البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 9 من سورة الرحمن

السبت 10 ديسمبر 2022 - 12:59 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 986

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين ثم الصلاة والسلام على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أحبتنا المستمعين الأكارم سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأهلاً بكم في هذا اللقاء الجديد ضمن برنامج "نهج الحياة" حيث سنشرع فيه تفسير سورة الرحمن المباركة..

إخوتنا الأفاضل، سميت هذه السورة بـ (الرحمن) بالنظر إلى الكلمة الأولى منها بعد البسملة وهو إسم من أسماء الله عزوجل، ومن الصفات الخاصة به تعالى.

و جاء عن الإمام الكاظم عليه السلام (لكل شيء عروس، وعروس القرآن سورة الرحمن).

مستمعينا الكرام، بداية نستمع وإياكم الى تلاوة الآيات الثلاث الأولى من سورة الرحمن المباركة...

بسم الله الرحمن الرحيم

الرَّحْمَنُ{1} عَلَّمَ الْقُرْآنَ{2} خَلَقَ الْإِنسَانَ{3}

من المعروف، عزيزي المستمع، أن عنوان الكلام دال على مضمونه، وفي هذه السورة لما كان المراد الحديث عن النعم الإلهية، فقد بدأت السورة بقوله تعالى (الرحمن).

حدثنا الله عزوجل في سورة القمر عن تيسير القرآن، فقال تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر) وفي هذه السورة يحدثنا عنه بأشكال مختلفة، إذ يبدأ بنسبة تعليم القرآن إليه، فيقول (علم القرآن).

ومن تعاليم هذه الآيات الكريمات أولاً: الشريعة مبنية على الرحمة.

ثانياً: تعليم الإنسان القرآن، هو من تجليات الرحمة الإلهية ومظاهرها.

ثالثاً: يعد خلق الإنسان أيضاً من تجليات الرحمة الإلهية.

رابعاً: القرآن أفضل الكتب السماوية، والإنسان أفضل المخلوقات.

وخامساً: يتكامل خلق الإنسان بتعلمه القرآن.

أما الآن، أيها الأفاضل، ننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة مرتلة من الآيات الرابعة حتى السادسة من سورة الرحمن المباركة..

عَلَّمَهُ الْبَيَانَ{4} الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ{5} وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ{6}

أيها الأكارم، تشير هذه الآيات المباركة الى أن القدرة على البيان، من المواهب الإلهية للإنسان. أما كلمة "حسبان" على وزن فعلان، مصدر من الحساب، والمراد هو خضوع حركة الشمس والقمر لحسابات دقيقة، ومن ذلك وزنهما، وحجمهما وغيرها من الصفات.

و"النجم" هو كل نبات يخرج من الأرض وليس له جذع، وما له جذع يسمى "شجر" وتدل كلمة (نجم) كما هو معروف على الجرم السماوي المضيء، ولكن المراد منها هنا المعنى الأول، والقرينة على ذلك ذكر النجم مع الشجر.

وربما يكون المراد من سجود النباتات، الخضوع التكويني لهذه المخلوقات بين يدي الله تعالى؛ إذ أنه تعالى شأنه وضع لها مسيراً ومساراً محدداً، لا تحيد عنه ولا تميل.

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الكريمات أولاً: العلم هو أحسن الكمالات التي مَنّ الله بها على الإنسان إذ ذكر الله عزوجل العلم والتعليم قبل ذكر الخلق وبعده.

ثانياً: القدرة على البيان من تجليات الرحمة الإلهية.

ثالثاً: النباتات وغيرها من الكائنات الحية، مرهونة في وجودها واستمرارها للشمس والقمر.

ورابعاً: المخلوقات كلها خاضعة للنظام الأكمل الذي أقره الله في الوجود.

أيها الأحبة، في هذه اللحظات ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات السابعة حتى التاسعة من سورة الرحمن المباركة...

وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ{7} أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ{8} وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ{9}

إخوتنا الكرام، تحدثت الآيات السابقة عن الرحمة الإلهية وتعليم البيان والحسابات التي يخضع لها القمر والشمس، وفي ذلك شكل من أشكال بيان العلاقة بين الله ومخلوقاته؛ وهذه الآيات تتحدث عن العلاقة بين الإنسان والمجتمع.

ويوجد بين الكتاب والميزان تلازم تشير إليه هذه الآيات، بقوله تعالى (علم القرآن.. إلى أن قال.. ألا تطغوا في الميزان) ويقول عز من قائل في سورة الحديد (وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس).

فقد اهتم الإسلام بتحقيق العدالة إلى أقصى الحدود التي يمكن تصورها، وخصوصاً في مجال القضاء، بدءً من شروط القاضي والشهود، إلى آداب القاضي الذي نُهيَ عن القضاء.

ومما نستقيه من هذه الآيات الشريفة أولاً: العدالة كالصلاة، لا بدّ من إقامتها في المجتمع.

ثانياً: نظام الكون قائم على أساس موازين العدل، يجب أن تكون حياتنا قائمة على أساس هذا الميزان.

ثالثاً: المطلوب في الأعمال كلها أن تكون بعيدة عن الإفراط.

ورابعاً: مفهوم الإخسار ينطبق على العمل ولا يختص بالبيع وحده، فعمل موظفي الدولة أو غيرها من المؤسسات، لا يجوز أن يكون أقل من الحد الواجب، والأمر عينه ينطبق على العلماء في مجال الدعوة والتبليغ.

إخوة الإيمان، بهذا قد وصلنا الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر دمتم سالمين وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة