الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن عيون الصادقين ونجومهم المرحوم ابن العرندس، كثيراً ما نسمع ومنذ القدم والى الآن على المنبر الحسيني بيتين شجيين من الشعر او من اجود انواع الشعر يتناولهما الخطباء وهذان البيتان لهما وقعهما وموقعهما من التوفيق والقبول وهما:
ايقتل ظمآناً حسين بكربلا
وفي كل عضو من انامله بحر
ووالده الساقي على الحوض
في غد وفاطمة ماء الفرات لها مهر
يترحم المستمعون على ناظم هذين البيتين وهو ابن العرندس، من هو ابن العرندس، من المع الصادقين المحبين لعلي وآل علي(ع)اسمه الشيخ صالح ابن عبد الوهاب الحلي واشتهر بأبن العرندس وهو من كبار علماء الامامية في الفقة والاصول والتأليف وله الكثير من المصنفات مثل كشف الآلاء وغير ذلك من الكتب. ابن العرندس نسبت اليه الخطبة المهمة التي انفرد بذكرها صاحب كتاب الصوارم الحاسمة في مصائب الزهراء فاطمة وهذا الكتاب مخطوط وموجود في مكتبة الحسينية الشوشترية في النجف الاشرف في عقد السلام، الخطبة القاها امير المؤمنين(ع) يوم جيء به الى المسجد بعد وفاة رسول الله لاخذ البيعة منه فصاحب الكتاب ينسبها لابن العرندس، اشتهر ابن العرندس بأنه من الشعراء المكثرين الذين ابدعوا وجادوا في مدح آل الرسول ومراثيهم وهذا ايضاً مظهر من المظاهر ان ابن العرندس حصر شعره في آل الرسالة فقط، كثيراً نلاحظ الشعراء ينظمون من هنا وهناك اضافة الى قصائد لآل الرسول اما هذا الرجل حصر شعره في آل الرسالة وهذه مزية مهمة له وهو في جميع قصائده نلاحظه في سبكه الادبي يحذو حذو المرحوم الشفهيني في التهافت على تجنيس الالفاظ ودقة المعاني ورقة الاسلوب وجودة الاداء ومن اروع قصائده قصيدته في الامام امير المؤمنين عرفت باللامية، مئة وست وعشرين بيتاً هذه القصيدة اوردها المرحوم السيد محسن الامين العاملي في كتابه اعيان الشيعة، انا اذكر مقطعاً من هذه القصيدة يقول:
تالي كتاب الله اكرم من تلا
واجل من للمصطفى الهادي تلا
هناك تلا للتلاوة وتلا الثانية للتسلسل
تلقاها يوم السلم غيث مسبلا
وتراه يوم الحرب ليثاً مشبلا
هذا الذي حاز العلوم بأسرها
ما كان منها مجملاً ومفصلا
هذا الذي بصَلاته وصِلاته
للدين والدنيا اتم واكملا
طبعاً يشير المرحوم ابن العرندس في هذا الى تصدق الامام امير المؤمنين بالخاتم من خلال الصلاة والذي يقول فيه الآخرون:
من في الصلاة يرى الصلا فريضة
من نال خاتمه الثمين جوابا
ويقول ابن العرندس:
سمعاً امير المؤمنين قصائداً
تزداد ما مر الزمان تجملا
سادت فشادت للعرندس
صالح مجداً على هام النجوم مؤثلا
ومن جملة ما قرأت له من الشعر كما ذكره صاحب البابليات وصاحب ادب الطف والمصادر الاخرى والمرحوم الاميني في الغدير وهناك الكثير من شعره في هذه المصادر وغيرها، قرأت له من الشعر المؤثر قصيدته في آل الرسالة في آل البيت والتي يقول فيها:
ايا بني الوحي والتنزيل يا املي
يا من ولاكم غداً في القبر يؤنسني
ثم يقول:
حزني عليكم جديد دائم ابداً
مادمت حياً حتى ان يقضي زمني
ياعدتي واعتمادي والرجاء
ومن هم انيسي ان ادرجت في كنفي
اني محبكم ارجو النجاة غداً
اذا اتيت وذنبي قد تكأدني
في الختام يقول:
صلى عليكم اله العرش ما سجعت
حمامة او شدا ورق على غصن
في عقيدة الكثير من العلماء والكتاب ان شعر ابن العرندس كله بجانب وقصيدته الرائية الشهيرة بجانب، المرحوم الاميني(رض) ذكر (في موسوعته الغدير الجزء السابع صفحة 25) انه اشتهر منذ القديم بين العلماء والخطباء انه ما قرأت هذه القصيدة في مجلس الا وكان الامام المهدي حاضراً يستمع اليها القصيدة التي منها هذا البيتان اللذان افتتحت بهما حديثي طبعاً القصيدة خمسة وسبعين بيتاً وطلعها:
طوايا نظامي في الزمان لها نشر
يعطرها من طيب ذكراكم نشر
ثم يقول:
قصائد ما خابت لهن مقاصد
بواطنها حمد ظواهرها شكر
نشرت دواوين الثنا بعد طيها
ففي كل طرس من مديحي لكم سطر
فذلي بكم عز وفقري بكم غنى
وعسري بكم يسر وكسري بكم جبر
وقفت على الدار التي كنتم بها
فمغناكم من بعد معناكم قفر
ثم يعرج نحو الحسين ويقول:
امام الهدى سبط النبوة والد الائمة
رب النهي مولاً له الامر
وبالضمن يذكر الخصائص التي خص الله بها الحسين(ع):
حوبي بثلاث ما احاط بها نبي
فمن زيد هناك ومن عمرو
له تربة فيها الشقاء وقبة
يجاب بها الداعي اذا مسه الضر
ذرية درية منه تسعة ائمة
حق لا ثماني ولا عشر
خمسة وسبعين بيتاً والقصيدة موفقة آخر المطاف يقول:
سأبكيكم مادمت حياً فأن
امت ستبكيكم المراثي والشعر
عرائس فكر الصالح بن عرندس
قبولكم يا آل طه لها مهر
هذه مسألة القبول بينة وواضحة، ما قرأ هذا الشعر الا والمستمع يشعر انه نظم بالامس، طبعاً هذا الرجل له نماذج كثيرة وقصائد مليئة بالمواعظ والحكم وذكر فضائل اهل البيت(ع)، حياته كلها جندها وقدمها لآل البيت وخدمتهم.
توفي هذا الشاعر الكبير والعالم في الحلة الفيحاء عام 840 كما ذكر صاحب الاعيان، بعض المصادر اضافة شيئاً لكن صاحب الاعيان يقول وفاته عام 840 هـ وله قبر كان على خروجي من العراق كان قبره يزار وتتبرك الناس به بأعتباره خادماً مخلصا وعالم وكان على قبره قبة بيضاء مشيدة على القبر في منطقة جبران في الحلة في شارع المفتي وكان قبره مجاوراً لدار الاديب محمد الملا، على اي حال أسأل الله ان يتغمده برحمته، امثال هؤلاء راحوا وبقي مكانهم شاغراً نسأل الله له زيادة الاجر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******