وسورة "ق" المباركة هي السورة الـ50 من المصحف الشريف ولها 45 آية مباركة وتصنف ضمن الجزء 26 من القرآن الكريم وهي السورة الرابعة والثلاثون بحسب ترتيب نزول السور على رسول الله (ص).
ومن أسباب تسمية سورة "ق" بهذا الاسم أنها تبدأ أول آية في السورة بأسلوب قسم يبدأ بحرف القاف، حيث قال تعالى (ق والقرآن المجيد)، وحرف القاف هو من الحروف المقطعية التي تم استخدامها في أكثر من موضع في القرآن الكريم، كنوع من أنواع التحدي للعرب الذين يعرفون كل شيء على لغتهم، ولا يقسم الله سبحانه وتعالى إلا بالأشياء العظيمة.
وترفع السورة دعوة الدين الإسلامي وتشرح ما يدعو له الإسلام وتتطرق إلى مبدأ المعاد ورفض المشركين له وإلى دهشة المشركين بموت الإنسان وحياته بعد الموت ثم ترد على تشكيكهم في المعاد ثم تحذرهم من الهلاك في حال أنكروا الحياة بعد الممات.
وتشير السورة إلى خلق السماوات والأرض والنجوم وخلق الجبال والنبات من ذكر وأنثى وإنزال الماء من السماء ورزق العباد وإحياء الأرض بالماء.
وفي هذه السورة المباركة، وبَّخ الله -عزَّ وجلَّ- الكفار لأنَّهم لم ينظروا إلى ما خلق في هذا الكون؛ كالسماء كيف بناها ورفعها فوقهم، وأحسن منظرها وأنارها وزيَّنها بالنجوم والكواكب، وكيف بسط الأرض، وخلق فيها الجبال الثابتة التي لا تتحرَّك مع الرياح، وكيف أنبت فيها من كلّ الأصناف المختلفة في اللون والحجم والشكل.
وكلّ هذا لتذكير عباده المنيبين إليه الراجعين له، وذكرت الآيات الكريمة مظاهر أخرى من قدرة الله في خلق الكون، حيث أنزل الماء من السماء ليُنبت الأشجار القائمة في البساتين، والزروع التي تُحصَد، والنخل العالي، وخصَّ النخيل بالذكر لأنَّها أشرف الأشجار، وما ذلك كلُّه إلاّ رزق للعباد، وفضل من الله وعطاء لهم، وإحياء للأرض الميتة.
وأيضا تتحدث السورة عن يوم الحساب وعما ينتظره بعد الممات فإن كان من الكافرين سيكون في النار وإن كان من المتقين سيكون في الجنة.
وفي سورة "ق" مقاصد عديدة، وأهم مقاصدها يأتي فيما يلي:
1 ـ تذكير الناس بعظمة القرآن الكريم وشأنه العظيم، خصوصًا أنّ سورة "ق" ابتدأت بالقسم بالقرآن المجيد، وهذا تشريفٌ عظيم، لأنّ الله -تعالى- لا يُقسم إلا بالأشياء العظيمة.
2 ـ بيان تكذيب الكفار للرسول -عليه الصلاة والسلام- لأنه من البشر.
3 ـ الاستدلال على إثبات قدرة الله -تعالى- على البعث، وأن البعث ليس بأصعب من خلق السماوات والأرض وما فيهنّ، وكيفية إعادة نشأة النباتات وإحياء الأموات.
4 ـ كشف تنظير المشركين وتكذيبهم لرسالة الإسلام وإعادة البعث.
5 ـ التذكير بالوعيد الذي أعدّه الله من عذاب الآخرة للكفار والمشركين الذين أنكروا يوم الحساب وقالوا أنّ الله لا يستطيع إعادة إحياء الموتى.
6 ـ وعد الله للمؤمنين بنعيم الآخرة، وما سيلاقونه يوم القيامة من جزاء لأنهم آمنوا بالله وحده ولم يكذبوه كما فعل الكفار والمشركون.
7 ـ تسلية الرسول -عليه السلام- بعد أن كذبه المشركون، وأمره الله بالإقبال على طاعته وترك أمر الكافرين والمكذبين إلى يوم القيامة، ولو أن الله أراد لأخذهم الآن لكن حكمة الله تركتهم ليوم القيامة.
8 ـ مدح المؤمنين يوم البعث، وكيف أنّ الله أعدّ لهم جزاءً حسنًا. وبيان الله -تعالى- يعلم الغيب وما يخفى من الأمور، ويعلم ما في خواطر النفوس.