بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين على نعمائه سيما نعمة الهداية ثم الصلاة والسلام على الهادي الأمين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. حضرات المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركات، تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنمكل فيها تفسير ما تبقى من آيات سورة القمر المباركة نشرعها بالإستماع الى تلاوة مرتلة من آياتها السابعة والأربعين حتى الخمسين منها فتابعوا معنا على بركة الله..
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ{47} يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ{48} إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ{49} وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ{50}
"يُسحبون" بمعنى يُجرّون على وجوههم، وسُمّي السحاب سحاباً لأن الرياح تجره من مكان إلى آخر. و"سقر" إسم من أسماء جهنم، وهو في الأصل حرق الجلد من شدة الحرارة، واللمح ضوء البرق وانطفاؤه.
و جاء عن الإمام علي (ع) في قوله تعالى " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" قال: (إنا كل شيء خلقناه لأهل النار بقدر أعمالهم).
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركات أولاً: يبتلى المجرمون يوم القيامة بالضلال والتيه والحيرة، ونار جهنم (في ضلال وسعر) بناء على أن المراد من كلمة "سعر" النار.
ثانياً: ليس عاقلاً من يختار بنفسه لنفسه نار جهنم، بناء على أن المراد من كلمة "سعر" الجنون.
ثالثاً: إنكار دين الله والتكذيب به، من أبشع أنواع الجرائم.
رابعاً: المغرورون في الدنيا، من الأذلاء في الآخرة.
خامساً: الوجود خاضع للنظام والتقدير الدقيق.
سادساً: كل مظاهر الوجود من ظهور الأمم، وبعث الأنبياء، والعقاب والثواب، يجري وفق نظام دقيق وقواعد محددة.
وسابعاً: أعمال الله تتم وفق حكمته عزوجل، وبسرعة فائقة.
أما الآن، إخوتنا الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الحادية والخمسين حتى الخامسة والخمسين وهي آخر آيات سورة القمر المباركة ...
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{51} وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ{52} وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ{53} إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ{54} فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ{55}
تشير هذه الآيات الكريمة، أيها الأفاضل، إلى أن الأشياع هم الأتباع والموافقون في الفكر والسلوك. أما "زبر" فهو جمع "زبور" وهو الكتاب، و"مستطر" أي مكتوب ومصفوف. كما بدأت هذه السورة، أحبتنا الأكارم، بالإنذار والتحذير، اختمت به.
ومما نستقيه من هذه الآيات الكريمات أولاً: سنة الله في عذاب الكفار تجري على الجميع على حد سواء.
ثانياً: علينا أن نأخذ التهديد الإلهي على محمل الجد.
ثالثاً: على العاقل أن يأخذ العبر من أحداث التاريخ.
رابعاً: لا يمكن أن يضيع أي عمل من أعمال الإنسان أو يسقط من السحاب.
خامساً: ضبط الأعمال وإحصاؤها مبعث أمل للمتقين، ومصدر قلق وخوف للمجرمين، ومعيق عن الكفر والمعصية.
سادساً: الأعمال التي تحصى تدون بطريقة منظمة.
سابعاً: تتم محاكمة الناس، يوم القيامة، على أساس الوثائق والشواهد الموثقة ضدهم.
ثامناً: ينعم الله على المتقين، يوم القيامة، بالنعم المادية وبالنعم المعنوية بقوله عزوجل (في جنات ونهر) (في مقعد صدق عند مليك مقتدر)
تاسعاً: الله عزوجل مقتدر، في كل من حالتي غضبه ولطفه.
عاشراً وأخيراً: تعج الجنة وتمتلئ بالصدق والوفاء، ولا محل فيها للغلّ والكراهية.
إخوة الإيمان، مع ختام تفسير الآية الخامسة والخمسين من سورة القمر نختم تفسير هذه السورة المباركة، فحتى لقاء آخر وتفسير سورة أخرى من القرآن الكريم تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. دمتم سالمين وفي أمان الله.