الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقات المخلصات لاهل البيت في مجال اعمالها الصالحة هي المرحومة الحاجة انيس الدولة زوجة السلطان ناصر الدين شاه القاجاري. هذه المرأة مصداق من المصاديق لاصحاب الباقيات الصالحات ونسأل الله ان يجعلها من اصحاب الباقيات الصالحات وان كان هذا هدف صعب المنال لكن الله يرزق ان شاء يرزق عباده هذه المرأة المؤمنة الحاجة انيس الدولة كانت محبة لاهل البيت ومتفانية بحبهم بشكل عجيب وتعلمون ايها الاخوة المستمعين ان مرأة بهذا الجو وبهذا الموقع زوجة السلطان هي في القمة من حيث المال ومن حيث الشأن ومن حيث وفرة كل المقومات بهذا الموقع هي لم تمل نحو الهوى ونحو الدنيا ولن تنصرف عن الجانب الروحي عن اهل البيت وعن دينها وايمانها، هذا من مؤشرات التوفيق الالهي فهذه المرأة - انا لم اعثر لها على ترجمة مفصلة- كما ذكره السيد الامين رضوان الله عليه في كتابه الاعيان استند الى ما ذكره صاحب كتاب الخيرات الحسان وكل ما حصلنا عليه رغم اطلاعي المحدود ان هذه المرأة كانت من عاقلات النساء واشتهرت بالتقوى والكرم والشهامة واشتهرت بالمبرات والاعمال الصالحة ولعل هناك من يقول او يدور في ذهنه انها كزوجة سلطان والمال ميسور، التاريخ يقول ان هذه المرأة هي ذاتياً كانت ثرية ومن عائلة ثرية وكانت تقوم بهذه الاعمال الصالحة من اعمالها الخاصة فأشتهرت بمبرات كثيرة ودور للايتام وبناء مساجد، اني لم اعثر على تاريخ ولادتها او كذلك تاريخ وفاتها لكن اعرف انها دفنت في النجف الاشرف بالرواق وبجوار امير المؤمنين(ع) والى ان غادرت النجف عام 80 كانت على قبرها صخرة مكتوبة فيها انه قبر فلانة والخ.
اما اعمالها الخيرية مثلاً اهدت قطعة الماس ثمنية جداً ولعلها من قطع الماس النادرة في الدنيا اهدتها لحرم امير المؤمنين وتقدر قيمتها بمئات الملايين وهذه قطعة الالماس كانت موجودة حتى السنين الاخيرة في خزانة الامام امير المؤمنين(ع) وايام طفولتي في الانجف الاشرف كنت استمع ذات يوم الى المرحوم السيد عباس الكليدار، السيد عباس الرفيعي سادن حرم امير المؤمنين كان يتحدث الى جمع من العلماء والخطباء عن بعض محتويات خزانة امير المؤمنين وذكر هذه الالماسة الثمينة التي اهدتها الحاجة انيس الدولة زوجة السلطان ناصر الدين شاه القاجاري مثلاً تبرعت بضريح للامام الحسين(ع) من الفضة كما اهدت ستراً- بردة- ثميناً مطعماً بالؤلؤ لضريح سيد الشهداء وكان هذا الستر موجوداً على صندوق قبر ابي عبد الله الحسين حتى السنين الاخيرة ومن اعمالها وآثارها تاج صغير موجود الى الآن في متحف الامام الرضا(ع) مطعماً بالالماس كما من اعمالها صنعت باباً فضياً لمسجد كوهرشاد المعروف بجانب حرم الامام الرضا(ع) كتبه المؤرخون عنها ولها موقوفات وهذه معظمها محصورة لخدمة اهل البيت ونشر آثارهم مثلاً كانت مولعة بأقامة مجالس العزاء ايام عاشوراء وايام الفاطمية وفاة الزهراء(ع) فمن اجل ابقاء هذه الآثار حية وقائمة اوقفت مباني اوقفت سوقاً في مدينة مشهد، اوقفت ربع هذه الاسواق والمباني لاقامة عزاء ابي عبد الله الحسين كل عام ايام عاشوراء مع الاطعام، اشترت منطقة تسمى بقرية كاشنك اسكنت فيها بعض الفقراء واوجدت فيها اسواقاً واوقفت ذلك لخدمة اهل البيت ونشر مجالسهم ومن اعمالها ومبراتها بناء الجسور والقناطر، تعلمون مسألة الطرق مسألة كانت صعبة قديماً، ابناء القرى كانوا يأتون على الحيوانات ويركبون الحمير وغيره ويتنقلون وكانت ترع المياه خصوصاً ايام السيول يغرق فيها الكثير من الناس فهي انشأت قناطر على غرار القناطر الخيرية، بنت جسور، بنت خانات يأمها الزوار وينامون فيها وقناطر لخدمة الناس وعلى حسابها الخاص وقرأت ايضاً ان من اعمالها ومبراتها الخيرة طبعت الجزء المتضمن احوال الزهراء فاطمة من كتاب ناسخ التواريخ وكان يوزع مجاناً طبعت منه بالالاف نظراً للحاجة الماسة لذلك لان قضية الزهراء وقضية مظلومية الزهراء كانت تشكل العصب الحساس للحالة التي حدثت المؤسفة بعد وفاة رسول الله(ص) وطبعاً بين فترة واخرى وبين جيل وجيل يكون هناك سعي حثيث لطمس ما يرتبط بالزهراء ومظلوميتها حتى اني مرة شاهدت في التلفزيون احد العلماء يتحدث فسأله سائل بالهاتف من كندا وكان هو يتحدث عن الزهراء وفضلها وعظمتها سأله السائل بالهاتف وقال لم تذكر لنا كيف توفيت الزهراء وهي بنت ثمانية او تسعة عشر سنة ما ان سأله حتى صعق هذا الرجل وكأن السقف انهار على رأسه واخذ يتهرب من الحديث اذن قضية الزهراء(ع) كانت مهمة بالنسبة الى تراث اهل البيت لذلك عمدت المرحومة هذه الحاجة انيس الدولة زوجة السلطان ناصر الدين شاه بالاضافة الى اقامتها عزاء سيد الشهداء والاطعام ايام الفاطمية كانت قد اوقفت قسماً من اموالها على اقامة ذكريات الزهراء، ناسخ التواريخ هذه دورة كبيرة، موسوعة اكثر من ستة وتسعين مجلد من الطراز القديم لو يطبع بالطراز الجديد فهو اكثر، قسم منه والمجلد الخاص من ناسخ التواريخ الذي يتضمن موضوع الزهراء ومظلوميتها تبرعت على حسابها بطبعه بالالاف وكانت توزعه على الركبان وعلى الزوار وذلك من اجل ان تبقى قضية الزهراء حية وناضجة ومتحركة على الاذهان نظراً لاهميتها.
نسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة ومزيد الرضوان لهذه المرأة صاحبة الباقيات الصالحات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******