الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
رحم الله شاعر اهل البيت ونجم من نجوم الصادقين وفقيه من فقهاء مدرسة الامام الصادق(ع) وهو المرحوم الشيخ جعفر بن نجيب الدين المشهور بأبن نما الربعي، نجم الدين ابن نما الربعي، كأن حينما نمر بمدينة الحلة الفيحاء نمر بمشاهد مهمة وبمزارات مقدسة في مدينة الحلة الفيحاء في العراق هناك آثار مهمة لعديد من المراجع والعظماء والادباء لان الحلة الفيحاء كانت في فترة من الفترات تزخر بجمهرة كبيرة من اساطين الفقهاء والشعراء مثل العلامة الحلي، ابيه ابن المطهر او مثل ابن طاووس وغير ذلك، وعلى محاذاة من قبر السيد بن طاووس يقع قبر مهم ومشهور يعرف بقبر العلامة ابن نما الحلي فمن هو ابن نما؟ هو من اعاظم الفقهاء وكان عظيم الشأن، جليل القدر وهو احد اساتذة العلامة الحلي، اتذكر من ايام الصبا كنت استمع الى كبار الخطباء وهم يستشهدون ببيتين المرحوم ابن نما كأنه حينما يأتي الحديث عن فضائل امير المؤمنين(ع) او حينما يستشهد الادباء بالجناس في علم الادب او حالة الجناس يعني كلمة واحدة ولكن ذات معاني متعددة او تتعدد الكلمة ولكن كل كلمة لها معناها فلما يستشهدون بالجناس او يستشهدون بالحديث عن فضائل امير المؤمنين(ع) كانوا يستشهدون بهذين البيتين ولم اعرف هل هما لنجم الدين ابن نما ام لابيه محمد ابن نما لان ابوه ايضاً من الكبار وربما اتحدث عنه في حلقة قادمة والبيتان هما:
جاد بالقرص والطوى ملأ جنبيه
وعاف الطعام وهو سغوب
فأعاد القرص المنير عليه القرص
والمقرض الكرام كسوب
طبعاً هنا يشير الى ايثار امير المؤمنين مع الزهراء والحسنين(ع) حينما آثروا المسكين واليتيم والاسير، ثلاثة ايام لم يأكلوا طعامهم، هذا امر يكفينا عنه الحديث والقرآن الكريم في 18 آية في سورة هل اتى ومن جملتها «ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً واسيراً» فهوا بن نما يشير الى ان احد المكافآت للامام امير المؤمنين مقابل هذا الايثار هي معجزة رد الشمس:
فأعاد القرص المنير عليه القرص
والمقرض الكرام كسوب
والجناس هنا في صدر البيت، في هذا المجال يجدر ان اشير الى ان ابي الحديد المعتزلي رحمه الله في احدى علوياته اشار الى هذا المعنى ايضاً رأيت هنا مناسب ان اذكر هذا البيت لابن ابي الحديد يشير الى معجزة رد الشمس كمكافأة لما قدمه امير المؤمنين من ايثار يقول:
امام هدىً بالقرص آثر فأقتضى
له القرص رد القرص ابيض ازهرا
وعرف ابن نما بأنه كان كثير الحساد، بعد كل ذي نعمة محسود واي نعمة اكبر من نعمة العلم وخصوصاً اذا كان في طريق الحق فكان يعرف ابن نما نفسه بمقطوعة شعرية كتبها على ما يبدو الى بعض حاسديه:
انا ابن نما اما نطقت فمنطقي فصيح
اذا ما مسطع القوم اعجما
وان قبضت كف امرء عن فضيلة
بسطت لها كفاً طويلاً ومعصما
بنى والدي نهجاً الى ذلك العلى
وافعاله كانت الى المجد سلما
يروم اناس هدم ما شيد العلى
وهيهات للمعروف ان يتهدما
يروم حسودي نيل شأني سفاهة
وهل يقدر الانسان ارتقاء السما
منالي بعيد ويحك نفسك فتأد
فمن اين في الاجداد مثل التقى نما
هنا اشير الى ابن نما انه كان له باع كبير في الفقه والاصول وكتب كتباً كثيرة ووفيرة ولكن ارتباطه بأهل البيت وصلته بأهل البيت لا توجد نعمة من الله على العبد تضاهي نعمة الارتباط بأهل البيت ومودة اهل البيت(ع)، ابن نما كتب كتب وفيرة في معظم العلوم ولكن ارتباطه بآل الرسالة وبالزهراء وابناءها ونزعته المشهورة في الذوبان بهم والتأثر بمصائبهم غلبت على كل حالاته وهو الذي اتحدث عنه ابن نما صاحب المقتل النفيس المشهور بمثير الاحزان لكن من المقاتل المأثورة هذا مثير الاحزان، معظم الخطباء الاوائل واساتذتنا القدماء انهم عندما كانوا يذهبون للقراءة في مدن الخليج في الاربعينيات لاحظوا في ذلك الزمن ان المجالس كانت منتظمة على هذا الاسلوب وهو ان يقرأ شبء من السيرة قبل ان يرتقي الخطيب المنبر وكانوا يسموه بالفخري، واحد في الزاوية في المأتم في الحسينية يقرأ شيء من السيرة كل يوم في كل مجلس قبل الخطيب يسموه الفخري وهناك طريقة تقليدية خاصة لقراءة هذا الفخري فالخطباء يذكرون ان السيرة المألوفة او الفخري كان من كتاب مثير الاحزان خصوصاً بالبحرين، كنت اجلس في مكتبة الحيدرية في النجف ومعظم المكتبات كان الزوار من البحرين يتهافتون على شراء الكتاب المثير للاحزان وهذا الكتاب طبع في النجف الاشرف اكثر من مئة مرة وربما طبعته المطبعة الحيدرية بالخمسينيات كما اتخطر اكثر من عشرين طبعة، كتاب موفق وله كتب اخرى مثلاً في موضوع اهل البيت كتاب اخذ الثار في احوال المختار، يدافع عن المختار دفاع وجداني وكما انه له العديد من القصائد في اهل البيت لم اعثر له على ديوان غير ان شعره متناثر في العديد من الكتب قرأت له مقطوعة يقول:
ان كنت في آل الرسول مشككاً
فأقرأ هداك الله في القرآن
فهو الدليل على علو محلهم
وعظيم فضلهم وعظم الشان
وهم الودائع للرسول محمد
بوصية نزلت من الرحمن
وقرأت له مقطوعة من قصيدة لاذعة قصيدة مشجية في الحسين(ع) قال فيها في رثاء الحسين:
وقفت على دار النبي محمد
فألفيتها قد اقفرت عرصاتها
وامست خلاءً من تلاوة
قاريءً وعطل فيها صومها وصلاتها
فأخلت من السادات من آل هاشم
ولم يجتمع بعد الحسين شتاتها
فعيني لقتل السبط عبرى
ولوعتي على فقدهم لا تنقطع زفراتها
توفي ابن نما عام 680 هـ ودفن الحلة، تغمده الله برحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******