذا احس ان في المجتمع هناك من هو جاسوس او بريد ينقل الاخبار الى خصوم اهل البيت فالامام يريد ان يخفف الخطورة عن حياة زرارة كان يذمه وبهذا يخف الضغط ويتجنب زرارة خطر التصفية، هذه مارسها اهل البيت في ضوء عالم التقية لدرء الخطر، يمر هذا المعنى في احاديث خاصة تجري بين الامام الصادق وزرارة واسرة الامام قائلاً تعذرني يا زرارة ربما انتقدك او انتقصك او من هذا القبيل وما ذاك الا للايهام على الاعداء من تشخيص موقعك عندنا، ويقول له الامام الصادق يا زرارة كان حقاً على الله ان يدخلك الجنة فتكون معنا ونعرف موقع هذا الرجل البطل من اختبار هشام بن الحكم له عند مناظرة العالم الشامي في الفقه ولهذا العالم مؤلفات عديدة دون فيها كل ما حفظه، كما ان له كتباً الفها في الاستطاعة والجبر وذكر هذا مفصلاً المرحوم هاشم معروف الحسني في كتابته سيرة الائمة الاثني عشر وفي معرض الحديث عن جهاد هذا العالم فقد كان يمثل في بعض المحن، ساهم في تحمل بعض المحن التي ابتلي بها ولا املك من الوقت لكن اشير الى بعض شعره في الامام المهدي مثلاً له قصيدة يروي فيها علامات الظهور يقول:
فتلك علامات ستجنى لوقتها
وما لك عما قدر الله مذهب
وكان كنور مشرق في طبيعة
وبالله عن ذكر الطبائع مرغب
توفي زرارةعام 148هـ بعد وفاة الامام الصادق بشهرين فقط، أسأل الله ان يحشره في الدرجات العالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******