ولد محمد تقي فراهاني المعروف بـ" أمير كبير" في هزاوه من ضواحي فراهان. وقيل إنه من السادة العلويين ومن ذرية النبي صلى الله عليه وآله. وذكروا أن أسرته من مدينة كرمانشاه. كان والده الكربلائي محمد قربان من أسرة تشتغل بالتجارة في هزاوه، ثم اتصل بميرزا عيسى قائـم مقام وعيّن طباخاً في بلاطـه ولم يلبث حتى أصبح مشرفاً على المطبخ في عهد ابنه أبي القاسم قائم مقام وكان ذلك سبباً في اقتراب الابن منذ الصغر من الأسرة الحاكمة في البلاد.
اتسم "أمير كبير" منذ صغره بالذكاء والفطنة، وهو ما لفت انتباه رجالات الدولة المقربين من ولي العهد عباس ميرزا ابن فتح علي شاه، وارتبط "أمير كبير" بأسرة القاجار وولي عهده عباس ميرزا وبات محل ثقة العائلة المالكة من خلال الوزير عيسى فراهاني.
وكان "أمير كبير" رئيس وزراء إيران خلال فترة حكم ناصر الدين شاه القاجاري. وبدأت إصلاحات "أمير كبير" بعد وقت قصير من توليه منصبه واستمرت حتى نهاية فترة رئاسته القصيرة التي استمرت حوالي ثلاث سنوات ونصف. وخلال فترة رئاسته، قام أميركبير بخدمات وإصلاحات أساسية وهيكلية تذكر في تاريخ إيران الثري والحضاري.
الإصلاحات الكبرى والأساسية
وفي ضوء ذكائه وكفاءته التي كان يتمتع بها، استطاع "أمير كبير" ان يرتقي سلم المناصب الوظيفية ليصل إلى أعلى درجات السلم ويثبت إسمه في تاريخ ايران والعالم كسياسي قدير. وانجز اعمالاً كثيرة خلال الفترة القصيرة من توليه الوزارة بما فيها اقرار الأمن في الدولة وتأسيس مدرسة "دار الفنون" و إصدار صحيفة "وقايع اتفاقية" وتنظيم الجيش الايراني على الطريقة الاوروبية وتأسيس مصانع لانتاج الاسلحة واصلاح شؤون القضاء واصلاح محاضر الشرع وتأسيس البريد.
كذلك اهتم "أمير كبير" بالصحافة فأصدر أول جريدة رسمية في ايران بأسم جريدة الوقائع واهتم بالطباعة والترجمة والنشر كما اعتني بالجانب الصحي فأنشأ أول مستشفى عسكري الذي صار فيما بعد عموميا. وهكذا فقد امتدت يد التحديث الى مجالات كثيرة في العلوم والفنون والزراعة والصناعة حتى إن إيران أصبحت على عتبة التقدم الإقتصادي.
وهكذا يمكن القول ان محاولة "أمير كبير" التحديثية في ايران قد زاد من كفاءة الدولة المركزية ومركزية الإصلاحات السياسية ولعل هذا النوع من التحديث في الجانب السياسي كان سببا لخلق معارضة سياسية شاملة لبرنامجه الإصلاحي وان عملية التحديث التي قام بها، كانت أكثر تحركا وهذا راجع إلى الجهود الكبيرة التي بذلها في تغيير سياسة الدولة.
ومن بين الأمور التي وضع قواعدها بشفافية وانضباط صارمين؛ تحديده مستوى الرواتب التي يحصل عليها المسؤولون والأفراد في الدولة؛ بداية من الملك، وحتى أصغر عامل، قام كذلك بإجراء إصلاحات واسعة في الشؤون الدينية من خلال اتخاذه عدداً من القرارات أبرزها إلغاء التطبير المنتشر في مراسم العزاء، وحل وزارة "دار الشرع" التي كانت تمارس نوعاً من الاضطهاد على غير المسلمين، وأعطى الأقليات الدينية مزيدا من الحقوق والامتيازات.
إن "أمير كبير" سعى لتقليص نفوذ الأجانب المسيطرين بقوة على الشؤون الداخلية الإيرانية، وعزل العديد من الولاة المتهمين بالفساد والولاء للأجانب وبالتالي، عمد إلى تنويع العلاقات مع الغرب؛ ليحدّ من نفوذ البريطانيين والروس الذين كانوا يتقاسمون الوضع المحلي الإيراني.
دائرة الخصوم ينتهي بمقتله
أثارت التغييرات التي أحدثها "أمير كبير" في إيران حسد الأمراء ورجالات الدولة ممن كانوا يرون في تزايد نفوذه خطرا يهدد مصالحهم، وقد شرع هؤلاء منذ بداية تعيينه بالعمل على إفشال مشاريعه وكل ما يقوم به واجتهدوا في الإيقاع به عند الشاه وتلفيق التهم.بحيث إنهم أحسوا بأنه خطر يهدد مصالحهم فأحاطوا به وتمكنوا من إقالته ونفيه إلى كاشان.
لكن أعداء "أمير كبير" لم ينفوا وجوده، وأخيراً اغتيل "أمير كبير" على يد "علي خان مراغئي" في حمام فين بكاشان بأمر من ناصر الدين شاه في 11 يناير/ كانون الثاني 1852.
دفن "أمير كبير" في مقبرة "بهشت مشهد" في كاشان، وبعد فترة وجيزة تم نقل جثمانه إلى كربلاء برغبة من زوجته عزت الدولة، شقيقة الشاه ناصر الدين.
وتم بناء منزل "أمير كبير" التاريخي بمساحة 815 مترا مربعا على طابقين وتعود آثاره إلى فترة قاجار التاريخية. تم تسجيل هذا النصب التاريخي ذو الطراز المعماري الإيراني في قائمة الآثار الوطنية لإيران في عام 2011.