الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
واحد الصادقين الذين لمعوا في تاريخ الامامية على مستوى الجهاد وعلى صعيد العطاء وتزكية النفس هو المرحوم السيد حسين ابن السيد دلدار الرضوي اللكنهوي المعروف في زمانه بسيد العلماء، هو من مواليد بلاد الهند عام 1211 هـ ونشأ هناك يترعرع على اخذ العلم حتى اصبح نادرة من نوادر الدهر وفقيهاً من الفقهاء المشهورين حتى شاع حديثه وفضله في الاصقاع والبقاع وذكر مترجموه انه من المتميزين الذين بلغوا مرتبة الاجتهاد وهو ابن السابعة عشر من عمره وفي ذلك السن صنف بحثاً فقهياً قيماً في تجزي الاجتهاد يعني يقال فلان مجتهد متجزأ فألف بحثاً فقهياً في هذا المجال والف رسالة اخرى في حكم الشك في الركعتين الاوليتين فأعجب بهذا البحث او بهذين البحثين العلماء والفضلاء واستأنس بهما كل من قرأهما فتطور واخذ يصنف ويكتب ولما انتج مجلدين من كتابه مناهج التحقيق ارسل هذين الكتابين او المجلدين الى النجف الاشرف الى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر في النجف فلما وصل المجلدان انبهر بهما المرحوم صاحب الجواهر وهو له مكانته وله موقعه فكتب اليه من النجف الاشرف مقرضاً ومشوقاً في رسالة مطولة اذكر منها هذه الجملة يقول الشيخ صاحب الجواهر ضمن رسالته «وبالله اقسم ان مناهج التحقيق - وهن اسم كتاب السيد حسين الرضوي- معناها كأسمها اذ انها منهج التدقيق لمن اراد للتدقيق سبيلاً ومعارج التحقيق لمن رام على التحقيق دليلاً وهداية الحق لطالب الحق ونجاة الصدق لمن يريده» والكلام للمرحوم صاحب الجواهر ثم يكتب له في آخر الرسالة «ان رجائي ممن هو كعبة رجائي ان ترسل باقي اجزاء المناهج ان كانت له بقية والا فأملي والتماسي السعي في اتمامه والتماسي لكم بل الزامي اياكم الجد في ذلك ليقر به ناظري ويبتهج به خاطري» والخ الرسالة وهي رسالة جميلة طبعاً انا اعلق هنا على اهمية هذه الكلمات وخصوصاً قلت من صاحب الجواهر الذي هو من الذراع القوي للفقه الجعفري في زمانه بحيث يطلب من السيد حسين الرضوي ان يرسل اليه بقية الاجزاء وان يستمر في كتاباته مما يدل على اهمية علمه وقيمة عطاءه وقلمه والسيد حسن بن السيد دلدار الرضوي لم يكن شخصية على المستوى العلمي فقط بل على السمتوى الاجتماعي والشعبي فقد كان مرجعاً يلجأ اليه اصحاب الامور والمهام وتجبى اليه الاموال مسموع الكلمة مطاعاً في قومه وبلاده خصوصاً في تلك السنين العجاف كانت الامور الاقتصادية متعكرة جداً في العراق وبسبب فضائع العثمانين والنواصب والناس يعيشون اسوأ حالات الضيق المادي خصوصاً في العتبات المقدسة في النجف الاشرف وفي كربلاء المقدسة كان المرحوم السيد حسين بن السيد دلدار احد الممولين للعتبات المقدسة في العراق كانت مساعداته على كل الاصعدة للناس للطلبة وللعتبات خصوصاً في تلك الظروف القاسية وكان اغلبها يصل عن طريق المرحوم صاحب الجواهر وكان يتولى توزيعها، يجب ان نأخذ بنظر الاعتبار لا الوضع المادي فقط، الوضع السياسي، تمويل العتبات تمويل الحوزات في تلك الايام العصيبة وفي ذلك الظلم والقمع هذا ليس بالامر السهل حمل الاموال لان ما كانت الحوالات تكون بالطرق البنكية كما هي اليوم وانما تنقل بعينها الاموال وعبر تلك الطرقات الصعبة الخ، فيقول مترجموه ان المرحوم السيد حسين بن السيد دلدار كان يرسل سنوياً ثمانين الف ليرة ذهبية عثمانية الى المرحوم صاحب الجواهر في هذا المجال، كما ارسل رحمه الله آلاف الروبيات لتفضيض ضريح ابي الفضل العباس لانه كان صندوق خشبي، ارسل هذه الاموال صاغوه من الفضة كما ارسل مثل ذلك من المال لبناء وتعمير مسجد الكوفة وتعمير مشهد مسلم بن عقيل(ع) وهكذا يذكر المترجمون الكثير من مشاريعه وخدماته ومساعداته حتى ان تلميذه السيد محمد عباس الذي كتب كتاباً في ترجمة احواله اسماه اوراق الذهب ذكر في هذا الكتاب عن المرحوم السيد حسين الرضوي اياديه البيضاء الخالدة في خيراته وحسناته ومن آثاره الخالدة المدرسة السلطانية بالهند وهذه ليست كما هي مدارسنا الحالية وانما اهميتها في موقعها ودقتها ووقتها لانها شكلت جامعة تزود عموم الهند بالعلماء والمبلغين والباحثين، انشأها عام 1259هـ كان الطلاب آنذاك يشدون اليه الرحال من المناطق والبلدان النائية طبعاً كان في المدرسة مدرسون كفوئون وكان المرحوم السيد حسين الرضوي يتولى الانفاق عليها وطبعاً في الوقت المتبقي من هذا البرنامج اذكر له هذه الحسنة الكبيرة والشهيرة وهو ايصال ماء الشرب الصالح الى مدينة النجف وقد بلغته الاخبار ان اهل النجف الاشرف والزوار والطلبة يشربون الماء الملوث المستخرج من آلابار فأرسل مبلغاً خيالياً من الهند والمبلغ ثمانين الف ليرة عثمانية من الذهب الى الشيخ صاحب الجواهر لحفر نهر وشق السواقي لايصال الماء من الفرات الى النجف وفعلاً نفذ المشروع وبعد وصول الماء حفروا نهراً عظيماً يسمى نهر آصف الدولة الى قرب باب السور في النجف الاشرف من الجانب الشرقي ووصل الماء وكان المرحوم صاحب الجواهر ينوي ادخال تحسينات على النهر لكن الاجل وافاه فتعطل المشروع اجمالاً اقول ان السيد حسين بن السيد دلدار الذي اتحدث عنه كان المدرس الوحيد في عصره للفقه والاصول في تلك المنطقة ومؤلفاته تجاوزت الثمانية عشر مؤلفاً من مختلف الفنون والعلوم ومنها تفسير مهم له كما عرف بتشجيعه على نشر المآتم الحسينية وله في ذلك كتاب اسمه المجالس المفجعة توفي رحمة الله عام 1274 ودفن بجنب والده في مقبرة العلماء في الهند في حسينية غفرمآب في لكنة وقد ارخ وفاته المفتي محمد عباس التستري بقوله:
نادى له الروح الامين مؤرخاً
لتهدمت والله اركان الهدى
نسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******