بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين وأزكى الصلوات وأتم التسليم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطاهرين المنتجبين..
حضرات المستمعين ، سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
حياكم الله أيها الأحبة وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من سلسلة حلقات برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث نستأنف فيها تفسير وبيان آيات سورة الذاريات المباركة نبدأها بالإستماع الى تلاوة الآيات الرابعة والعشرين حتى السابعة والعشرين منها فكونوا معنا مشكورين..
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ{24} إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ{25} فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ{26} فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ{27}
تتحدث هذه الآيات، أيها الأفاضل، عن عدد من الملائكة أتوا الى النبي إبراهيم عليه السلام، ليبشروه بالولد، وفي أول الأمر لم يعرفهم، ومع ذلك استقبلهم وأمر بإعداد الطعام لإستضافتهم.
كما يخبرنا القرآن الكريم عن إمكان تجسد الملائكة بصورة الإنسان، ولذلك أمثلة عدة في القرآن، منها: ظهور جبرائيل لمريم عليها السلام، وظهور هاروت وماروت بصورة البشر في عهد النبي سليمان عليه السلام.
كما تشير هذه الآيات الكريمة، الى بعض آداب الضيافة، منها: إحترام الضيف وتسليم الضيف عند دخوله ووجوب رد السلام عليه وذهاب صاحب البيت لإعداد الضيافة من دون أن يشعر به الضيف كما في قوله عز من قائل "فراغ الى أهله.." والإستضافة قبل الحوار والسؤال، وغيرها من آداب الضيافة.
ومما نتعلمه من هذه الآيات الكريمات، أيها الكرام، أولاً: من الأساليب المناسبة للدعوة والإرشاد استخدام الأمثلة والقصص الحاوية على العبر، قص الله علينا قصة إبراهيم وضيوفه.
ثانياً: البدء بالسلام أدب سماوي تلتزم به الملائكة.
ثالثاً: ينبغي تكريم الضيف والإهتمام به، حتى لو كان مجهولاً.
ورابعاً: على المضيف أن يبدي الإهتمام بحال الضيف ويطمئن إلى أنه أكل أم لم يأكل.
أما الآن، إخوتنا الأكارم، نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيات الثامنة والعشرين حتى الثلاثين من سورة الذاريات المباركة..
فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ{28} فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ{29} قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ{30}
كلمة "أوجس"، من الإيجاس، والإيجاس هو إحساس الإنسان بشيء في داخله، يأتي من الخوف.
وهذه الآيات، أيها الأفاضل، تتحدث عن بشارة النبي إبراهيم (ع) بالولد من زوجته الأولى سارة، والمراد من الغلام العليم في الآية هو (إسحاق).
ومما نتلمسه من هذه الآيات الكريمات أولاً: الأنبياء هم أيضاً من البشر ويعتريهم ما يعتري البشر من خوف وقلق لقوله تعالى "فأوجس منهم خيفة".
ثانياً: العلم من أهم الصفات في الولد حسب قوله عز من قائل "وبشروه بغلام عليم"
ثالثاً: المرأة مخلوق عاطفي؛ ولذلك يصعب عليها كتم عواطفها وانفعالاتها.
ورابعاً: إرادة الله حاكمة على العوامل والأسباب الطبيعية.
أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة مرتلة للآيات الحادية والثلاثين حتى السابعة والثلاثين من سورة الذاريات المباركة..
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ{31} قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ{32} لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ{33} مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ{34} فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{35} فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ{36} وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ{37}
"الخطب" هنا، أيها الأكارم، هو الأمر المهم الذي يسعى فيه أحد الأشخاص، و"مسومة" أي ذات علامة.
- هذه الآيات المباركات الى أنه لابد من احترام التراتبية وكرامات أهل الكرامة، ولذلك لما كان النبي ابراهيم عليه السلام من أولي العزم وأفضل أنبياء عصره، مرّ الملائكة عليه لإبلاغه قبل نزول العذاب على قوم لوط.
كما تشير الى أنه ليست أمة النبي محمد (ص) فقط من يطلق عليها صفة الإسلام، بل كل من سلّم لله تعالى من أتباع الديانات السابقة ينطبق عليه هذا الوصف.
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركات أولاً: لا ينحصر العقاب للمجرمين على الآخرة، فالدينا أيضاً قد تشهد بعض العقوبات الموجهة الى المجرمين.
ثانياً: الإيمان مفتاح الفلاح والنجاح، بتعبير القرآن الكريم "فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين".
ثالثاً: ينبغي الإلتفات الى المسلمين الموجودين في منطقة ما حتى لو كانوا أسرة واحدة.
رابعاً: آيات الله لا تنحصر في النعم وحدها، فالعذاب والغضب الإلهي آية من آياته عزوجل أيضاً.
وخامساً: الخوف الدائم من العذاب والغضب الإلهي قيمة من القيم الممدوحة.
بهذا، أيها الإخوة والأخوات، قد وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامج " نهج الحياة" نتمنى أن قد نالت رضاكم ولكم معنا بإذنه تعالى موعد آخر وحلقة أخرى من هذا البرنامج، فحتى ذلك الحين تقبلوا تحيات إخوتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران وفي أمان الله.