الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من المؤمنات الصادقات ومن سلالة الصادقين العلوية الشريفة العابدة السيدة نفيسة بنت الحسن الابلج بن زيد بن الامام الحسن المجتبى(ع).
هذه العلوية الشريفة من النساء اللاتي تركن اثاراً وخواطر كبيرة في عالم تهذيب النفس والتقوى والسلوك الى الله سبحانه وتعالى.
كانت عالمة فقيهة عابدة حافظة للقران، هي من مواليد مكة المكرمة عام 145 هجرية، نشأت في المدينة المنورة وكانت من النساء الثريات، كان زوجها ذا مال وهو اسحاق بن الامام الصادق(ع) واخ الامام الكاظم من امه وابيه (خليص)، اسحاق ايضاً هو من علماء اهل البيت ومحدثيهم، ناهيك انه ابن امام واخ امام وعم امام.
هذه العلوية اشتهرت في المدينة بالكرم والسخاء وكانت دارها هدف للفقراء والمحتاجين من داخل المدينة وخارجها، ما قيمة المال اذا لم يصرف في محله، اذا المرء لم يعتق من المال نفسه، تملكه المال الذي هو مالكه الا ان مالي الذي انا منفق وليس لي المال الذي انا مالكه قال المؤرخون انها سارت الى الحج من المدينة ثلاثين مرة وكانت في كثيراً منها تمشي على اقدامها، اعتقد ان هذا ارث وصلها من جدها الامام الحسن المجتبى لان الامام الحسن والامام الحسين(ع) حجا ثلاثين حجة وكانا يمشيان والنجائب تقاد بين يديهما واحياناً كانا يمشيان حافيين، حتى قيل للامام الحسن لماذا تمشي والنجائب تقاد بين يديك؟ فكان هذا جوابه: انا استحي ان اذهب الى بيت ابي ولم اكن ماشياً.
هذه العلوية سافرت مع زوجها لزيارة قبر ابراهيم الخليل ومرت في العودة بمصر في القاهرة فألح عليها علماء مصر لما سمعوا بأن اسرتها تنتمي لرسول الله(ص) بهذا القرب، ابن الامام الصادق وبنت الامام الحسن(ع)، تجمعت عليهم لعلماء والاجواء الثقافية كانت بحاجة الى عناصر لامعة فألح علماء مصر على السيدة نفيسة وعلى زوجها بأن تبقى في مصر للانتهال من مناهل علومها، وكانت معها بنت اخيها وهي زينب بنت يحيى والتي كانت تتشرف بخدمتها، فمكثت في القاهرة وتروي بنت اخيها تقول: بأن عمتي السيدة نفيسة عاشرتها اربعين عاماً فلم ارها نامت بليل او اكلت في نهار، طبعاً هذا ايضاً ارث وصلها من ابن عمها الامام زين العابدين(ع)، تقول زينب كنت بخدمتها اربعين سنة كل هذه السنين صائمة، وكانت في بيتها حضرت حضرة شبيه بالقبر فكانت تصلي فيها وكانت تقرأ القرآن حتى انها تقول انها تتذكر تماماً ان عمتها السيدة نفيسة ختمت القرآن ستة الاف مرة، هذا ربما ايضاً ارث وصلها من الامام الرضا(ع)، الامام الرضا تقول السير انه اهدى جبة لدعبل قال له: لقد ختمت القرآن بها الف مرة او مثلاً الامام السجاد حجّ على ناقة واحدة عشرين مرة.
العلوية نفيسة كان لها موقع خاص في مصر وفي القاهرة بالذات وعموم مصر وكان بيتها مطمح للعلماء يستفيدون منها ويذكر ابن خلكان: ام ممن حضر مجلسها واستفاد من علومها الامام محمد بن طلحة الشافعي امام المذهب الاسلامي وكان يتحدث في بعض احاديثه مستنداً اليها، ولعل المقاطع الموجودة في شعره وهي في اهل البيت:

يا آل بيت رسول الله حبكم

من لم يصل عليكم لا صلاة له

لعل هذه من افرازات تعلقه بهذه العلوية الطاهرة.
يروي المؤرخون ان عند احتضارها كانت صائمة فطلب اليها ان تتناول شيئاً فأجابت بأنها صامت ثلاثين سنة رجاء ان تغادر الدنيا وهي صائمة، رفضت وفعلاً توفيت وهي صائمة وطبعاً هذه الحالة تروي عن جعفر بن ابي طالب يوم استشهد بموتة، كان قطيع اليدين ومجروح جلراحات خطيرة، جاءوا له بماء قال للرجل ضيعه عند رأسي اذا عشت للغروب افطرت عليه لاني صائم واستشهد وهو صائم، ملف اهل البيت يعج بهذه الوحدات.
هذه العلوية الصائمة كانت الفاضلة الشريفة انها لما كانت بشبه احتضار وكانت تواصل قراءة القرآن وصلت الى هذه الاية في سورة الانعام "لهم دار السلام عند ربهم" وسكتت وكانت وفانها عام 208 للهجرة في شهر رمضان فاراد زوجها نقل جثمانها الى المدينة لكن اهل مصر الحوا عليه بدفنها عندهم في مصر لتبقى مناراً من منائر اهل البيت، كان متردداً لكنه رأى في المنام رسول الله(ص) يأمره بدفنها في بيتها فدفنها هناك ليبقى هذا المرقد ومراقد اهل البيت مشاعل تنشر الايمان والهدى في اجواءالناس.
مزارها من المزارات الشهيرة في القاهرة وقد زرتها مراراً فزرتها عام 73 انا الحقير السيد حسن الكشميري وزرتها اخيراً قبل شهرين عام 2000 ورأيت الاعمار الجديد والتوسعة الجديدة والماذن الشاهقة والمسجد الكبير بجنب قبرها.
اذكر ايضاً هذه الملاحظة ان مزار هذه العلوية تطاف حوله الجنائز تبركاً بفيضها، ووجدت ايضاً ان العرائس في حالة الزفاف ايضاً يأتون ويسلمون عليها ويقرأون الفاتحة عند قبرها، هذه الحالة من التبرك من مشاهد اهل البيت ان ينشد الانسان بقلبه الى مبادئهم باعتبار انهم احياء عند ربهم يرزقون وانهم اولياء الله.
وفي قبرها لاحظت لوائح كبيرة، لائحتان كبيرتان فيهما ترجمتها وبعض فضائلها، ولاحظت ايضاً قصائد معلقة نظمت هنا وهناك دونت بعضها لكن الوقت لا يسع.
على اي حال في القاهرة مشاهد اربعة مهمة، مشهد الحوراء زينب ومشهد عائشة بنت الامام الصادق ومشهد رأس الحسين(ع)والمشهد الرابع الذي يسمو شرفاً ورونقاً وبهاءاً هو مشهد مشهد العلوية الفاضلة السيدة نفيسة.
رزقنا الله زيارتها وزيارة اباءها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******