والتقت في هذا المؤتمر سبعون من مؤسّسات علماء الأمّة للتباحث المشترك حول مستجدات قضيّة فلسطين وما تعانيه من عدوان صهيونيّ متجدد ومتصاعد، وما يحيق بالقدس والمسجد الأقصى المبارك من مكائد ومكر صهيوني وتواطؤ دولي وخذلان رسميّ إسلاميّ.
وشدد العلماء في بيانهم الختامي على أنّ المسجد الأقصى المبارك حقّ خالص للمسلمين وحدهم بكلّ أجزائه وتفصيلاته، ومن فوقه وتحته، وليس لغير المسلمين فيه حقّ أبداً، مؤكدين أنّ العمل على تحريرِ فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك والذّود عنها، ومواجهة المؤامرات التي تحاك ضدّها، والتّصدّي للمكائد التي تتربّصُ بها، واجبٌ شرعيّ على كلّ مسلمٍ كلٌّ بحسب موقعه وتخصّصه وقدرته.
وأشار العلماء إلى أنّ الطريق إلى تحرير فلسطين وتطهيرها من دنس المحتلّين هو الجهاد في سبيل الله تعالى بكلّ أشكاله، محذرين الأمة الإسلاميّة حكّامًا وشعوبًا من التّقاعس عن نصرة أهلنا وأبناء شعبنا الفلسطينيّ في مواجهة الإجرام الصّهيوني وخذلانهم.
وأكدوا على، أنّ "الإجرام الصّهيونيّ يستهدف الأمة كلها في دينها وعقيدتها ومقدّساتها، وأنّ خذلان أهلنا في فلسطين والتقاعس عن مواجهة الجريمة الصّهيونيّة الجديدة ينذر بالخذلان في الدّنيا والخزي في الآخرة".
وحيّا العلماء المقاومة الفلسطينيّة فصائلًا في مختلف أنحاء فلسطين وأفرادًا يواجهون المحتلّ منفردين في الضّفة الغربيّة الباسلة، مؤكدين أنّ هذه المقاومة البطوليّة هي التي تذيق العدوّ الصّهيونيّ وبال أمره وتجعله يعيدُ حساباتِه ويرتدع عن غيّه وعدوانه.
ودعا البيان الختامي فصائل المقاومة الفلسطينيّة إلى تعزيز وحدة صفّها وتماسكها، مشددين على وجوب التفاف الأمّة حول المقاومة الفلسطينيّة ودعمها في حربها مع الكيان الصّهيونيّ، بكلّ الوسائل الممكنة الماديّة والمعنويّة.
وطالب العلماء الحكامَ العرب والمسلمين بالمبادرة إلى تسجيل موقفٍ مشرّفٍ تحفظه لهم الأجيال في مواجهة الإجرام الصّهيوني، وهذا واجبٍ على عاتقِ الشّرفاء منهم في ظلّ الانهيار الذي تعيشه المنظومة الرسّميّة العربيّة والإسلاميّة، وليعلموا أنّهم موقوفون يوم القيامة، ومحاسبون على واجبهم تجاه أرض الإسراء والمعراج.
كما أكّد العلماء أنّ هرولة بعض الأنظمة إلى التطبيع مع الكيان الصهيونيّ وتجريم المقاومة وداعميها، هو مساندة للجرائم الصّهيونيّة المتصاعدة بحق القدس والأقصى والضّفة الغربيّة وغزّة وسائر فلسطين، داعين هؤلاء المطبعين لمراجعة مواقفهم والتوبة إلى الله تعالى، والالتفاف مع شعوبهم الحيّة في مواجهة الكيان الصّهيونيّ الذي لن ينفعهم ولن يحافظ على عروشهم كما يتوهّمون.
ودعا العلماء الموقعون على البيان، عموم مؤسسات علماء الأمّة إلى تنسيق جهودها والتواصل الحثيث فيما بينها والاتفاق على منهجيّة عمل موحّدة وآليات وبرامج مشتركة ومتناسقة ومكثّفة لمواجهة الإجرام الصّهيونيّ المتصاعد.
وجاء في البيان: "إنّ على علماء الأمّة أن يكونوا أهل الريادة والسبق في توحيد الجهود وتنسيقها دفاعًا عن أرض الإسراء والمعراج".
وطالب العلماء منظمة التّعاون الإسلاميّ ووزارات الأوقاف في العالم الإسلامي إلى التحرّك العاجل على المستويات كافّة، والعمل مع الجهات الرّسميّة والدّوليّة لإيقاف هذا الإجرام الصّهيونيّ الممنهج في فلسطين عمومًا والذي يستهدف المسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص.
كما دعوا إلى توجيه الخطباء والدّعاة والمتحدّثين إلى حضور القدس والأقصى في خطبهم المنبريّة ودروسهم المسجديّة وبرامجهم الإعلاميّة ولقاءاتِهم المباشرة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ.
وطالب العلماء جميع علماء ودعاة وخطباء الأمة الإسلاميّة ـ لا سيّما علماء وخطباء المسجد الحرام والمسجد النبويّ شقيقَي المسجد الأقصى المبارك ـ إلى حشد طاقاتهم واستنفار جهودهم لبيان ما يجب على الأمّة لمواجهة هذا الكيان الغاصب، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك ووجوب دعم المرابطين في القدس والأقصى، وخطورة التّطبيع على الأمة كلّها وعلى القدس والمسجد الأقصى المبارك.
ودعا العلماء أبناء أمتنا الإسلاميّة إلى بثّ الرّوح الوثّابة في شعيرةِ الجهاد بالمال في سبيل الله تعالى، والتحرّك الواسع بالوسائل الممكنة والمتاحة لبذل المال دعمًا لأهلنا المرابطين في فلسطين؛ فهم خطّ الدّفاع الأوّل عن امّتنا ومقدّساتنا.
كما طالب علماءُ الأمّةِ النخب وقادةَ الفكرِ والمؤثرون فيها إلى حشدِ الطّاقاتِ واستنفارِ الجهودِ لإحياءِ قضية المسجدِ الأقصى في قلوبِ أبناءِ الأمّة، وتوجهيهم لنصرتهِ بالوسائلِ المتاحةِ كافّة، ودعمِ مشاريع المسجدِ الأقصى الماديّة والعلميّة المختلفة ممّا يُسهمُ في ثباتِ أهلِنا المرابطين في ساحاتِ المسجد الأقصى المباركِ، والعمل على حشدِ الجماهير لنصرةِ المسجد الأقصى المبارك، ومن ذلك تسيير مظاهراتٍ شعبيّةٍ غاضبةٍ حيث يمكن ذلك يقودُها العلماءُ في البلاد الإسلاميّة المختلفة، والقيام باعتصاماتٍ تحاصر سفارات الكيان الصّهيونيّ حيثما توجد في عالمنا الإسلامي وحيثما يمكن ذلك، وتحريك الرّأي العام العالميّ المناصرِ لقضيتنا لا سيّما في أوروبا، وإنّ هذا من إساءة الوجه الواجب للكيان الصّهيونيّ الغاشم.
وحيّا العلماء أبطال فلسطين في غزّة العزّة وفي الضّفة الباسلة وفي القدس وفي أرضنا المحتلة عام 1948م نساءً ورجالاً من المرابطات والمرابطين الذين يهبّون على الدوام بكلّ ما في قلوبهم من عزّة الإيمان وحبّ المسجد الأقصى المبارك، فداءً للأقصى المبارك ودفاعاً عنه فهم عنوان البطولة والرّجولة.
وختم البيان بالقول: حيّا الله أهلنا المرّابطين في ساحات الأقصى المجاهدين الثابتين، وحيا الله المقاومين القابضين على الزناد المتيقظين لعدوان الصّهاينة، وإنّ النّصر صبرُ ساعة، وإنّ مع العسر يسراً.