البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 8 من سورة القمر

الأربعاء 3 يوليو 2024 - 16:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 981

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى ونستعين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية طيبة لحضراتكم وأنتم تتابعون برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث سنشرع من هذه الحلقة بتفسير سورة القمر المباركة وهي سورة مكية ذات خمس وخمسين آية وسميت بهذا الإسم للحديث عن شق القمر في مطلعها.

أما الآن أيها الأحبة ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الأولى حتى الثالثة من سورة القمر المباركة..

بسم الله الرحمن الرحيم.. اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ{1} وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ{2} وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ{3}

أيها الأكارم، تذكر كتب السيرة والحديث حادثة شق القمر التي حصلت في أول البعثة، بوصفها معجزة من معجزات النبي (ص). وكانت هذه المعجزة استجابة لإقتراح مشركي مكة، وذلك أنهم كانوا يتهمون النبي (ص) بالسحر، فقالوا إذا كان قادراً على السحر في الأرض، فهو لا يقدر على السحر في السماء، فلا يمكن الشك في صدقه إذا كان قادراً على شق القمر.

ومن المناسب الإشارة إلى أن علم الفلك الحديث يثبت أن عدداً من الأجرام السماوية انفصلت عن الشمس في المراحل الأولى لتشكلها، وبالتالي يكون شق القمر أمراً ممكناً، مع فارق هو أن هذه الحادثة تشتمل على معجزتين، هما الإنفصال وإعادة الوصل والرتق.

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركات أولاً: يوم القيامة زمان حساس وعلى درجة عالية من الأهمية، ويستفاد المعنى المذكور من بدء السورة بالحديث عن اقتراب الساعة من دون تمهيد وهذا معروف في حالات التحذير من الأمور الخطيرة.

ثانياً: الأسلوب الذي يعتمده المعاندون للحق، في مواجهة الآيات والمعجزات، يتألف من الإعراض والتكذيب والإتهام.

ثالثاً: إتباع الأهواء هو منشأ الإعراض عن الحق والتكذيب بالدين.

ورابعاً: نهاية الليل المظلم صباح مشرق، هذه هي سنة الله في خلقه، ففي نهاية المطاف سوف يثبت من دون لبس أن المعاد والقيامة حق.

والآن، أيها الإخوة والأخوات، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات الرابعة حتى السادسة من سورة القمر المباركة..

وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ{4} حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ{5} فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ{6}

أيها الأفاضل، كلمة "مزدجر" من (الزجر) وهو الطرد والمنع، والمعنى أن الحديث عن يوم القيامة، قد يكون مانعاً عن ارتكاب المعاصي. أما "نكر" فهو الأمر المجهول غير السعيد.

ومما تفيدنا هذه الآيات الكريمات أولاً: على المصلحين والدعاة الى الله، أن يستفيدوا من التاريخ وأحداثه المهمة وأن يكونوا على معرفة بما في التاريخ من عِبَر ووقائع نافعة.

ثانياً: أخبار المعاد ويوم القيامة، من الوسائل المجدية في مواجهة الكفر والمعاصي.

ثالثاً: عندما يكون الهوى هو صاحب القرار، لا ينفع تبليغ ولا دعوة مباشرة وغير مباشرة.

رابعاً: الرسائل التي يحملها القرآن للناس، معقولة يمكن فهمها، وليست بعيدة عن متناول فهمهم.

وخامساً: ساحة يوم القيامة من الساحات المزعجة للمنحرفين والمعرضين عن الأنبياء حيث يوجد هنالك منادون دورهم دعوة الناس الى النار. أجارنا الله وإياكم منها.

أما الآن، أيها الأكارم، نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين السابعة والثامنة من سورة القمر المباركة..

خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ{7} مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ{8}

كلمة "أجداث" عزيزي المستمع، جمع "جَدَث" وهو القبر. وأما خشوع الأبضار إما من الخوف، وإما من الخجل، الموجب للذل. والمقصود من تشبيه المجرمين بالجراد، هو الإشارة الى الحيرة والضياع الذي سوف يكونون عليه يوم القيامة.

أما كلمة "مهطعين" فهي من الإهطاع، وهطع الرجل ببصره إذا صوبه، أو رفع رأسه للنظر بحيرة وقلق، أو بمعنى سرعة الجري. فتشير الآية الى أن الكافرين سيواجهوا شدائد عدة يوم القيامة، مثل شدة العجز والعطش والجوع وشدة الفضيحة والحساب وفقدان الشفيع وغيرها.

ومما نستقيه من هاتين الآيتين الشريفتين أولاً: تظهر الحالات الروحية التي يعيشها الإنسان على جسده الخارجي.

ثانياً: من الوسائل الناجحة في التربية، استخدام الأمثلة والتشبيه وأفضل الأمثلة هي الأمثلة المحسوسة والملموسة.

وثالثاً: وجود دعاة ومنادين يوم القيامة، يوجهون دعواتهم إلى الناس.

إخوتنا الأفاضل.. بهذا قد وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) فحتى لقاء آخر دمتم بخير وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة