الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من شموع الصادقين الصحابي الجليل حذيفة بن اليماني القطعي العبسي(رض) وحذيفة المشهور بحذيفة بن اليمان هو من صحابة البني ومريديه وكان النبي(ص) يحبه كثيراً وازداد حبه له يوم احد لان حذيفة شهد بدراً واحداً مع رسول الله، في يوم احد استشهد ابوه حسيل ومع الاسف قتله المسلمون، استشهد بسيف المسلمين، قتلوه خطاءاً حينما وقعت البلبلة وظنوا انه من المشركين لانه اختلط الحابل بالنابل فلما استشهد ابو حذيفة وعلم حذيفة بذلك استغفر لهم فتعزز موقعه عند رسول الله(ص) ومجده لما رأى فيه من الاريحية ومن روح التسامح والرحمة والشفقة ولما دفع المسلمون له دية ابيه تصدق بها على ضعفاء المسلمين وكمؤشر على موقعه الخاص عند رسول الله ان النبي(ص) استعمله لمهام متعددة ومتنوعة كمهمة القضاء مثلاً، كان النبي(ص) ينتدبه في حل بعض المعضلات التي تندلع بين القبائل مثلاً او بين اطراف متعددة كذلك استعمله النبي على توزيع الصدقات وهذا دليل على الثقة والاعتماد الخاص الذي كان يوليه به رسول الله، وله يوم الخندق مواقف ملفتة مثلاً لما قتل الامام امير المؤمنين عمرو بن عبدود وانكسرت شوكة المشركين بقتله ووقع الرعب في قلوبهم وكفى الله المؤمنين القتال ردهم الله بغيضهم ولم ينالوا خيراً، كان حذيفة ينقل اخبار المشركين ورعبهم واضطرابهم الى رسول الله ويعكس على الرسول احوالهم مثلاً يقول يا رسول الله، وجدتهم وقد ارسل الله عليهم ريحاً قطعت اطنابهم وهدمت خيامهم وكسرت اوانيهم وذهبت بخيولهم ولم تدع لهم شيئاً الا اهلكته ورأيت ابا سفيان كالمجنون فحياه النبي و شكر له هذه المشاعر وخلع النبي رداءه او عباءته التي كان يصلي بها وجعله اياه البسه عباءته وكان حذيفة مع النبي(ص) يوم تبوك وشهد العقبة وفي تلك الليلة الحرجة او الحساسة المظلمة لما تآمر اربعة عشر نفراً من الصحابة المنافقين، الغير ان هؤلاء يعدون من الصحابة، تآمروا على قتل رسول الله وكان التخطيط جهنمي يعني خططوا بأن تنفر به ناقته والمنطقة صخرية والصخر كله قاتل، صخر مركن مكسر فلو لا سمح الله نفرت الناقة وتنفذ هذا المخطط كان النبي مقتول لا محالة، لكن كان حذيفة ابن اليمان آنذاك يمسك بزمام الناقة وطبعاً هؤلاء كانوا ملثمين لا ترى الا عيونهم فلما فشلوا تبعهم حذيفة وصار يطاردهم وعرف بعضهم وربما عرفهم بالكل وقد هربوا وضيعوا انفسهم بين الناس لكنه شخصهم ولذلك قالت السير بالاجماع بأن حذيفة كان من اعرف الناس بالمنافقين ولكونه خبير في تشخيص المنافقين كان الخليفة الثاني عمر لا يصلي على جنازة الى احد حتى يحضر حذيفة فيزكي هذا الميت ثم يصلي عليه الخليفة، يعني يسأله الخليفة أتعرفه؟
ويروى عن الامام الصادق والخبر للمفضل يقول: سمعت الامام الصادق يقول: كان المنافقون على عهد رسول الله لا يعرفون الا ببغض عليً(ع) وكان حذيفة يعرفهم تماماً لانه كان ليلة العقبة يقود ناقة رسول الله(ص) وكان لحذيفة من الاولاد ثلاثة، سعد وسعيد وصفوان فكان يوصي ابناءه دائماً على اللحوق بالامام امير المؤمنين حتى انه كان يوصيهم يوماً قال لهم يا بني ستكون لعلي حروب كثيرة فأجتهدوا على ان تكونوا معه وتستشهد بين يديه وقد احداً يسأل هل كان عالماً بالغيب، لا لكن على اي حال المؤمن لما يرتقي به الايمان، عبدي اطعني تكن مثلي، يوصله الايمان الى درجة التكاشف درجة اليقين وماوراءها ولعله علم بذلك من خلال زمالته مع الرسول، كان يستمع من النبي(ص) ما يجري في المستقبل:
فعلاً كانوا نعم الابناء
ومن يشابه ابه فما ظلم
بأبه اقتدى عدي بالكرم
ومن يشابه ابه فما ظلم
وقف ابناءه مع الامام امير المؤمنين موقف وفاء كامل فأستشهد اثنان من ابناء حذيفة بين يدي الامام امير المؤمنين يوم صفين اما الثالث وهو صفوان فبقي بعدهم زماناً وشهد قائداً من قواد التوابين وعده بعض الثقات من علماءنا بأنه احد الاركان الاربعة يعني حذيفة في صحابة رسول الله وهم سلمان وعمار والمقداد والحذيفة ابن اليمان، كان حذيفة من السابقين في مبايعة الامام امير المؤمنين وتهنئته بالولاية يوم غدير خم.
ذكر المؤرخون له قصة ملفتة وهامة بعد ما انتهت وقائع يوم الغدير وبايع الناس امير المؤمنين واول من بايعه الخليفة الاول ابوبكر ثم عمر وهما يقولان بخ بخ لك يا علي... الخ حذيفة ابن اليمان يقول كنت جالس الظهر في خيمة واذا بثلاثة نفر في خيمة بجنبي واحد يقول والله لا ندع الامر يتم لابن عمه ابداً طبعاً هؤلاء الاحقاد في نفوسهم ويعيشون احقاد ترتبط بأيام الجاهلية، فرفع حذيفة اذيال الخيمة وهو يقول ما اسرع بيعتكم و ما اسرع عذركم اما والله لاخبرن رسول الله، النبي القرآن اعلمه «والله يعصمك من الناس» فقالوا او سمعت ما قلنا، اكتم جوارنا، قلت لا والله هذه خيانة للاسلام وللرسول فأخبرت النبي بذلك فجاءوا وحلفوا بالايمان المغلظة بأنهم لم يقولوا ذلك.
حذيفة ابن اليمان عرف انه من علماء الكوفة، قال المؤرخون كانت له حلقة كبيرة في مسجد الكوفة يجتمع الناس حوله ويسألونه ويفتي فيهم ويروي الاحاديث عن النبي واهل بيته و هنا ايضاً يجدر ذكره ان حذيفة كان من الذين حضروا تشييع الزهراء ودفنها والصلاة عليها وهذا يدل على موقعه عند اهل البيت. في اعوام 1942 جرى توسيع نهر دجلة ببغداد فظهر قبره على ضفة النهر وكان جسده غضاً طرياً على حالته وتلك كرامة له من الله فنقل ودفن الى جانب سلمان الفارسي والمقبرة موجودة تعرف بمنطقة سلمان باك ونقلوا عنه المؤرخون انه عندما كان يحتضر اشتد مرضه وكان يجود بنفسه فسأل ابنته: بنية اي ساعة هذه؟ قالت اخر ساعة من الليل، قال: الحمدلله الذي بلغني هذا المبلغ ولم اوالي ظالماً على صاحب حق وقيل له في مرضه ماذا تشتهي؟ قال اشتهي الجنة، قيل ما تشتكي قال اشتكي ذنوبي.
له على اي حال حالات كثيرة نص عليها المؤرخون تدل على عظمته وتفانيه في اهل البيت، توفي في المدائن في الخامس من صفر عام 36 بعدما بيع الامام علي بالخلافة بأربعين يوماً أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******