الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من اعلام الصادقين هو الصحابي الجليل خزيمة بن ثابت الاوسي والذي اشتهر بذي الشهادتين، خزيمة ذو الشهادتين.
هو ممن صادق بما عاهد الله عليه، هذا العنصر المبارك هو من خيرة اصحاب الرسول الاوائل، وصحابة الرسول درجات ومراتب واصناف، هذا من الصنف المفضل لانه بدري ومن الاوائل الذين وضعوا ايديهم بيد الرسول(ص) وشاهد بدراً وتحمل فيها بسقط كبير من التضحية والعطاء. حزيمة ايضاً من الاوائل الذين ساهموا في تحطيم الاصنام واشترك في مختلف المواجهات والغزوات مع الرسول(ص).
ملفه ملف جميل وثري بالماثر، وجه تسميته بذي الشهادتين هي قضية معروفة ومشهورة وان رسول الله(ص) اعطاءه هذه الدرجة وهذا الوسام، النبي(ص) تعامل مع الاعرابي نكث المعاملة ولم يكن هذا امراً طبيعياً وانما كان المنافقون من وراءه، المنافقون لا يتركون اي فرصة الا وتتحرك اصابعهم لايذاء رسول الله وللاضرار بالرسول وبسمعة الرسول، بعد الاعرابي باع الفرس للرسول(ص)همسوا في اذنه المنافقون بأنه لو باعها في السوق ولو يستردها من الرسول يكون ثمنها ربما اضعاف ذلك، الاعرابي بحكم طبيعته البدوية وفطرته العادية تأثر بهذا الكلام وغلب الحرص عليه، جاء الى الرسول(ص) لبفسخ المعاملة مع النبي ولكن لم تكن طريقته الصحيحة فهو ادعى انه باعها له واستلم ثمنها منذ ايام، ذهب الاعرابي واقتنع ولكن المنافقين حرضوه مرة اخرى بأن يطالب النبي بشهود واحراج النبي(ص) بعدما علموا انه لم يكن هناك شاهد ليضعوا الرسول(ص) في فخ في تصورهم الخاطئ، عاد الاعرابي الى الرسول وهو يقول: يا محمد هل لديك شهود على ما تدعي؟ هات بشهودك في هذه الاثناء يمر هذا الصحابي الذي هو من الاوائل في حبهم ووفاءهم للرسول(ص) وهو خزيمة ولم يكن يكتفي بكلام مع الرسول وانما يستفيد مع النبي واستمع الى المرافعة بين النبي(ص) والاعرابي، والاعرابي يصر هل لديك شهود؟
فصاح خزيمة: نعم انا اشهد بأن ما يدعي رسول الله هو صادق وان النبي اشترى الفرس ودفع ثمنها.
تراجع الاعرابي فألتفت النبي الى خزيمة وقال: يا خزيمة كيف شهدت لي وانت لم تكن حاضراً؟
فقال يا رسول الله يا سبحان الله اخبرتنا عن السماء والارض فقبلنا دفعتنا الى الاسلام والتوحيد فامنا بالله وبك رسولاً، امرتنا بالصلاة فصلينا، امرتنا بالصيام، امرتنا بالزكاة، كل ذلك صدقناك به والان لا نصدقك على ثمن الفرس؟ كيف يكون ذلك؟ هذا التقييم دفع الرسول(ص) الى ان ينظر الى خزيمة نظرة اكبر وهو يقول: يا خزيمة اني جعلت شهادتك مقابل شهادة رجلين في الواقع القرآن كان يؤكد على هذا المعنى لما كال الاعراب الجاهليين كالوا الاتهامات لرسول الله بأنه ساحر وكذاب، القرآن يردد هذا المعنى "ما ظلّ صاحبكم "وما صاحبكم بمجنون" لان الله سبحانه وتعالى يريد ان يذكر هؤلاء بأن الرجل عاش بينكم اربعين عاماً واطلقتم عليه صفة الصادق والامين من صغر سنة ثم سوابقه سوابق نظيفة يخبركم بأخبار السماء يعظكم وتقبلون، وكان يحس قضاياكم ولم تسجلوا عليه اي تجريح واي خلل وانحراف ما ظلّ صاحبكم "وما صاحبكم بمجنون".
من هذا المنطق يأتي خزيمة(رض) وشهد للرسول(ص) والنبي يقدر له ذلك كل التقدير ويجعل شهادته قبال شهادة رجلين فسمي بعد ذلك بخريمة ذو الشهادتين.
هذا البطل، هذه الشخصية الميمونة المباركة كان له دور بارع يوم فتح مكة مع الرسول(ص) وكان من حملة الوية النبي يوم الفتح. نطوي صفحات كثيرة من ملفه لننتهي الى هذه الوقفة، في عام 37 هجرية وقف خزيمة مع الامام امير المؤمنين والفترة حرجة وفترة اختبار، الله سبحانه وتعالى اختبر المسلمين عامة والصحابة والاوائل خاصة، اختبرهم بتلك الفترة الحرجة حينما وقف امير المؤمنين(ع) وتطوقه الفتن من كل جانب ومكان، كانت فترة اختبار قصيرة فأحد الذين ترددوا نتيجة الضغوطات والدعايات وذلك الاعلام المكثف ضد الامام امير المؤمنين والذي اعطي طابع التقدس، اخذ يتردد خزيمة قليلاً وانه يقات مع الامام امير المؤمنين وبقي في ازمة خلاف مع نفسه لكن كان يراقب دور الامام علي(ع) ودور الجهة المقابلة، خطب الامام وخطب معاوية، كلمات الامام واضحة وكلمات معاوية واضحة، لكن متى تحرك ببسالة خصوصاً لما استشهد عمار بن ياسر فلما تحرك اصحاب امير المؤمنين وشاهد خزيمة عمار وموقفه الشجاع واوقد عنده الشعور، ولما شاهد ان عمار(رض) في حالة احتضار جاءوه بلبن وتناول اللبن وفجأة خطرت هذه النكتة في ذهن خزيمة تذكر ما سمعه بنفسه من رسول الله(ص) مخاطباً عمار، يا عمار تقتلك الفئة الباغية ويكون اخر شرابك في الدنيا ضياح من لبن، طبعاً خزيمة حاضر وشهد ان الذين قتلوا عماراً واعتدوا عليه وظلموه هم اصحاب معاوية فالقضية اصبحت واضحة تماماً بالقطع، تناول سيفه وجاهد بين يدي الامام علي(ع) وطبعاً معاوية كان يريد القضاء على العيون والشخصيات التي هي موضع اعتماد الامام امير المؤمنين مثل خزيمة مثل عمار الذي كان يشكل الذراع القوي للامام علي(ع) فلذلك تناول السيف بعد مصرع عمار وابلى بلاءاً حسناً وراهن معاوية على تصفيته فأستشهد خزيمة وتأثر الامام وبدا عليه الالم وكان يترحم عليه قائلاً: ابن عمار وابن هاشم المرقال وابن خزيمة ذو الشهادتين.
رحمه الله وقدس سره وزاد من علو درجاته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******