الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين بأداء رسالتهم اتجاه دينهم وائمتهم العالم الكبير والمربي الجليل المرحوم فقيد الاسلام والمسلمين آية الله العظمى الشيخ محمد امين زين الدين البحراني اعلى الله مقامه ونور مضجعه، الشيخ محمد امين زين الدين هو من رواد النهضة الاصلاحية خصوصاً في الفترات الاخيرة من القرن العشرين الميلادي وهو من اصحاب القلم الذين بذلوا الجهد لانقاذ الشبيبة والجيل الجديد من قنص الاعداء او المذاهب والاحزاب الهدامة التي غزت بلاد المسلمين والعرب والشرق الاوسط وبالخصوص العراق، صبت هذه الافكار الهدامة جام غضبها على العراق بأعتباره مهد حضارات ومركز لعتبات اهل البيت ومنار ومنطلق للمعرفة والثقافة الاسلامية، المرحوم الشيخ محمد امين زين الدين هو من مواليد البصرة عام 1323 هـ ونشأ هناك وبعد ان درس المقدمات انتقل الى النجف الاشرف عام 1351 هـ لمواصلة الدراسة فحضر على كبار مشاهير مدرسيها كالمرحوم اغا ضياء العراقي والمرحوم الشيخ محمد حسين الاصفهاني والمرحوم النائيني صاحب مدرسة الاصول الحديثة وغيرهم حتى اصبح عالماً متبحراً في الفقة والاصول واصبح من المقلدين ورجع اليه الكثير من المؤمنين في البحرين والخليج والبصرة وصار له شأن عظيم، المرحوم زين الدين اعلى الله مقامه له باع طويل على مقاومة البدع والافكار المخربة فقد تصدى للرد على كتاب اسمه المهدي والمهدوية للكاتب المصري احمد امين والذي حمل الكثير من الافتراءات ظلماً وبهتاناً على الامامية فرد عليه المرحوم محمد امين زين الدين رداً علمياً ومنطقياً وحينما صدر للمرحوم زين الدين كتابه القيم الاخلاق عند الامام الصادق(ع) نال اعجاب الكتاب والمفكرين والطلبة والجامعيين مما جلب الانظار اليه فكانت وفود من الشباب الجامعي من جامعات البصرة وبغداد يترددون عليه زرافات زرافات ليالي الجمعة كانت مواكب للطلبة من الجامعات تصل الى النجف يقصد زيارة قبر امير المؤمنين(ع) وبعد ذلك الاستفادة من محضر هذه الشخصية، تلك المواكب كانت تصل من الشباب المهذب الذي اقوله بحزن والم الذي راح ثمانون بالمئة منهم في غياهب السجون والاعدامات وغابوا وانقطعت اخبارهم حتى عثر عليهم اخيراً في مقابر جماعية، هذه المجموعات كانت ترد الى النجف وتعرض عليه الاسئلة مضافاً الى ذلك كانت تصله الاسئلة بالرسائل وبالبريد من مختلف اقطار العالم وقلت في الخمسينيات خضع العراق آنذاك الى غزو شيوعي لذلك كانت لكتب المرحوم الشيخ محمد امين زين الدين ابلغ الاثر في انقاذ الشباب خصوصاً كتابه الذي كتبه بقلم واسلوب خاص الى طلاب الجامعات واسماه الى الطليعة المؤمنة وكذلك كتابه العفاف بين السلب والايجاب وقاوم هذا الكتاب موجة التبرج التي سعى اعداء الاسلام الى نشرها وفرضها على المجتمع العراقي والجيل الحديث وكذلك لا ننسى كتبه النافعة مثل كتاب الاسلام ينابيعه مناهجه وغاياته او كتابه من اشعة القرآن او امالي الحياة وهو ديوان صغير فيه بعض شعره ونثره، هذه الكتب يعلم الله واقولها من صميم القلب نفعت الشباب بشكل غيرت مسارهم وغيرت توجهاتهم وانا اتذكر تماماً كيف كان يرد عليه بعض اساتذة الجامعات وكانوا يستفيدون من مواهبه العالية وكان يستولي على البابهم ويهيمن على قلوبهم متأثرين بأسلوبه الشيق وبخلقه العالي وبأبتسامته المليحة وبتواضعه وفي اواخر ايام وجودي في النجف الاشرف التقيته لقاءاً عابراً وكان حزيناً متأثراً ولما سألته عرفت ان تأثره كان بسبب الاجراء الظالم والقرار السري الذي اتخذه البعثيون في جمع كتبه ومؤلفاته واحراقها كما لا يفوتني ان اذكر بشكل واضح اعراضه عن الدنيا وزخرفها فهو حينما كتب كتابه الفقهي المثير وهو كلمة التقوى وهو شرح للعروة الوثقى للمرحوم السيد كاظم الطباطبائي اليزدي ويقع هذا الشرح في سبعة اجزاء حاول بعض تلاميذه بألحاح ان يكتب في مقدمة الكتاب ترجمة له فرفض بالقطع وعاش شبه منزوي يكره كل ما يتعلق بالمرجعية والتصدي ساخراً بالرئاسة وزبرج الحياة، رافضاً لها وقد برع المرحوم الشيخ محمد امين زين الدين الى جنب كونه عالماً ومرجعاً ومؤلفاً كشاعر قوي يعبء المشاعر بشعره ومن المع قصائده قصيدته التي القيت في احدى الحفلات الكبرى بمناسبة ميلاد النبي(ص)ونالت الاعجاب الكبير والتي يقول فيها:
ارج من الزهر المندى
قد صوغ الآفاق ندا
حيث المفاخر ليس تحصى
والفضائل لن تعدا
ثم يقول في ضمن القصيدة:
بطحاء مكة فاخري
شهب السماء شرفاً ومجدا
بشراك يا مهد النبوة
قد سعدت اليوم جدا
واذا بأحمد يملأ
الاسماع ايضاحاً ورشدا
اما على صعيد عالم النثر فقد قرأت له عدة رسائل ومنها رسالة في الاذان وفضله وعن بلال مؤذن رسول الله الى ان يقول في رسالته يسمع المسلمون صوت بلال في اليوم الواحد خمس مرات وتدور الايام فيقبض الرسول(ص) وينقطع صوت داعي الارض لانقطاع صوت داع السماء، وعاهد بلال نفسه ان يترك الاذان وفاءاً لنبيه وحزناً على غيابه وتصاب فاطمة الزهراء(ع) بما اصيبت فتصبح عليلة به ويأتي بلال لعيادتها فيعلم اشتياقها لاذانه فيؤذن بلال ثم ينقطع وبعد برهة تستحيل المدينة صرخة واحدة ويأتي النذير الى بلال ان وحيدة رسول الله قد توفيت مظلومة، طبعاً لم تمت فاطمة ولكن ذكرى حبيب تثير منهم كامناً فتصعق والوجد اذا تضاعف قتل الخ رسالته.
توفي المرحوم الشيخ محمد امين زين الدين في النجف الاشرف في 26 صفر 1419 هجرية وبموته فقدت الحوزة العلمية في النجف الاشرف صرحاً شامخاً من صروحها رحمه الله وجعل الجنة مثواه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******