البث المباشر

تفسير موجز للآيات 19 الى 30 من سورة النجم

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:45 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 978

 

بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين إذ هدانا للإيمان ثم الصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الأطهار الأطياب.. مستمعينا الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات وأهلاً ومرحباً بحضراتكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنواصل فيها بإذن الله تفسير آيات سورة النجم المباركة.... بداية أيها الأحبة، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات التاسعة عشرة حتى الثالثة والعشرين فابقوا معنا..

أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى{19} وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى{20} أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى{21} تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى{22} إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى{23}

تستخدم كلمة "سلطان" في القرآن الكريم للدلالة على البرهان والدليل. وتشير هذه الآيات الى أن أهل الجاهلية وعبّاد الأصنام كانوا ينسبون مظاهر الطبيعة إلى الأصنام، فأحد الأصنام هو إله السلطة، وآخر إله العلم، وثالث إله المحبة، إلى غير ذلك. ويعلن القرآن موقفه من هذه الآلهة كلها فيقول للمشركين: ما هذه الآلهة وما ينسب إليها إلا أسماء ليس لكم على أي منها دليل أو برهان.

ومما نتعلمه من هذه الآيات الكريمة أولاً: تدعو الحاجة في بعض الأحيان للكشف عن عناصر الإنحراف وأدواته، بهدف الإعتبار وإرشاد المدعوين إلى الحق.

ثانياً: لا ترض لغيرك ما لا ترضاه لنفسك، فكان أهل الجاهلية يرجحون الذكر على الأنثى، ومع ذلك كانوا يعتقدون أن الملائكة هم من الإناث وأنهم بنات الله.

ثالثاً: لا ينبغي للإنسان أن يسير خلف الشعارات والأسماء، مهما كانت براقة وخادعة.

رابعاً: الإرشاد والهداية من شؤون الربوبية ومقتضايتها.

وخامساً: طريق العلم والوحي، هو طريق الحق، وأما الأذواق الشخصية والإعتماد على السلف لأنهم آباء وسلف، واتباع الظن، والسير خلف الأهواء، فهذه الطرق كلها باطلة لا توصل الى الحق.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الرابعة والعشرين حتى السادسة والعشرين من سورة النجم المباركة..

أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى{24} فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى{25} وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى{26}

التمني، أيها الأكارم، هو تقدير شيء في النفس وتصويره فيها، وذلك قد يكون عن تخمين وظن، ويكون عن رؤية وبناء على أصل؛ لكن لما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له أملك، فأكثر التمني تصور ما لاحقيقة له.

وتشير الآيات الى أن الكون كله يسير وفق إرادة الله ومشيئته، وليس وفق رغباتها وميولنا. وعن أميرالمؤمنين علي (ع) ورد: (عرفت الله بفسخ العزائم ونقض المهمم) أي أن الأمور لا تسير بالضرورة وفق ما نهوى وما نعزم عليه.

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الكريمة أولاً: لا ينبغي أن نترك العمل ونراهن على شفاعة الشافعين، فمثل هذه الأماني لا تتحقق.

ثانياً: كل ما سوى الله تعالى، لا ثبات له ولا استقرار.

ثالثاً: يتجلى الملك الإلهي يوم القيامة بدرجة أعلى.

ورابعاً: لا يملك أحد الشفاعة إلا بإذن إلهي، حتى الملائكة، فكيف بالأصنام والأوثان.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات السابعة والعشرين حتى الثلاثين من سورة النجم المباركة...

إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى{27} وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً{28} فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{29} ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى{30}

تشير هذه الآيات، أيها الأكارم، إلى أن كل ما ينطبق عليه مفهوم العلم هو حق، وكل ما هو حق مطابق للعلم الواقعي، ولذلك يجوز استعمال أحد المفهومين محل الآخر. ومن هنا فإن القرآن الكريم بدل أن يقول: إن الإنسان لا يستغني عن العلم؛ قال: إن الظن لا يغني من الحق شيئاً.

كما تشير إلى أن الدنيا ينبغي أن تكون وسيلة لا هدفاً وغاية، ولذلك ينبغي أن نطلب من الله أن تبقى الدنيا في أنفسنا كما ينبغي أن تكون، ففي دعاء شهر شعبان نقرأ (ولا تجعل الدنيا أكبر همنا).

ومما نستقيه من هذه الآيات المباركة أولاً: لا ينبغي أن نستخف بالتسمية وإطلاق الأسماء على أصحابها، فالتسمية غير الصحيحة ترتب على الإنسان مسؤوليات ومطالبات.

ثانياً: الظن والحدس مسرحهما المجالات التي لا يتوفر فيها العلم، ولا يكفي الظن في القضايا ذات الطابع الإعتقادي.

ثالثاً: ينبغي الإعراض وعدم التعامل مع الذين يولون ظهورهم للدين ويُقبِلون على الدنيا بكل كيانهم.

رابعاً: التعلق بالدنيا والإعراض عن ذكر الله متلازمان.

وخامساً: الإيمان بسعة العلم الإلهي وشموله لأعمال الإنسان، من الأمور التي تعزّي المؤمنين.

أعزتنا الكرام، ختاماً تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، شكراً لحسن إصغائكم وطيب متابعتكم لبرنامج نهج الحياة وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة