الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين في وفائهم لاهل البيت(ع) ومن الشهداء، هو المرحوم الشهيد هاني بن عروة المرادي تغمده الله بواسع رحمته، يقول الفرزدق:
فأن كنت لاتدرين ما الموت
فأنظري الى هاني في السوق وابن عقيل
الى بطل قد هشم السيف وجهه
وآخر يهوى من ذمار قتيل
هاني بن عروة مشهده يزار في مسجد الكوفة مقابل مشهد الشهيد مسلم بن عقيل(ع) وهو رئيس قبيلة بني مراد كان اذا تحرك تحرك بأربعين الفاً، كان زعيم مذحج، مذحج تنتهي الى آل مراد وصحابي مجاهد واستشهد وله من العمر اربعة وثمانون سنة، هاني بن عروة هو الذي اضاف مسلم بن عقيل(ع) وحول داره الى قلعة لاهل البيت ومركز لمبايعة مسلم بن عقيل والحسين(ع)، لكن ابن زياد والذي دخل لتوه الكوفة جند بعض عناصره لاختراق بيت هاني بن عروة واظهار انه من المتفاعلين مع مسلم بن عقيل وكان هذا العنصر وهو معقل ينقل الاخبار اولاً بأول لعبيد الله بن زياد وكان قد تشفع بمسلم بن عوسجة وبايع مسلماً وحلف واعطى العهود والمواثيق ليكتمن ولينصرن ولينصحن لكن كان سراً يعمل بريداً ومخبراً الى ابن زياد، في الاثناء مرض هاني بن عروة فجاء الخبر ان ابن زياد يريد عيادة هاني وفي الواقع كان هذا مثار شبهة لانه كيف علم بمرضه بهذه السرعة ثم لم تكن هناك علاقة بتلك الصورة بين ابن زياد وهاني الا ان ابن زياد عنون ان هاني بن عروة من شخصيات الكوفة وكونه رئيس قبيلة بني مراد فلابد من عيادته، يقول عمارة السلولي اقترحت على هاني ان نتخلص من ابن زياد في بداية امره، قلت له انه عائدك هذه الليلة فنقتله ونتخلص منه ولم يرجح الفكرة هاني وفعلاً جاء ابن زياد وعاد هاني بن عروة وخرج، بعد هذه الحادثة بعشرة ايام مرض شريك بن الاعور وهو ايضاً كان ضيفاً عند هاني، لان بيته كان مأوى فشريك ابن الاعور كانت تربطه صلى بأبن زياد ولكنه كان شديد الولاء لاهل البيت فأرسل اليه ابن زياد بأني عائدك هذه العشية ولما علم شريك بن الاعور انه سيعوده هذه الليلة طرح على مسلم بن عقيل فكرة الاطاحة بأبن زياد واغتياله حينما يعوده ووعده ان ابن زياد اذا انتهى امره فأني سأكفيك الامور واحتل قصر الامارة الا ان مسلم بن عقيل تأمل في الامر، فعلاً صار الليل وجاء ابن زياد وجلس عند رأس شريك وكان شريك غير مستقر فمر يومئ بحاجبيه الى مسلم بن عقيل ومرة يحاول بحركات ولم ير تفاعلاً، اخذ يردد هذا البيت:
ما الانتظار بسلمى لاتحيوها
كأس الندامة بعد الموت تسقوها
وكان يهمز الى مسلم بن عقيل(ع) فتريب ابن زياد من هذه الحالات والحركات واستعجل الخروج ولكن بقي ابن زياد يطلب تفسيراً علم بواسطة جواسيسه (معقل هذا الجاسوس) بالذات كل مادار وخطط، وبعد خروجه عاتب شريك مسلماً عدم الاستجابة لرغبته لكن مسلم اعتذر منعني عن ذلك امران، اولاً كراهية هاني لقتله في منزله وثانياً ان النبي قال ان الاسلام قيد الفتك فلا يفتك مسلم بمسلم، الاخلاقيات في التعامل مع العدو، يفرضها الاسلام بهذا النوع والاسلوب، بعد هذه الحالة بيومين يستدعي ابن زياد هاني بن عروة فلما حضر اليه كان شريح القاضي جالساً، صاح شريح اتوك بالخائن، لما رأى هاني، فأدرك هاني شرالقضية وعمق القضية وهنا يصرخ ابن زياد بهاني ويقول ياهاني ما هذه الامور التي تربص بدارك، جئت بمسلم بن عقيل وجمعت له الاموال والسلاح وانزلته في بيتك والله لا تفارقني حتى تأتيني به وتسلمه الي فرد هاني بغضب وانزعاج، آتيك برجل استجارني وحل بضيافتي وهو رسول ابن بنت رسول الله، والله لو كانت رجلي على رجل طفل لآل محمد لما رفعتها حتى تقطع عن جسمي، فنهض ابن زياد وهو في حالة هستيريا وفي حالة تشنج قال والله لاقتلنك فقال هاني والله لتكثر البارقة حولك، كان يؤمل بأن عشيرته ستتحرك وستقوم برد فعل سريع فلما رد على ابن زياد، قال ابن زياد تهددني بقومك ادنوه اليّ واخذ السوط وجعل يضربه، يضرب هاني على وجهه حتى هشم وجهه وسالت الدماء على بدنه، هذا المعنى الذي اشار اليه الفرزدق:
الى بطل قد هشم السوط وجهه...
وامر ابن زياد بزجه في الزنزانة وفعلاً لما حبس القصر طوّق من قبل قبيلة هاني لكن ابن زياد قد ارسل اليهم شريحاً، شريح القاضي خطب فيهم وهدأهم بأن المسألة عادية ولا تعدو محضر تحقيق وسيفرج عن هاني وان موقفهم هذا سيعقد الامور ويأزمها وفعلاً فرقهم وبقي هاني بن عروة(رض) في السجن الى ان استشهد مسلم بن عقيل، يوم استشهاد مسلم بن عقيل قتل هاني واخذ جلاوزة ابن زياد يسحبون مسلماً وهاني برجليهما بالحبال ويسحبونهما في الازقة والشوارع الا ان قبيلة مذحج هبت واستولت على جسد هاني وواروه الثرى بجوار مسجد الكوفة وهذه قضية عدم استجابة هاني او رضاه لمقتل ابن زياد في بيته، هذه شكلت لغطاً عند البعض، وعيت في النجف الاشرف على هذا الموضوع، البعض كانوا يذهبون الى زيارة مسلم وما يزورون قبر هاني، لماذا لم يوافق ولم يرض، لكن قطع دابر هذا التشكيك حينما ذهب المرحوم العالم الجليل العبقري الشيخ محمد رضا آل ياسين وزار مسلماً وزار قبر هاني قبله ونظم الابيات التي نقشت على الكاشي آنذاك:
ان جئت كوفان يوماً وطفت تلك المغاني
زر مسلم بن عقيل وحيي مرقد هاني
تفز بما ترتجيه من المنى والاماني
وبعد ذلك دأب العلماء على ان يزوروا المشهدين في آن واحد أسأل الله لهذا البطل الشهيد الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******