وتظهر الأدلة التاريخية أن الحلقات التفسيرية النسوية كانت قد عقدت في أوائل القرون الإسلامية، لكننا عندما نقوم بدراسة قائمة المفسرين المشهورين في القرون الأربعة عشر الماضية، نجد أن السيدة الوحيدة التي كانت مهتمة بكتابة تفسير كامل وشامل للقرآن هي الكاتبة والمفسرة الايرانية للقرآن "السيدة نصرت الأمين".
والسيدة نصرت الأمين، (1308 - 1403 هـ)، صاحبة تفسير "مخزن العرفان" عالمة وفقيهة ومحدثة شيعية من أعلام القرن الرابع عشر الهجري، وأخذت إجازتها من عدة علماء أبرزهم: الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس حوزة قم الحديثة، كما قامت أيضاً بإعطاء إجازة في الرواية لعدة علماء من بينهم آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي، والعلامة الأميني.
وولدت السيدة "نصرت الأمين" في مدينة "إصفهان" وسط إيران وهي أول إمرأة تقدم تفسيراً شاملاً للقرآن الكريم في عمل فريد هو الأول من نوعه على مدى التأريخ الإسلامي.
والسيدة نصرت الأمين لديها درجة إجتهاد في العلوم الدينية وقامت بتأسيس حوزة علمية للنساء في إصفهان، كما قامت بتأسيس مدرسة متوسطة للإناث عام 1965م، وانشاء معهد فاطمة الزهراء (س) عام 1965م، وكان هذا المعهد يدرس الفقه والأصول والحكمة والعرفان والفلسفة والأخلاق.
وقد تم إصدار تفسير "مخزن العرفان في تفسير القرآن" في 15 مجلداً باللغة الفارسية، وتميز بأسلوبه الذي أساسه التحليل والتبيين.
والنهج الرئيسي لهذا التفسير أخلاقي وعرفاني حيث يبدأ بمقدمة قد تمّ فيه ذكر دافع المؤلف من كتابته، وفضيلة القرآن، ومسألة التفسير بالرأي، وتعدد مستويات التفسير، وبعض القضايا الأخرى المتعلقة بعلوم القرآن.
وقامت الكاتبة في تفسيرها للقرآن الكريم بترجمة عدد من الآيات ثم تطرقت إلى تفسيرها بلغة سلسة وبسيطة إذ يمكن للجميع فهمها حيث تشير الكاتبة أحياناً إلى أقوال الملا صدرا وبعض الفلاسفة والعرفاء في هذا المجال.
وللتفسير طابع أخلاقي وتربوي حيث تعمل المفسرة على هداية القراء نحو توجه عرفاني يبعد القراء عن التوجهات المادية ويجعلهم متوجهين للذات الإلهية.
وقد استفدت "السيدة نصرت الأمين" من التفاسير الشيعية والسنية في تفسيرها منها "تفسير الملا صدرا" ، و"مجمع البيان"، و"تفسير القمي"، و"روض الجنان"، و"روح الجنان"، وتفسير "العياشي"، و"كشف الأسرار"، و"منهج الصادقين"، و"الميزان"، و"البرهان"، و"جواهر التفسير"، و"روح البيان"، تفسير البيضاوي"، "درِّ المنثور (السيوطي)، كما اعتمدت في تفسيرها على أشهر المفسرين من الصحابة والتابعين مثل ابن عباس وابن مسعود وعكرمة.