موضوع البرنامج:
لقب الغيب هو من القاب الامام(عج)
مظاهر حب وترسيخ محبة الامام في القلوب
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (والذي بعثني بالنبوة انهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته كالانتفاع بالشمس إن سترها سحاب).
المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله عالم الغيب والشهادة والصلاة والسلام على احب الخلق اليه وهداة عباده اليه محمد وآله الطيبين. اللهم صل وسلم على الغيب الذي يؤمن به المتقون والذي تعرفه القلوب بنور البصيرة قبل معرفة العيون خليقتك الكامل في ارضك وصاحب ليلة القدر التي تنزل عليه فيها الملائكة والروح باذن ربهم من كل امر حكيم مولانا وامام زماننا المهدي المنتظر ارواحنا فداه.
السلام عليكم احبتنا ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم ومرحباً في الحلقة الثانية والستين من حلقات هذا البرنامج نتابع فيها السعي للحصول على معرفة اعمق بامام زماننا الحجة بن الحسن سلام الله عليهما، من خلال التدبر في دلالات الالقاب التي اطلقتها عليه الاحاديث الشريفة ومنها لقب الغيب الذي ورد ذكره في الاحاديث الشريفة، تطبيقاً لبعض استخداماته في الآيات الكريمة، باعتبار ان الامام المهدي ارواحنا فداه هومن مصاديق هذا العنوان في عصر غيبته.
روى الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين وغيره من المحدثين عن الامام الصادق عليه السلام في قوله تعالى: «هديً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب» قال: الغيب هو الحجة الغائب وشاهد على ذلك قول الله عزوجل: «ويقولون لولا انزل عليه آية من ربه فقل انما الغيب لله فانتظروا اني معكم من المنتظرين».
لايخفى ايها الاخوة والاخوات ان الغيب الذي تذكره الآية الكريمة هو عنوان عام يشمل كثيراً من الحقائق الوجوديه. اولها الله عزوجل وهو اسمى مصاديق الغيب. كما يشمل وجود الملائكة والجن والشيطان والجنة وعوالم البرزخ والقيامة وغيرها. فهي حقائق وجودية غير محسوسة شهوياً للجميع، لكن الادلة العقلية او النقلية دلت على وجودها فآمن بها المؤمنون وهذا العنوان الكلي للغيب يصدق على الايمان بالامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في غيبته التي لا يتيسر للجميع فيها الاتصال به عليه السلام والايمان بوجوده بواسطة الدليل الحسي. لكن الادلة العقلية والنقلية دلت على وجوده ارواحنا فداه واتم آباؤه عليهم السلام الحجة بتوفير كل ما يلزم لاثبات وجوده وامامته لكي يدفعوا عن المؤمنين الشكوك التي يثيرها الشيطان تجاه ذلك مستغلاً عدم تيسر رؤيته والاتصال به في غيبته عجل الله فرجه.
ورغم ان هذه الادلة كافية للايمان بهذا المصداق من مصاديق الغيب، إلا ان جعل هذا الايمان من صفات المتقين بالخصوص يشير الى قضية مهمة هي، ان التقوى عامل مهم في الحصول على مرتبة اسمى من الايمان بالامام المهدي عجل الله فرجه في غيبته وبالتالي الفوز بمرتبة اسمى من معرفته واتباعه والتمسك بولايته وعليه يكون ترسيخ التقوى والورع من الوسائل المهمة للاستهداء بأمام العصر عليه السلام.
المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله وبركاته. واهلاً بكم ومرحباً في هذه الفقرة من فقرات البرنامج. موضوع الحديث فيها هو عن مظاهر محبة الامام المهدي سلام الله عليه وسبل ترسيخ هذه المحبة في القلوب. ضيفنا الكريم سماحة الشيخ رياض الاسدي اهلاً بكم سماحة الشيخ.
الشيخ رياض الاسدي: اهلاً ومرحباً بكم.
المذيع: سماحة الشيخ، في الحلقة السابقة بينتم قضية مهمة فيما يرتبط بخصوصية الامام المهدي سلام الله عليه فيما يرتبط تتطبيق مصداق للمودة في القربى وتأكيد محبته عليه السلام في القلوب، هنالك في النصوص الشريفة تأكيدات على هذا الجانب طيب ماهي مظاهر هذه التأكيدات في النصوص المرتبطة بالامام سلام الله عليه.
الشيخ رياض الاسدي: بسم الله الرحمن الرحيم. جملة من النصوص ممكن ان نعتبرها دليلاً واضحاً على خصوصية اوعلى مظاهر هذه العلاقة لعله من اقوى النصوص في تصوري في خصوص هذا المطلب. انه مظهر من مظاهر الارتباط مع الامام صلوات الله وسلامه عليه التي يستشعرها الانسان المؤمن يستشعرها الانسان المؤمن، في حياته وفي وجوده في الرواية عن الامام الباقر صلوات الله وسلامه عليه، عن ابي خالد الكابلي، الامام يبين لأبي خالد حالة المؤمن في زمن الغيبة في كيفية الارتباط بالامام ماهو الذي يستشعره الانسان المؤمن في الارتباط مع الامام صلوات الله وسلامه عليه؟ يقول له: (والله يا اباخالد لنور الامام في قلوب المؤمنين انور من الشمس المضيئة بالنهار).
المذيع: نعم.
الشيخ رياض الاسدي: علاقة راقية جداً تبين شدة الارتباط مع الامام سلام الله عليه وقوة الارتباط بهذا المعنى لواردنا ان نتصور قوة وجود الشمس في النهار بهذا المستوى سوف يكون نور الامام في قلوب المؤمنين وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله عزوجل نوره عمن يشاء لعله عبارة المحبة تبقى قاصرة امام هذا اللون من الارتباط.
المذيع: نعم.
الشيخ رياض الاسدي: اذا اردنا ان نعبر بعبارة الحب لعله تكون العبارة قاصرة في تفسير هذا اللون من الارتباط. لعله عبارة العشق والارتباط او الفناء كما يعبر جملة من العلماء ان الانسان يفنى في الامام في الارتباط بالامام ويجد نفسه مشدوداً لايملك لنفسه انفكاكاً عن الارتباط بالامام سلام الله عليه. الانسان المؤمن هكذا ملامح الفقرات التي تبينها فقرات دعاء الندبة. في بعض من فقراتها ان الانسان يجد حالة من انه لايستلذ بهذه الحياة ولايستلذ بعلاقة مع الناس ومع الوجود ومع المجتمع، لان الامام صلوات الله وسلامه عليه غائب عن بصره وغائب عن ناظره لعله في فقرة من الفقرات يقول هكذا في بعض فقرات دعاء الندبة(عزيز على ان ارى الخلق ولاترى ولا اسمع لك حسيساً ولانجوى) حتى يصل الامر انه (عزيز على ان ابكيك والورى. عزيز على ان يجري عليك دونهم ماجرى. هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء؟ هل من جزوع...) واقعاً عبارات تبين حالة الارتباط الشديد بالامام صلوات الله وسلامه عليه. هذه المعاني تبين المظاهر التي لابد ان تبدو في حياتنا لكيفية الارتباط بالامام صلوات الله وسلامه عليه والانشداد اليه والتعلق به.
المذيع: هنالك في الاحاديث الشريفة نوع خاص من التعبير فيما يرتبط بالامام سلام الله عليه، ورد على السنة الائمة سلام الله عليهم، يعني لما يفديه امير المؤمنين سلام الله عليه مثلاً (بأبي وامي هو) مثلاً (او آه شوقاً اليه) يعني هذا التشوق للامام سلام الله عليه في حديث الامام الصادق سلام الله عليه دعاء الندبة في احد اسانيده مروي عن الامام الصادق سلام الله عليه، رواية العلامة المجلسي مروية عن الامام الصادق سلام الله عليه، وهنالك اضافة الى هذا حديث دخول المفضل ومجموعة من اصحاب الامام سلام الله عليه على الامام الصادق وهو كان يدعو بتلك الحرقة للامام المهدي سلام الله عليه عندما يسألونه عنها. نعم ايضاً هذه فيها حالة تشوق شديد، حديث للامام الكاظم سلام الله عليه حديث للامام الرضا وقيامه عند ذكر مثلاً الامام سلام الله عليه بلفظة القائم وغيرذلك. كل هذا يشير الى نوع يعني الائمة سلام الله عليهم كأنهم كانوا يربون الامة على نوع خاص من الارتباط بالمهدي يعني...
الشيخ رياض الاسدي: يعني اذا صح التعبير هنالك تشريع وفقه خاص في خصوص هذ المطلب؟
المذيع: نعم.
الشيخ رياض الاسدي: اذا صح التعبير ان جملة الادعية وجملة الصوات وجملة الممارسات وهكذا في الاوقات المعينة، يعني مثلاً دعاء الندبة في الاعياد الاربعة دعاء كل يوم، دعاء العهد هكذا جملة النصوص التي موجودة عندنا يمكن ان تمثل تشريعاً وفقهاً لكيفية الارتباط بالامام صلوات الله وسلامه عليه.
المذيع: سلام الله عليه. شكراً جزيلاً سماحة الشيخ الاسدي. بقيت قضية سبل ترسيخ محبة الامام في القلوب. لو سمحتم هذا يكون موضوع الحديث إن شاء الله في الحلقة المقبلة.
الشيخ رياض الاسدي: إن شاء الله.
المذيع: جزاكم الله خيرا.
الشيخ رياض الاسدي: وجزيتم.
المذيع: نتابع مستمعينا الافاضل تقديم هذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب بنقل رواية من روايات الفائزن بلقاء الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، نمهدلها بالاشارة الى امرين يرتبطان بلقب الغيب الذي عرفنا ان النصوص الشريفة لقبت مولانا الامام المهدي به. الامر الاول هو ان هذا الغيب هنا ليس مطلقاً في غيبته عليه السلام. اذ ان من الثابت امكانية اللقاء به في غيبته. كما ان ظهوره حتمي ومع ظهوره يكون الايمان به شهودياً مثلما يكون الايمان به شهودياً خطورياً لمن فاز بلقائه في غيبته عجل الله فرجه. اما الامر الثاني فهو ان التقوى والتمسك الدقيق بما يرضاه الله هو من الاسباب الاساسية للفوز برعاية خاصة من الامام المهدي عليه السلام. وقد نقلنا عن العلامة الطباطبائي في حلقة سابقة قوله: ان الامام المهدي يأمرنا بأن نكون صالحين وعندها هو الذي سيأتينا بنفسه وهذا ما تشهد له الرواية التي اخترناها لهذه الحلقة من روايات الفائزين بلقاء الامام المهدي في غيبته.
روى هذه الحادثة صاحب كتاب سعادة الدارين عما نقلوه في ترجمة العالم الموسوعي الشيخ محمد علي الترمذي عنه رضوان الله عليه انه قال ما ملحضه: قررت مع اثنين من زملائي ونحن في ايام شبابنا الاولى بأن نهاجر من مدينتنا الى مدينة اخرى لدراسة العلوم الدينية في حوزتها لكن والدتي لم تقبل بذلك وامرتني بالبقاء عندها لمساعدتها ورعايتها فامتثلت لامرها وقلبي يعتلج بشوق شديد للهجرة الى حيث هاجر زميلاي لطلب العلوم. لكنني تغلبت على هذا الشوق حرصاً على ارضاء والدتي وبراً بها ولم يكن مستمعينا الاعزاء في المدينة التي يقطنها هذا الشاب المتعطش لطلب العلم حوزة لتدريس العلوم الدينية او عالم دين يمكن ان يستفيد من علمه ويدرس عنده. الامر الذي ضاعف من شدة ما كان يعانيه هذا الشاب وهو يسمع ما تصله من اخبار زميليه وتقدمهما في اكتساب العلوم الدينية ولكن رعاية الله لم تغفل وحاشاها هذا الشاب الصادق في حب العلم وكذلك الصادق في الالتزام بما امر الله عزوجل من السعي لارضاء والديه رغم كل الصعاب.
يتابع هذا العالم الجليل رواية ماجرى له فيذكر ان الحزن اشتد به شوقاً للهجرة طلباً للعلم وضاق صدره كثيراً ذات يوم، فذهب الى مقبرة المدينة وجلس في زاوية منها متفكراً في امره، فرأى فجأة شيخاً كبيراً عليه سيماء الاولياء كأن وجهه يتوقد نورا. فأقبل عليه وسأله عن حاله فلما اخبره بأمره قال: أتحب ان اتولى تدريسك العلم أنا؟ فرح الشاب كثيراً بهذا العرض وهو لا يعلم هوية هذا الشيخ، لكنه كان على يقين انه من خلص جند الله وقد عرف بعد حين من دراسته على يديه انه صاحب العلم اللدني، العبد الصالح، الخضر عليه السلام. ثم كان ان فاز الشيخ على محمد التبريزي بلقاء مولانا المهدي عجل الله فرجه بتوسط استاذه الخضر. ولما سئل عن سبب فوزه بهذه الكرامة اجاب أنه ببركة الصبر على صعاب طاعة الله في ارضاء الامام.
رزقنا الله واياكم مستمعينا الافاضل الصبر على طاعته والصبر عن معصيته والصبر على بلاء الدنيا ببركة التمسك بولاية مولانا صاحب الزمان عجل الله فرجه. اللهم آمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******