الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من اعلام الصادقين مضموناً وجهاداً هو المرحوم الشهيد القاضي السيد نور الله الشوشتري الحسيني نسباً واشتهر بعد ذلك بالقاضي التستري.
هذا العالم النحرير والمجاهد الشهيد السعيد مدفون في الهند في مدينة اكبر اباد واغلب سكانها من المسلمين وفيها عدد كبير من الامامية اتباع اهل البيت، في هذه المدينة اثار قديمة ومعالم دينية اشهرها قبر مزار الناس يزورونه ويتكبرون به ويتوسلون فيه الى الله يستمدون من مظلومية صاحبه الفيض، هذا القبر والمزار قبر نور الله الشوشتري اعلى الله مقامه.
له اثار كبيرة على مستوى القلم، هو اساساً من مدينة شوشتر تعلم العلم على يد كثير من العلماء العظام وكان هاجسه الاول والاخير خدمة اهل البيت وخدمة الشريعة والدين وايقاظ المجتمعات. اثاره في الجهاد باللسان ونتيجة ضغوط الطغاة وانتشار الفرغ والهلع والمطاردة لعناصر العلماء والخطباء والكتاّب، اضطر على الهجرة من بلد الى بلد، لما نقرأ حياة هذا الرجل المجاهد ما نراه استقر مدة في مكان واحد نتيجة هذه الهجمات والفتن والزوابع التي كان يثيرها اعداء الاسلام واعداء اهل البيت.
اذكر اثاره وموسوعاته، من اهم موسوعاته موسوعة (احقاق الحق) في الواقع اي محب للحقيقة لا اقصد اتباع اهل البيت فقط اي محب للحقيقة ومطالب للحقيقة ويود ان يعرف الحقيقة من خلال الدليل والمنطق لا من خلال التعصب والتعنت ان يقرأ هذا الكتاب، هذه الموسوعة الممتازة والضخمة وهو احقاق الحق.
ولديه ايضاً موسوعات اخرى مثل كتابه "مصائب النواصب، يدرج فيه بعض الاحداث والبلايا والخطوب التي عاناها اتباع اهل البيت، وايضاً له كتاب اسمه "الصوارم المهرقة" وهو رد على كتاب "الصواعق المحرقة" الذي يتطرف فيه صاحبه تطرفاً كبيراً يبعده عن الانصاف تماماً.
السيد نورالدين الشوشتري هو معاصر للشيخ البهائي، كيف ارتحل الى الهند؟ هذه المسألة تحتاج الى تفصيل لا نملك المجال هنا للتحدث عنها وعموماً لمل نقرأ عن فلات الاصفهاني، فلان العاملي، لا يعني ان هؤلاء غير عرب او فلان الهندي هؤلاء موطنهم الاصلي مكة المكرمة هم ذرية رسول الله لكن الضغوط وحملات التهجير الخبيثة شردت هؤلاء، يطلبون ملجأ الى جبل عامل او يلجأ الى اصفهان، ويلجأ الاخر الى خراسان او يلجأ الى بلاد بلخ وهكذا.
القاضي التوستري اعلى الله مقامه كان يرى بأنه مستهدف فاضطر ان يحط رحله في الهند لان هناك كانت مجموعات شيعية احتمى بها، حاكم المنطقة انذاك كان من الطغاة المتنصبين لال البيت لكن المرحوم الشوشتري بمهارة عالية وسياسة حكيمة استطاع ان يتلاءم مع الظرف ويوفر اي دليل لخصومه ليكتشفوا مولاته لاهل البيت فربما كان يعمل بهذه الرخصة الشريعية وهي التقية هذا ترخيص فقهي، لما العامل بالاسلام يرى وضعه خطير او مهدور الدم فيضطر ان يلتجأ الى وسائل يوهم بها على خصمه، هذه تسمى بالتقية وهذه لمصلحة المبدأ ومصلحة الهدف لا للمصلحة الشخصية والبعض يسميها بالنفاق، عندنا الصحابة وحتى الرسول(ص) في كتب الحديث ورد ان النبي كان يبتسم بوجوه اناس لا يحبهم وكان يبغضهم لكن من باب درأ الخطر ودفع الشر، المرحوم القاضي الشوشتري اعلى الله مقامه كان يعمل بهذا الاسلوب واستطاع الافلات من قسوة هذا الحاكم والذي ساعده في ذلك الكثر سلطته على المنابع الفقهية لكل المذاهب فكان ملماً لاراء فقهاء المذاهب لما يسأل يجيب باراء المذاهب ويكيف الجواب بحيث لا يتخطى رأي اهل البيت فبا لنتيجة في تلك الايام كان السلطان اكبر شاه وهو ناصبي مشهور اعجب به وقربه اليه، جعله قاضي القضاة وهنا تمكن السيد من خلال ذلك ان ينشر رأى الفقة الامامي بصمت وهدوء بفن بالغ وكان يغطي رأي اهل البيت بأجتهاده ورغم ذلك كان السلطان اكبر شاه يراقبه بحذر وصار للسيد شأن عظيم وعينه قاضي القضاة واشتهر من ذلك الوقت بالقاضي.
هذا العالم الكبير كان يستثمر كل وقته للتدوين والتأليف والذي حدث ان السلطان اكبر شاه مات فتولى بعده الحكم ولده جهانكير شاه وقر جهانكير استمرار السيد بعمله لكن رويداً رويداً تفطن بعض علماء الجور الى حقيقة امر السيد فشوشوا في اذن الحاكم والحاكم فتى فهمسوا في اذانه ان السيد الشوشتري امامي شيعي لكن يتحايل بفن ودقة وكان دليلهم انه لا يلتزم بفتوى المذاهب وانما يشفع ذلك رأيه وهو يطرح رأيه واستنباطه ويزعم انه يجتهد لكن هذا الحاكم لما حدث عنده هذا الاشتباه سلل بعض رجاله من علماء السلاطين والبلاط وهؤلاء كانت امنيتهم القضاء على السيد لانهم كانوا يحسدونه على موقعه العظيم عند الناس فتطاولوا عليه يوم من الايام باغتوه في غرفته الخاصة واخذوا بعض الكراريس وذهبوا بها الى الحاكم جهانكير شاه والكراريس هذه كانت جزء من مؤلفه القيم "مجالس المؤمنين" ما اكتفوا بذلك وراحوا يعرضونها على كل رجال هذا الحاكم وطواغيته واذا بعلماء السوء دخلوا على الحاكم وهم يفتون بسرعة قتله وان وجود هذا مفسده، طبعاً مفسده على الباطل وعلى اهل الباطل كما ان الفراعنة واصحاب فرعون يقولون اتذر موسى وقومه يفسدون في الارض فهم اعتبروا وجوده مفسده بأعتبار انه ينشر الفكر الامامي واكثر من هذا بعضهم كان يقرأ الكراريس كلمة كلمة ويخاطب جهانكير بأن كل سطر من كتابة هذا الرجل يستحق عليه القتل والحرق، فسألهم الحاكم اذن ما جزاءه؟ قالوا: ان تضربه بهذا الكيس مئة مرة، الكيس كان فيه حصى وهي وحده من وسائل التعذيب وقيل انه كانت عنده دره قاسية يضرب بها فقبضوا عليه وجاءوا به معصوب العينين واجمالاً ضربوه بهذا الكيس والدرة فأسلم النفس صابراً في خط اهل البيت والدفاع عن مظلومياتهم ونشر فضائلهم واستشهد رحمة الله عليه وهو ابن سبعين عاماً من السن فرموه في مزبلة فجاءت امرأة منتصف الليل ودفنته سراً وعينت قبره وبعد مر السنين بني ذلك القبر واصبح مزاراً يقصد.
نسأل الله ان يزيد في علو درجاته ويتغمده برحمته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******