موضوع البرنامج:
"الماء المعين" و"الذي يحيي البلاد والعباد معنوياً " هما من القاب صاحب العصر(عج)
مصاديق المودة في القربى
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (والذي بعثني بالنبوة انهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته كالانتفاع بالشمس إن سترها سحاب).
المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلة والسلام على صفوته المرتضة محمد وآله الطاهرين. اللهم صل وسلم وزد وبارك على الماء المعين الموعود بأن تظهره ظاهراً في ارضك فيحييها بعدلك ونعمتك الباطنة في حجاب الغيبة والظاهرة في عصر الفتح المبين التي توصل فيضك الى عبادك في كل حين وتؤتي اكلها في كل آن مولانا عبدك المستور الحجة بن الحسن العسكري ارواحنا فداه.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته. اهلاً بكم ومرحباً في الحلقة الحادية والستين بعد الثلاثمائة من حلقات هذا البرنامج، نتعرف فيها على اثنين من القاب امام زماننا المهدي المنتظر سلام الله عليه هما الماء المعين والنعمة الباطنة وقد ورد ذكرهما في الاحاديث الشريفة وهي تطبق عدداً من الآيات الكريمة على امام العصر باعتباره سلام الله عليه اسمى مصاديقها. فاللقب الاول هو الماء المعين. والمراد منه هو الماء الظاهر الجاري على سطح الارض، وهذا هو المصداق المادي المعروف ولكن ثمة مصداق معنوي اسمى هو الامام المهدي ارواحنا فداه. فالاول يحيي الارض مادياً وقد جعل الله تعالى من الماء كل شيء حياً مادياً. اما المصداق الثاني فهو الذي يحيي البلاد والعباد معنوياً بمعنى انه يهبهم الحية المعنوية الكريمة.
روى الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين والشيخ الطوسي في كتاب الغيبة مسنداً عن الامام الباقر عليه السلام في الآية الكريمة «قل ارايتم ان اصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين» قال عليه السلام مشيراً الى المصداق الاسمي لهذه الآية: )هذه نزلت في القائم يقول ان اصبح امامكم غائباً عنكم لاتدرون اين هو فمن يأتيكم بامام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والارض وحلال الله جل وعز وحرمه)ثم قال عليه السلام: (والله ما جاء تأويل هذه الآية ولابد ان يجيء تأويلها(.
وقد روت المصادر المعتبرة عدة احاديث بهذا المضمون عن ائمة الهدى عليهم السلام فمثلاً روى الصدوق في كتاب كمال الدين عن الامام الباقر عليه السلام في الآية الكريمة «اعلموا ان الله يحيي الارض بعد موتها» قال) :يحييها الله عزوجل بالقائم عليه السلام بعدموتها بكفر اهلها والكافرميت( وفي غيبة الشيخ الطوسي في الآية المذكورة عن الامام الباقر عليه السلام قال: )يعني يصلح الله عزوجل الارض بقائم آل محمد من بعد موتها يعني من بعد جور اهل مملكتها) .
ويستفاد من نظائر هذه الاحاديث الشريفة ان انتفاع الخلائق من وجود الامام بعد ظهوره عجل الله فرجه سيكون اعظم بكثير و كثير يسر بكثير من انتفاعهم به عليه السلام وهو مستور بحجاب الغيبة مثلما ان الانتفاع بالماء الظاهر على سطح الارض اعظم وايسر من الماء الغائر في البئر العميقة المعطلة. فقد روى علي ابن ابراهيم في تفسيره عن الامام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى: «وبئر معطلة وقصر مشيد» قال عليه السلام: (هو مثل لآل محمد صلوات الله عليهم قوله وبئر معطلة هي التي لا يستقي منها وهو الامام الذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم الى وقت ظهوره(
وقد علق آية الله الميرزا النوري رضوان الله عليه على هذا الحديث الشريف بقوله: ) اي لايقتبس بالاسباب الظاهرية المتداولة لكل احد وفي كل وقت كما كان ميسراً في عصر كل امام، فلاتنا مع امكان الانتفاع بعلمه و سائر فيوضاته للخاصه بل ولغيرهم ايضاً بغير الاسباب المتعارفة ( وقال رحمه الله ايضاً: (ولايخفي ان الناس يستفيدون في ايام الظهور من الفيض الرباني لهذه العين بسهولة واما في ايام الغيبة فلزمهم ان يلتمسوا الفيض ويأخذوا الخير ويتعلموا منه عليه السلام بالمشقة والتعب والتضرع والانابة مثلهم مثل العطشان اذا اراد ان يخرج الماء من البئر العميقة فليس عنده طريق الا بذل الجهد باستخدام الآلات والوسائل، وذلك لكي يطفيء نار عطشه ولذلك عبر عنه عليه السلام بأنه بئر معطلة)
يتضح من تعليقة هذا العالم الرباني وكذلك من التدبر في دلالات الاحاديث الشريفة المتقدمة وغيرها، ان من تكاليف المؤمنين السباقين للخير في عصر غيبة امام زمانهم ان يجتهدوا في التصرع الى الله عزوجل طلباً لان يهديهم الى سبل مزيد الانتفاع من بركات وجود امام زمانهم ارواحنا فداه في عصر غيبته والسعي للاقتباس من انوار هدايته وتجسيد موالاته بأفضل صورة ممكنة. فهو عجل الله تعالى فرجه نعمة الله الباطنة في عصر غيبته كما تقدم والانتفاع من النعمة الباطنة يحتاج الى مزيد من الاجتهاد في معرفة سبل تحققه والعمل بها.
روى الصدوق في كمال الدين والسروي الحلبي في كتاب المناقب عن الامام الكاظم موسى بن جعفر عليهما السلام في تفسير قوله تعالى: «واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة » قال: )النعمة الظاهرة الامام الظاهر والباطنة الامام الغائب( وهذا التفسير يشير الى ان الامام وبركات وجوده هي اسمى واعظم نعم الله عزوجل على عباده.
المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم في هذه الفقرة من فقرات البرنامج ضيفنا الكريم سماحة الشيخ رياض الاسدي اهلاً بكم سماحة الشيخ.
الشيخ رياض الاسدي: اهلاً ومرحباً بكم.
المذيع: مستمعينا الافاضل، من الامور المهمة التي اكدت عليها الكثير من النصوص الشريفة فيما يرتبط بقضية الامام المهدي سلام الله عليه، هي اهمية ان يسعى المؤمنون الى ترسيخ محبة الامام وحبه في قلوبهم وحالة من الارتباط القلبي والوجداني به سلام الله عليه هذه هي من مصاديق المودة في القربى. سماحة الشيخ رياض الاسدي كصورة عامة تنطبق على جميع الائمة سلام الله عليهم ولكن ماهي خصوصية الامام الثاني عشر، الامام المهدي سلام الله عليه، صاحب الغيبة فيما يرتبط بهذه الظاهرة ؟ تفضلوا.
الشيخ رياض الاسدي: بسم الله الرحمن الرحيم. اساساً في ابعاد حيوية الدين في حية الانسان لو اردنا ان ننظر الى هذا المطلب، هنالك بعد مادي ظاهري يحس به الانسان في حياته الظاهرية وهنالك بعد قلبي، رابطة عاطفية ورابطة شعودية ورابطة وجدانية يعيشها الانسان المؤمن من خلال رابطة الدين مع المعاني التي اراد الدين ان يثبتها للانسان المؤمن.
المذيع: نعم.
الشيخ رياض الاسدي: أحد اهم هذه المعاني ومن افضل واشهر واعمق هذه المعاني هو الارتباط بالامام صلوات الله وسلامه عليه. لانه اساساً ان الارتباط مع الائمة صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين مع امير المؤمنين سلام الله عليه علامة من علامات الايمان )ياعلي لا يحبك الا مؤمن(.
المذيع: نعم.
الشيخ رياض الاسدي: هذه الرابطة لها ارتباط فطري. لعلّ النصوص تبين هذا المعنى. في النصوص وفي التفسير ان الانسان في فطرته حب الله سبحانه وتعالى وحب رسول الله صلى الله عليه وآله وحب اهل البيت اولهم امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وآخرهم الامام الحجة صلوات الله وسلامه عليه. هذه الرابطة اساساً لها ارتباط فطري بحالة الايمان وبحقيقة الانسان التي وجد بها في هذه الحية الدنيا.
المذيع: سماحة الشيخ، سر الاختصاص يعني هل يمكن ان يكون لعامل الغيبة، غيبة الامام المهدي سلام الله عليه وكونه امام غير ظاهر هذا العامل يؤدي الى انه تركز النصوص الشرعية على هذه المحبة باعتبارها تساعد في تقوية الايمان بالمهدي سلام الله عليه بحكم ان الغيبة قد تؤدي الى اصغاف هذا الايمان.
الشيخ رياض الاسدي: اساس هذا بالنسبة لزمن الغيبة يعني المكلف او اجيال المؤمنين في زمن الغيبة. الارتباط بالامام سلام الله عليه هو علامة الايمان. امام زمانهم لابد ان يرتبطوا به هذا لعله من خصوصية الارتباط بالامام بالنسبة لنا. اما خصوصية نفس الامام صلوات الله وسلامه عليه بالنسبة لنا وبالنسبة لغيرنا حتى بالنسبة للائمة صلوات الله عليهم اجمعين، كون الامام سلام الله عليه كما يعبر العلماء سوف يحقق حلم الانبياء وحلم الائمة صلوات الله عليهم اجمعين الله سبحانه وتعالى ما خلق الانسان في هذه الدنيا وما خلق الدنيا لكي يعبث فيها الطغة والفراعنة الفساد ويعبثون بها وانما خلقها لكي يطبق او لكي ينقذ فيها ما يريد هو سبحانه وتعالى ومن اهم مصاديق تطبيق ما يريد الله سبحانه وتعالى انما هو ظهور الامام صلوات الله وسلامه عليه وقيام تلك الدولة التي سوف تقلب صفحة التاريخ الانساني وتنقله من حالة الى حالة اخرى. هذه الخصوصية بالنسبة للامام هي التي تجعل هذا الارتباط وهذه المحبة من قبل الجميع متوجهة اليه حتى ان الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه يقول، تمنيت انا ابقي الى ذلك الزمان لكي اكون في خدمته، لكي اخدمه. هذه العلاقة الخاصة بالامام انما لانه صلوات الله وسلامه عليه سوف يحقق الوعد الالهي لما اراد الله في هذه الحية.
المذيع: اذن الامر يرتبط من جهة اخرى بدور الامام ايضاً. يعني محبة ناشئة من كون ان الامام سلام الله عليه ايضاً في الحقيقة يعبر عن الامل المنشود لدى جميع الرسالات السماوية ويحقق نعم جميع ما تأمل له.
الشيخ رياض الاسدي: لعله بحث مفصل ارتباط الانبياء بالنبي صلى الله عليه وآله وبالامام وكذلك ارتباط الاولياء في الازمنة المختلفة مع الامام صلوات الله وسلامه عليه.
المذيع: طيب مستمعينا الافاضل، في الحلقة المقبلة سنستضيف ايضاً سماحة الشيخ رياض الاسدي جزاه الله خيراً لمتابعة الحديث عن هذا الموضوع من خلال التأكيد على مظاهر محبة الامام المهدي سلام الله عليه وكيف نرسخ هذه المحبة في قلوبنا، سماحة الشيخ شكراً جزيلاً.
الشيخ رياض الاسدي: شكراً لكم.
نختتم هذا اللقاء احباءنا بهذه الشهادة المقتبسة من دعاء اليوم الثامن عشر من شهر رمضان الذي رواه السيد ابن طاووس في كتاب الاقبال: اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم انا نشهد ان مولانا وسيدنا صاحب الزمان الهادي المهدي فاسلك بنا على يديه منهاج الهدى والمحجة العظمى وقونا على متابعته واداء حقه واحشرنا في اعوانه وانصاره انك سميع الدعاء.
*******