الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من الصادقين الذين استأنسوا بصدقهم ونجحوا بولاءهم لاهل البيت(ع) هو المرحوم نوف المشهور بنوف البكالي، نوف بن فضالة الحميري وهو من علماء التابعين واكثر من هذا كان لفترة من الوقت عند الامام امير المؤمنين ومن احبابه الخلص ومن الرواة عنه لا بمعنى الرواة انا كذلك اروي لا هذا الذي يروي بهذا المعنى انه سمع مباشرة.
الصدوق(رض) روى عن نوف البكالي قال اتيت مولاي امير المؤمنين(ع) وهو في رحبة الكوفة فقلت السلام عليك يا امير المؤمنين فقال وعليك السلام يا نوف ورحمة‌ الله وبركاته فقلت يا امير المؤمنين اعظمني فقال الامام يا نوف احسن يحسن اليك، طبعاً الامام اختار له جواهر الادب واختار له تحف المواعظ، فقلت زدني قال يا نوف ارحم ترحم فقلت زدني فقال يا نوف قل خيراً تذكر بخير فقلت زدني يا مولاي فقال يا نوف اجتنب الغيبة فأنها ادام كلاب اهل النار ثم قال الامام(ع) يا نوف كذب من زعم انه ولد من حلال وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة وكذب من زعم انه ولد من حلال وهو يبغضني ويبغض الائمة من ولدي وكذب من زعم انه ولد من حلال وهو يحب الزنا وكذب من زعم انه حلال ويعرف الله عزوجل وهو يجترأ على معصية الله كل يوم وليلة، يا نوف اقبل وصيتي لا تكنن نقيباً ولا عريفاً ولاعشاراً ولابريداً يا نوف صل رحمك يزيد الله في عمرك وحسن خلقك يخفف الله في حسابك يا نوف ان سرك ان تكون معي يوم القيامة فلا تكن للظالمين معيناً يا نوف من احبنا كان معنا يوم القيامة ولو ان رجلاً احب رجلاً لحشره الله معه يا نوف اياك ان تتزين للناس وتبارز الله بالمعاصي فيفضحك الله يوم تلقاه يا نوف احفظ عني ما اقول لك تنل خير الدنيا وخير الآخرة في الواقع هذه رسالة من الامام امير المؤمنين الى كل محب للادب والكمال، مسلم وغير مسلم الى كل من يريد حياة سعيدة وآخرة مجيدة الى كل من يريد الفوز في الدنيا والآخرة، رسالة جميلة مجملة مسهبة مقتضبة حاوية لكل الفضائل ويذكر المؤرخون نوفاً، يذكرون له موقفاً آخر مع الامام امير المؤمنين انه يقول نوف بت ذات ليلة انا وحبل العرم عند رحبة قصر الامارة واذا نصف الليل نستمع الى صوت امير المؤمنين(ع) وهو يطوف كالواله ويتضرع الى ربه يقول نوف اقتربت منه في الظلام فلما قرب مني قال يا نوف اكنت راقداً قلت لا يا امير المؤمنين واخذت بالبكاء قلت سيدي انا ابكي لما ارى امامي وصي رسول الله افضل البشر بعد النبي بهذه الحالة بهذا التضرع، بهذا الخوف بأي حال اكون انا، فقال الامام يا نوف ان طال بكائك هذه الليلة مخافة من الله قرت عيناك غداً بين يدي الله تعالى يا نوف ليس من قطرة من الدموع هطلت من عين رجل من خشية‌ الله الا اطفأت بحاراً من النيران انه ليس رجل اعظم منزلة عند الله من رجل بكى من خشية الله واحب في الله وابغض في الله، يعني يتجنب العواطف ولا يتصرف تصرف ميداني، تصرف طائش، تصرف حسب الحب حسب البغض حسب الميل حسب المصلحة، حسب المنفعة لا يقول له الامام امير المؤمنين، احب في الله وابغض في الله يا نوف انه من احب في الله لم يستأثر على محبته ومن ابغض في الله لم ينل ببغضه خيراً عند ذلك استكملتم حقائق الايمان، هذا الذي يقول في حياته احببنا في الله وابغضنا في الله وتحملنا هذه المصائب وآلالام هذه في الدنيا عليه ان يستعد، الامام يقول ومن ابغض في الله لم ينل ببغضه خيراً ولا يتوقع بأن تكون الطرق كلها مفروشة اليه بالورود لان البغض في الله والحب في الله له ثمن، هذا الذي يشعر ان الحب في الله والبغض في الله يسبب له متاعب ينل فيه خيراً في حياته اذا اقتنع بأن ذلك في الله يستكمل عند ذلك حقائق الايمان، الانسان ربما يبغض في الله ويكلفه ثمن يشعر انه لا يستفاد هذا المقصود لم ينل خيراً فيقول مثلاً لو كنت جاملت ولو كنت داهنت ولو كنت ماريت لا الامام يقول عند ذلك استكمال الايمان بعد الامتحان وبعد الضغط وتحمله برضا وبصبر هذا يصيح مستسلم لامر الله، يتحمل الصدمات والمحن في سبيل بغضه في الله وحبه في الله، يقول(ع) عند ذلك استكملتم حقائق الايمان ونستمر في كلمات امير المؤمنين لصديقه نوف البكالي، يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في آلاخرة اولئك الذين اتخذوا الارض بساطاً وترابها فراشاً وماءها طيباً والقرآن دثاراً والدعاء شعاراً يا نوف ان الله سبحانه وتعالى اوحى‌ الى عيسى بن مريم قل للملأ من بني اسرائيل لا يدخلون بيتاً من بيوتي الا بقلوب طاهرة وابصار خاشعة، ندخل احياناً الى المسجد لكن قلوبنا في مكان آخر البدن في المسجد لكن المضمون والحس في السوق التجاري الفلاني في العاصمة الفلانية، الامام امير المؤمنين ينقل هذا يا نوف ان الله اوحى الى عيسى بن مريم قل للملأ من بني اسرائيل لا يدخلون بيتاً من بيوتي الا بقلوب طاهرة وابصار خاشعة وقل لهم اعلموا اني غير مستجيب لاحد منكم دعوة ولاحد من خلقي قبله مظلمة، لا يتوقع احد ان استجيب دعاءه وفي ذمته مظالم، ظالم زوجته، ظالم اولاده، ظالم مؤمن، غاصب صغير ما بالنا ندعو، يسألون الائمة يا بن رسول الله، الله وعدنا ونحن ندعو الامام(ع) يقول انى يستجاب دعاءكم وقد امتلأت بطوتكم من الحرام اني غير مستجيب الكلام لامير المؤمنين يخاطب نوف، اني غير مستجيب لاحد منكم دعوة‌ ولاحد من خلقي قبله مظلمة، على عنقه حق وغصب اذن نوف البكالي هذا موقعه عند امير المؤمنين والامام كان يربيه تربية لكي يكون رسولاً للامة لكي يكون ممثلاً وترجمان لخلق اهل البيت ويكون مصدر تهذيب للناس بأعتباره تلمييذ مخلص لذلك كان الامام يدأب على تعليمه وتثقيفه وكان الامام يعلمه دعاء عصمة الخائفين وكافي العارفين وهذا الدعاء معروف في قضاء الحوائج، الهي تناهت ابصار الناظرين اليك بسرائر القلوب... الخ. 
توفي نوف في الكوفة ودفن في المقبرة الشهيرة بمقبرة التابعين أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******