أمام وزير العدل خيارات أخرى فيما يخص هذا الملف السياسي بامتياز الذي قد يعيد خلط الأوراق في الانتخابات الرئاسية العام 2024، فبحسب الوكالة، فإن ميريك غارلند ووزارة العدل غير ملزمين بتوصيات اللجنة البرلمانية التي أوصت بالإجماع، بعد تحقيق طويل استمر 18 شهراً، بملاحقات جنائية في حق ترامب.
ويدرك غارلند أنه لم يسبق أن وجِه اتهام جنائي لرئيس سابق في تاريخ الولايات المتحدة، لذا سيحرص على التأكد من أنه يمتلك ملفاً متيناً قبل أن يقدم على التحرك.
ومعروف عن رجل القانون البالغ 70 عاماً، نفوره من التدخل في الشؤون السياسية وهو يدرك بأن توجيه الاتهام إلى دونالد ترامب سينال من سمعة الحياد التي حرص على المحافظة عليها طوال مسيرته المهنية.
وفي هذا الإطار، حرص في 18 تشرين الثاني/نوفمبر على تعيين جاك سميث مدعياً عاماً مستقلاً وكلفه دراسة دور الرئيس السابق خصوصاً في أحداث السادس من كانون الثاني/يناير 2021 التي هزت أسس النظام الديموقراطي الأميركي.
وتولى سميث مهمة باشرها عشرات المدعين العامين الفدراليين وعناصر من مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) الذين جمعوا كميات كبيرة من العناصر حول مناورات الرئيس الجمهوري السابق للطعن بنتائج الانتخابات الرئاسية في 2020 وتحركات أنصاره التي أفضت إلى أحداث السادس من كانون الثاني/يناير.
وسيحكم عندها إن كان ثمة مسوغاً قانونياً لملاحقة الملياردير الجمهوري من عدمه. في حال قرر ملاحقة ترامب، قد يختار تهماً مختلفة عن تلك التي أوصت بها اللجنة البرلمانية. لكن يعود لميريك غارلند في نهاية المطاف الموافقة على ملاحقات محتملة.
والاتهامات الأربعة التي أوصى بها أعضاء البرلمان في اللجنة هي التالية: دعوة إلى العصيان ومؤامرة ضد الدولة الأميركية وعرقلة آلية رسمية (المصادقة على نتائج انتخابات رئاسية) وتصريحات كاذبة.
والدعوة إلى العصيان هي التهمة الأخطر التي قد توجه إلى الرئيس السابق البالغ 76 عاماً الذي أعلن ترشحه للانتخابات في 2024. لكن خبراء يرون أن إثبات هذه التهمة هو الأصعب بين التهم الأخرى المحتملة.
وقد تجنبت السلطات الأميركية توجيه هذه التهمة في الملاحقات التي تطال المشاركين في هجوم الكابيتول.
وعلى غارلند، خريج كلية الحقوق في جامعة هارفرد تاليا، العمل على إقناع أكبر عدد من الأميركيين أن إجراءاته تستند إلى القانون ولا شي عدا ذلك. وندّد ترامب أمس الاثنين بقوة بتوصيات اللجنة التي اعتبرها "زائفة" والموجهة برأيه إلى تعطيل مسار عودته إلى البيت الأبيض.
وسبق لوزير العدل أن تولى في مسيرته كمدع عام وكقاض ملفات ذات ثقل على الصعيد الوطني مثل ملف تيموثي ماكفي منفذ اعتداء أوكلاهوما سيتي الذي أسفر عن مقتل 168 شخصاً في 1995.
وقد نسق أيضاً الاتهام ضد تيد كازينسكي وهو ناشط بيئي ملقب "يونابامر" الذي خلفت اعتداءاته صدمة في نفوس الأميركيين
وفي العام 2016، عندما كان قاضياً في محكمة الاستئناف في العاصمة الفدرالية برز غارلند فجأة بعدما اختاره باراك أوباما ليكون عضواً في المحكمة الأميركية العليا. إلا أن مجلس الشيوخ لم يثبته في ظل أجواء سياسية متوترة ورفض الأعضاء الجمهوريون الذين كانوا يشكلون الغالبية يومها لقاءه حتى.
وكان البيت الأبيض قد أكّد، في 18 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، أنّ إدارة بايدن لن تُسيّس القضاء في قضيّة تعيين مدعٍ للتحقيق بشأن ترامب. فيما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض: "لم نتدخّل في هذا الأمر.. لسنا منخرطين في تحقيقات جنائيّة"، مضيفةً أنّ "الرئيس كان واضحاً جداً.. هذه الإدارة لن تُسيّس القضاء".