البث المباشر

تفسير موجز للآيات 47 الى 55 من سورة الذاريات

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 970

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله حمداً كثيراً على نعمائه سيما نعمة الهداية والإيمان، ثم الصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا محمد وعلى آله أئمة الهداة الطيبين الطاهرين..

حضرات المستمعين الأفاضل في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات .. تحية لكم وأنتم تتابعون عبر أثير إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران برنامجكم "نهج الحياة" حيث نستأنف في حلقتنا هذه، بإذنه تعالى، تفسير سورة الذاريات المباركة نبدأه بالإستماع الى تلاوة الآيات السابعة والأربعين حتى التاسعة والأربعين منها فتابعونا على بركة الله..

وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ{47} وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ{48} وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(49)

كلمة "أيد" أيها الأفاضل، قد تكون جمع (يد) وهي العضو المعروف في جسم الإنسان، كما في قوله تعالى (أم لهم أيد يبطشون بها) وقد تتضمن هذه المادة (الألف والياء والدال) معنى القوة. وقد وردت في القرآن بهذا المعنى في قوله تعالى (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين).

وتدل الكلمتان "فرش" و"مهد" على بسط الشيء لإستخدامه للإستراحة.

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركات أولاً: السماء في حالة توسع دائم.

ثانياً: قانون الزوجية من القوانين الحاكمة على كثير من مظاهر الطبيعة.

ثالثاً: تهدف الإشارة الى مظاهر الطبيعة في القرآن الكريم الى تذكير الإنسان واعتباره.

والآن، إخوتنا الأكارم، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين الخمسين والحادية والخمسين من سورة الذاريات المباركة..

فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ{50} وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ{51}

وردت عبارة (نذير مبين) في هاتين الآيتين مرتين، وفي غيرها من الآيات عبارات مشابهة من قبيل (وقرآن مبين) و(عربي مبين)، وهذه العبارات كلها تؤكد حقيقة أن رسالة الأنبياء وكلام الله سبحانه يحملان الهداية من دون تعقيد وإبهام.

كما تشير هاتان الآيتان، أيها الأفاضل، الى أن نتيجة الفرار الى الله هي الفرار من الظلمات الى النور، ومن الجهل الى العلم، ومن الشرك الى التوحيد. وجاء عن الإمام الباقر عليه السلام أن سفر الحج من مصاديق الفرار الى الله عزوجل.

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان المباركتان أولاً: لا خيار أمام الإنسان سوى الحركة باتجاه الله والفرار إليه.

ثانياً: النظر في مظاهر الطبيعة وآلاء الله في الكون، لابد من أن يثير في الإنسان الإحساس بالعبودية لله تعالى.

ثالثاً: طريق الأنبياء واضح المعالم مشرق الجوانب.

ورابعاً: لا ملجأ حقيقي سوى الله تعالى شأنه، وغيره كائناً ما كان، ليس ملجأ يعتمد عليه.

أما الآن، مستمعينا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الثانية والخمسين حتى الخامسة والخمسين من سورة الذاريات المباركة..

كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ{52} أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ{53} فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ{54} وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ{55}

الآية الثانية والخمسون، أيها الأحبة، هي نتيجة للآيات السابقة عليها، وفيها تطييب لخاطر النبي (ص) وتهدئة لقلبه، من خلال بيان أنه ليس استثناء بين الأنبياء، فإذا كان مشركو مكة تعاملوا معه بتلك الطريقة، فإن كثيراً من الأنبياء السابقين عليه تعرضوا للطريقة نفسها.

ودعا الله عزوجل في الآية الأخيرة من هذه الآيات نبيه إلى التذكير وعلّل ذلك بأن الذكرى تنفع المؤمنين، وربما كان ذلك لكي لا يظن أحد أن الكافرين وحدهم بحاجة الى التذكير.

كما تشير هذه الآيات الى أن بين المعرفة والعلم وبين سماع الإنسان ما يعلم فرق شاسع؛ وذلك لأن الإستماع إلى متكلم مثل النبي صلى الله عليه وآله يشتمل على أعلى درجات الصدق والإخلاص له أثره الكبير حتى على من يسمع ما يعلم. ومن هنا، يأمر الله نبيه (ص) بالتذكير الدائم حتى للمؤمنين.

ومن التعاليم التي يمكن أخذها من هذه الآيات الشريفة أولاً: جميع الأنبياء واجهوا المعارضين واتهاماتهم الباطلة، وعليه لا ينبغي أن نخشى المعارضة والإختلاف في الرأي.

ثانياً: الطغيان هو الأصل الذي يتفرع منه اتهام الأنبياء.

ثالثاً: علينا أن نشك في إيماننا أو في درجته، عندما نجد أننا لا نتأثر بالنصيحة ولا نستفيد من العبر؛ وذلك لأن المؤمن يعتبر ويقبل النصيحة.

رابعاً: على الدعاة الى الله أن لا ييأسوا ولا يملّوا من الموعظة والهداية.

وخامساً: لا تقتصر الحاجة الى التذكير والوعظ على غير المؤمنين، فالمؤمنون أيضاً محتاجون الى التذكير.

إخوة الإيمان، بهذا قد وصلنا الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر تقبلوا تحياتنا ونسألكم الدعاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة