موضوع البرنامج:
أبيات السيد محمد تقي الاصفهاني في ٥ مقامات المهدي
معنى لقب "حجة الله" من ألقابه (عليه السلام)
أوجه الشبه بين المهدي وهود النبي (عليها السلام)
أجوبة السيد محمد الشوكي على أسئلة المستمعين
تعريف بكتاب مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم
قصة تأليف الكتاب المذكور بأمر المهدي (عجل الله فرجه)
قد هاج حزني وقلبي صار منكمدا
لهجر من حسنه للعالمين بدا
خير الورى نسباً شمس الهدى حسبا
وافضل الخلق اعواناً ومحتشدا
قد حاد ذو اللب في ادراك رتبته
والعقل في نعته اعيا وانخمدا
بيمنه تجد الاجيال ثابتة
لولا كرامته الفيتها بددا
من نوره الشمس والاقمار نيرة
من فضله قد ربا ما كان منهمدا
لم يرزق الناس لولا فيض نائله
وما بقوا ساعة في دهرهم ابدا
شمائل المصطفى كانت شمائله
ومحكم الذكر في اوصافه وردا
*******
السلام عليكم مستمعينا الاعزاء ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم جاء مطلعها ابيات من قصيدة في التشوق لامام العصر (ارواحنا فداه) من نظم آية الله السيد محمد تقي الاصفهاني مؤلف كتاب مكيال المكارم وسنقدم تعريفاً بهذا الكتاب القيم في الفقرة الختامية للبرنامج وننقل قصة تأليفه بامر مولانا المهدي (عجل الله فرجه) وذلك بعد ان نستمع لاجابات ضيف البرنامج سماحة السيد محمد الشوكي عن اسئلتكم للبرنامج، وقبل ذلك نستمع لفقرة (المهدي وسنن الانبياء) (عليهم السلام) وفيها بيان لبعض الشبه بينه (عجل الله فرجه) وبين نبي الله هود (عليه السلام).
*******
اما اولى فقرات هذه الحلقة فهي وقفة عند دلالات تلقيب مولانا المهدي بلقب «حجة الله» تأتيك الآن ضمن فقرة:
القاب الشمس
نتابع مستمعينا الاعزاء في هذه الفقرة الحديث عن القاب مولانا المهدي المذكورة في الزيارة المعروفة بزيارة آل ياسين، وهي اهم الزيارات التي يزار بها (عليه السلام) لما ورد في مقدمتها من اشارة الى انها وسيلة لمن اراد التوجه الى الله عزوجل باهل بيت نبيه (صلى الله عليه وآله) لا سيما خاتم الاوصياء (عليه السلام).
واللقب السابع الوارد في هذه الزيارة هو لقب «حجة الله» وهو من الالقاب التي يشترك فيها (عجل الله فرجه) مع سائر انبياء الله واوليائه المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين.
والحجة هي ما يحتج الله عزوجل به على عباده، فيما يرتبط بالقيام بحق العبودية له جل وعلا وقد جاء في الحديث الشريف ان الله على خلقه حجتين باطنة وظاهرة، فالباطنة العقل والظاهرة هي الامام، والاولى تهدي الى العبودية اجمالاً والثانية تفصيلاً.
اي ان الامام (عليه السلام) هو الذي يبين للناس طرق العبودية واوامر الله ونواهيه وسبل التقرب منه عزوجل، ولذلك يجب الرجوع اليه للقيام بحق العبودية لله. وقد اخذ الله تبارك وتعالى على نفسه ان لا يخلي الارض من حجة له على خلقه اما ظاهراً مشهوراً او غائباً مستوراً، ولان له عزوجل الحجة البالغة على خلقه، فهذا يعني امكانية الرجوع الى حجته والاستعانة به لاداء حق العبودية حتى لو كان غائباً مستوراً.
والوسائل التي امرنا بها اهل بيت النبوة (عليهم السلام) للرجوع الى الحجة بن الحسن المهدي (عجل الله فرجه) في غيبته متعددة، منها زيارة آل ياسين المشار اليها ومنها كتابة الرقاع اليه (عليه السلام) والقائها في ماء جار او بئر ونظائر ذلك مما ورد في الاحاديث الشريفة والاطمئنان بوصولها اليه.
ومنها العمل بوصاياه (عليه السلام) التي رواها الثقات وكذلك وصايا واوامر آبائه الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين ومنها مطلق التوسل الى الله عزوجل به (عليه السلام) ومنها العمل بالامور العبادية التي ورد ذكرها في الاحايث الشريفة كوسائل للفوز برؤيته ولقائه (عجل الله فرجه) في غيبته.
مستميعنا الافاضل نقلنا لكم في الحلقة السابقة حديثاً عنه مولانا الامام الصادق (عليه السلام) مروياً في كتاب كمال الدين للشيخ الصدوق، وقد جاء فيه ان نوحاً (عليه السلام) دعا شيعته عندما حضرته الوفاة وقال لهم فيما قال:
اعلموا انه ستكون بعدي غيبة تظهر الطواغيت وان الله عزوجل يفرج عنكم بالقائم من ولدي اسمه هود، له سمت وسكينة ووقار يشبهنى في خلقي وخلقي، وسيهلك الله اعداءكم عند ظهوره بالريح.
ثم قال الامام الصادق (عليه السلام): فلم يزالوا يعني شيعة نوح يرقبون هوداً وينتظرون ظهوره حتى طال عليهم الامد، وقست قلوب اكثرهم فاظهر الله تعالى ذكره نبيه هوداً عند الياس منهم وتناهي البلاء بهم واهلك الاعداء بالريح العقيم. لنا وقفة اعزاءنا مع هذا الحديث في الفقرة التالية:
*******
المهدي وسنن الانبياء
ايها الاخوة والاخوات، المتابعون للبرنامج، يتذكرون باننا تحدثنا في الحلقة السابقة عن سنة البشارة بالانبياء او الاولياء المنقذين الذين يحقق الله الفرج للمؤمنين على ايديهم، وعرفنا انها من السنن الثابتة في سير الانبياء (عليهم السلام). وقد جرت مع مولانا المهدي المنتظر.
وقد جاءت مناسبة الحديث عنه ذلك في مطلع الحديث عن اوجه الشبه بين مولانا المهدي (عجل الله فرجه) ونبي الله هود على نبينا وآله و(عليه السلام) ولا حظتم في حديث الامام الصادق (عليه السلام) ان نوحاً قد بشر بهود (عليهما السلام) وهذا ما جرى مع مهدي آل محمد (عليهم السلام) فقد بشر بظهوره النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) في احاديث كثيرة رويت باسانيد كثيرة وفيها الصحاح من طرق اهل السنة والشيعة، وقد ورد فيها انه (عجل الله فرجه) يشبه النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) خلقا وخلقاً مثلما شابه هود نوحاً (عليهما السلام) خلقاً وخلقاً.
كما ورد في بشارة نوح (عليه السلام) بهود، ان المؤمنين سيلاقون غير واضحه اعتقد انها البلاء والمحن من حكم الطواغيت، الى ان يفرج الله عنهم بالقائم من ولده وهو هود (عليه السلام)، وهذا الامر ايضاً تضمنته الاحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين عن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) حيث ذكر فيها ان الفتن والبلاء سيشتد بامته بعده الى ان يفرج الله عنها بالقائم المهدي من ولده فيملأ الارض قسطاً وعدلاً بعد ان تملأ ظلماً وجوراً.
وتضمنت بشارة نوح (عليه السلام) وصف ولده هود بالقائم وهذا الوصف ورد بكثرة في الاحاديث الشريفة المبشرة بالمهدي الموعود (عجل الله فرجه).
كما تضمنت بشارة نوح اخبار المؤمنين بانه ستكون بعده غيبة لولي الله وحجته على خلقه وهذا ما جرى مع بشارة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) بمولانا المهدي (عجل الله فرجه) اذ اخبر (صلى الله عليه وآله) بغيبة تقع للمهدي قبل ظهوره وهذا ما يبين حقيقة ان وقوع الغيبة من السنن الالهية التي جرت مع الانبياء (عليهم السلام) وسنتحدث في حلقة مستقلة باذن الله عنه هذه السنة الالهية.
*******
اهلاً بكم ومرحباً في هذه الفقرة من فقرات برنامج شمس خلف السحاب ضيفنا الكريم في هذه الحلقة سماحة السيد محمد الشوكي اهلاً به ومرحباً.
السيد محمد الشوكي: اهلاً ومرحباً وحياكم الله.
المحاور: سماحة السيد، الاخت الكريمة فاطمة الجنابي عرضت في رسالتها الكريمة للبرنامج مجموعة من الاسئلة منها هذا السؤال تقول هل ان الخوف على حياة الامام المهدي هو العامل الوحيد في قضية غيبته، هي تنقل مجموعة من النصوص فيما يرتبط في سيرة الامام الكاظم سلام الله عليه وما تعرض له الامام الكاظم من مخاطر مع كثرة التشابه في ظروف كل من الامام الكاظم والامام المهدي (عليه السلام) فلن يغب الاول وانما غاب الثاني، هي تسأل عن سبب ذلك، تفضلوا،
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلي على محمد وآل محمد الواقع انه سبب غيبة الامام سلام الله عليه او العامل الرئيس في غيبة الامام المنتظر(عج) ليس هو الخوف فحسب اولاً لابد من الالتفات الى ان للعامل الغيبي دخل كبير في ذلك، الامام المنتظر عج الله تعالى فرجه الشريف كما ورد في الروايات الشريفة غيب من غيب الله ففي غيبته هنالك سر الهي وهنالك حكمة الهية وتخطيط الهي لا نعرفه بتفاصيله وبدقة وانما الله عزوجل له حكمة وله مصلحة وله تخطيط للامام المهدي (عليه السلام) وللبشرية ولغيبة الامام لا نعرفه على وجه الدقة، الروايات الشريفة الواردة عن اهل البيت سلام الله عليهم كشفت لنا بعض الجوانب من هذه الحكمة وليست هي العلة التامة في التعبير لذلك وانما كشفت لنا جوانب من المسألة من جملة هذه الجوانب هو ما اشارت اليه الاخت من انه يخاف القتل، خوف الامام سلام الله عليه ليس خوفاً علي نفسه وانما خوف على المشروع الالهي الكبير الذي ادخر له الامام المهدي (عليه السلام) فالخوف هو من جملة الاسباب التي ذكرتها الروايات الشريفة لغيبة الامام سلام الله عليه وليس هو السبب المنحصر هناك مثلاً بعض الروايات الاخرى تقول حتى يخرج وليس في عنقه بيعة لاحد من الظالمين بأعتبار ان اهل البيت عليهم السلام اغلبهم كانت لهم بيعة او تقريباً لهم بيعة في اعناق الظالمين وانهم اجبروا على ذلك من منطلق التقية بايعوا الظالمين حفاظاً على دماءهم ودماء شيعتهم لانه الامام (عليه السلام) يغيب حتى لا تكون هنالك بيعة في عنقه، هذه من جملة الاسباب، هكذا نلمح اسباب اخرى ذكرت على لسان الروايات الشريفة.
المحاور: اهمها ما اشارت الاحاديث الى قضية الانصار له، الاستعداد له يعني الامة تتأهل من خلال عصر الغيبة وفترة الغيبة وما تشتمل عليه هذه الفترة تتأهل لان تكون قادرة وجديرة لنصرة الامام سلام الله عليه.
السيد محمد الشوكي: من جملة الاسباب ومن جملتها ايضاً ما المحت اليه الروايات الشريفة ان الله عزوجل اراد ان يعطي الفرصة الكاملة للبشرية لكي تعتمد على نفسها وتجرب كل المذاهب وكل التيارات الفكرية حتى اذا ما وصلت الى مرحلة العجز ورأت ان كل هذه التيارات والمذاهب لا تحقق لها خيرها وصلاحها وكمالها وسعادتها رجعت الى الله تبارك وتعالى والى الاسلام والى الامام المهدي (عليه السلام) ولعل هذا ما يشير اليه الحديث المبارك «دولتنا آخر الدول وما لاهل بيت ان تكون لهم دولة الا وان ملكوا قبلنا حتى اذا قالوا لو رأوا سيرتنا لو ملكنا لسرنا بسيرة هؤلاء» اذن من الممكن ان نتلمس مجموعة اسباب ومجموعة من الحكم ومجموعة من الاعتبارات التي ذكرت صراحة، تصريحاً او تلميحاً لغيبة الامام سلام الله عليه وليس الخوف هو العامل الوحيد وانما الخوف ايضاً ليس هو خوف شخصي ولكن هو خوف على الرسالة والمشروع الالهي الكبير الذي عهد اليه الى الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف نعم ملاحظة الجانب الغيبي في هذه المسألة وان القضيه هي من امر الله ومن تخطيط الله ومن حكمة الله ولا نعرف الا بعض اوجهها ولعل الجزء الكبير غائب عن افهامنا.
المحاور: هنالك وعد من ائمة اهل البيت سلام الله عليهم بأن اسرار الغيب وعللها ستظهر عند ظهوره (عليه السلام)، من ابرز هذا ان تكون الغيبة والمشاهدة والحضور سواء عند اهل الغيبة تشير الى مراتب ايمانية عالية لم تكن تتأتي الامن خلال المرور بهذه التجربة.
السيد محمد الشوكي: بالاضافة الى الاختبار، اختبار المؤمنين، امتحان المؤمنين بأن يومنوا غيباً، لامام حاضر لا يرونه ولا يسمعونه هذا ايضاً من جملة الامور التي يختبر بها الله عباده ليتبين الانسان المؤمن المخلص الواعي من غير ذلك.
المحاور: شكراً لكم سماحة السيد محمد الشوكي وشكراً لكم مستمعينا الافاضل.
*******
نتابع مستمعينا الاكارم تقديم هذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب وننتقل الآن في هذه الفقرة التي نقدم لكم فيها تعريفاً باحد الكتب القيمة المؤلفة في بيان كثير من ابعاد عقيدة مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) في المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) عنوانها:
الامام المهدي في حركة التأليف
اخترنا لهذه الحلقة مستمعينا الاعزاء كتاب مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم وهو من مصنفات العالم الرباني التقي آية الله السيد محمد تقي الموسوي المعروف بالفقيه الاحمد آبادي. وهو من مواليد مدينة اصفهان سنة ۱۳۰۱ للهجرة والمتوفى بها سنة ۱۳٤۸.
وقد اهتم (رضوان الله عليه) بقضية الامام المهدي (عجل الله فرجه) فألف فيها عدة كتب منها (وظيفة الانام في زمن غيبة الامام) و (نور الابصار في فضيلة الانتظار) وكنز الغنائم في فوائد الدعاء للقائم وهي بالفارسية كما انه له تفسير للقرآن الكريم بالعربية وكتب عبادية في آداب الجمعات وصلاة الليل اضافة الى مؤلفات في الفقه والنحو والمواعظ والادب وديوان شعره.
الا ان اهم واشهر مؤلفاته هو كتاب مكيال المكارم المذكور الذي يعد من اجمع الكتب المؤلفة في موضوع معرفة الامام المهدي وحقوقه وسبل الارتباط به (عليه السلام) وقد اشتمل الكتاب على كثير من الفوائد مستنبطة من النصوص الشريفة. وقد خصص الباب الاول للبحث في الادلة الشرعية النقلية والعقلية لوجوب معرفة مولانا المهدي (عليه السلام)، وانتقل في الباب الثاني الى اثبات كون المهدي بن الحسن العسكري (عليهما السلام) هو امام زماننا مستنداً الى النصوص والمعجزات الصادرة عنه (عليه السلام).
وفي الباب الثالث تحدث رضوان الله عليه عنه نبذة من حقوق امام العصر على المؤمنين وبركاته في عصر غيبته وعصر ظهوره (عجل الله فرجه)، ثم انتقل في الباب الرابع الى بيان الجهات او الاسباب الموجبة للدعاء للامام المهدي وتعجيل فرجه وفيه اشارات كثيرة الى البركات التي تحصل للبشرية جمعاء في عصر ظهوره (عليه السلام).
*******
وسنستعرض باقي ابواب الكتاب في الحلقة المقبلة ان شاء الله اما الآن فنختم الحديث بذكر قصة تأليفه له بأمر من مولانا المهدي في الفقرة التالية وهي:
الفائزون بلقاء الشمس
قال آية الله الاصفهاني في مقدمة كتابه مكيال المكارم مبيناً سبب تأليفه: «وقد ذكرت في الباب الثامن من كتاب ابواب الجنات في آداب الجمعات نيفاً وثمانين فائدة من الفوائد الدنيوية والاخروية المترتبة على الدعاء لفرجه (صلوات الله عليه) ثم سنح لي ان افرد لذلك كتاباً يشتمل على تلك الفوائد، فعاقني عن ذلك نوائب الزمان وتوارد الاحزان حتى تجلى لي في المنام من لا اقدر على وصفه بالقلم والكلام اعني مولاي امامي المنتظر وحبيب قلبي المنكسر، وقال لي ببيان ابهج من وصل الجيب...».
ثم ذكر رحمه الله اللفظ الفارسي لامر الامام (عليه السلام) وترجمته العربية هي: «الف هذا الكتاب وباللغة العربية وسمه: مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم..».
ايها الاخوة والاخوات وها نحن قد وصلنا الى ختام هذه الحلقة من البرنامج، ومسكها ان ندعو الله عزوجل بان يعجل في فرج مولانا المهدي المنتظر ويجعلنا واياكم من خيار مواليه وانصاره اللهم آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******