البث المباشر

تفسير موجز للآيات 9 الى 22 من سورة القمر

الأربعاء 3 يوليو 2024 - 16:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 982

 

بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين على نعمائه ثم الصلاة والسلام على أشرف الأنام محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. مستمعينا الأفاضل في كل مكان سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، ها نحن وإياكم وحلقة أخرى ضمن برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنسترسل فيها بإذنه تعالى تفسير آيات سورة القمر المباركة بدأً من الاستماع للآيات التاسعة حتى الحادية عشرة منها فكونوا معنا مشكورين..

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ{9} فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ{10} فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ{11}

أيها الأكارم، وردت في الآية العاشرة كلمة "انتصر" بدل "انصر"، وإنما قال ذلك ولم يقل انصر تنبيهاً إلى أن ما يلحقني يلحقك، من حيث إني جئتهم بأمرك، فإذا نصرتني فقد انتصرت لنفسك، والتناصر هو التعاون. أما "منهمر" بمعنى "جارٍ".

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركات أولاً: يطيب الله خاطر النبي (ص) من خلال هذه الآيات ويقول له إن ما يصيبك من أذى أصاب من سبقك من الأنبياء.

ثانياً: العبودية لله، من أهم صفات الأنبياء والأولياء الصالحين.

ثالثاً: يبرر العاصون والمنحرفون أعمالهم السيئة بالاتهامات الباطلة التي يوجهونها إلى خيرة عباد الله ولو كانوا الأنبياء.

رابعاً: قطع الأمل عما في أيدي الناس، واليأس منهم، من العوامل المساعدة لاستجابة الدعاء.

وخامساً: العوامل الطبيعية من الجنود التي يستخدمها الله فيما يريد تحقيقه.

أما الآن، أيها الكرام، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الثانية عشرة حتى السابعة عشرة من سورة القمر المباركة..

وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ{12} وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ{13} تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ{14} وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{15} فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ{16} وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{17}

أيها الأحبة، كلمة "دسر" جمع "دسار" وهو المسمار، و"نذر" جمع "نذير" ولكن المراد من هذه الكلمة في مثل هذا المورد مضمون الإنذار وليس الشخص المنذر.

وسفينة نوح على الرغم من خصوصياتها المشار إليها، يعبر الله عنها بأنها ذات ألواح ودسر، وكأنه تعالى شأنه يريد من ذلك الإشارة إلى أن نجاة من عليها لم يكن يستند إلى السفينة بقدر ما كان يستند إلى الرعاية الإلهية.

وتشير الآية السابعة عشرة الى أن القرآن فيه أبعاد متنوعة أضفت عليه الجمال في الشكل والمضمون، فهو سهل القراءة، عميق المضمون، يشتمل على القصص والأمثلة، ومطابق للفطرة الإنسانية، وذلك كله يسر قبوله على الإنسان.

وعلى الرغم من تيسير القرآن وتسهيله، إلا أنه لا مثيل له ولا شبيه، بل لا يمكن الإتيان بمثله وهذا هو معنى إعجازه.

ومما نتعلمه من هذه الآيات الكريمات أولاً: نبع الماء من الأرض وجريانه فيها، خاضع لإرادته عزوجل.

ثانياً: عندما تتوفر صفة العبودية الحقيقية لله تعالى فينا، يسعفنا الله بكل ما نحتاج ونريد.

ثالثاً: تجري إرادة الله وتتحقق بواسطة الأسباب الطبيعية، ومن خلال الجهد الإنساني، فالألواح والمسامير متوفرة بكثرة، والإرادة الإلهية قد تتعلق بالنجاة من دون توفر هذه الوسائل، ولكن الإرادة الإلهية الحكيمة اقتضت نجاة نوح (ع) ومن معه بهذه الوسيلة.

ورابعاً: القرآن ميسر، ولكنه ليس مبتذلاً، فقد مر في آيات سابقة وصف القرآن بأنه حكمة بالغة، وهذا الوصف يدل على عمق المضمون ومتانته، على الرغم من التيسير الذي فيه.

أما في هذه اللحظات، إخوتنا الأكارم، نصغي وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات الثامنة عشرة حتى الثانية والعشرين من سورة القمر المباركة..

كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ{18} إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ{19} تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ{20} فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ{21} وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{22}

قوله تعالى "يوم نحس مستمر" أيها الأعزة، يراد به أيام عدة، وكلمة "مستمر" هي التي تدل على تعدد الأيام، وقد كشفت آيات أخرى عن تعدد هذه الآيات كما في الآية السادسة عشرة من سورة فصلت.

أما "منقعر" فمن القعر، وهو الإجتثاث من الجذور، و"أعجاز" جمع "عجز" وهو القسم الأسفل من الشيء كجذع الشجرة وما شابه.

وتشير الآيات الى أن قبح الأيام وحسنها، تابع لقبح الأحداث التي تقع فيها وحسنها؛ أو لوجود سر خاص في الزمان يجعله شراً أو خيراً ولا نعلم سبب اتصافه بذلك.

وما نستلهمه من هذه الآيات الشريفات أولاً: لم يعتبر قوم عاد بهلاك قوم نوح قبلهم كما أن السمة البارزة في قوم عاد التكذيب والإنكار.

ثانياً: بين العذاب والإنذار علاقة تلازم؛ حيث يسبق الإنذار أولاً، فإذا لم يؤثر لحقه العذاب.

ثالثاً: على الإنسان أن يتفكر في التاريخ ويعتبر مما فيه من أحداث.

رابعاً: الإنسان، مهما تعالى وتعاظم، ليس سوى قشة في مهب الريح في مواجهة الإرادة الإلهية الجبارة.

وخامساً: التكرار من الأساليب المؤثرة في التربية والتعليم، فقد تكررت جملة "فكيف كان عذابي ونذر" في سورة القمر أكثر من مرة.

إخوة الإيمان، إلى هنا وصلنا وإياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" حيث قدمناها لحضراتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، فحتى لقاء آخر تقبلوا تحياتنا وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة