البث المباشر

حسين ابن علي الاصفهاني (مؤيد الدين)

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:26 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 162

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
احد شهداء الاسلام من الصادقين هو شهيد من شهداء طريق اهل البيت المرحوم الحسين بن علي الاصفهاني الطغرائي المعروف بمؤيد الدين. وزير معروف، وهو من ذرية الشاعر ابي الاسود الدوئلي، من الشهداء الصادقين وهو شاعر واديب وعالم كبير وفقيه مجد، وقد استشهد ظلماً وعدواناً في الستين من عمره.
ولادته عام 453 هجرية وكم تمنيت ان لدى فرصة اكثر من هذا لا تحدث اكثر الا ان الوقت لا يسمح الا بالاجمال، شاعرنا وهو الحسين بن علي الطغرائي له الكثير من الشعر في مختلف المناسبات ونحن نعرف ان افضل الاعمال عظمة وثواباً هو جهاد الكلمة:

وما فاتني نصركم باللسان

اذا فاتني نصركم باليد

قصائده وشعره مفعمة بالحكمة والموعظة وبالادب ومن اشهر قصائده قصيدته المعروفة بلامية العجم، مليئة بالحكمة والادب ومطلعها:

اصالة الرأي صانتني لدى الخطل

وحلية الفضل زانتني لدى العطل

مجدي اخيراً ومجدي اولاً شرع

والشمي رأد الضحى كالشمس في الطفل

فيما الاقامة بالزوراء لا سكني فيها

ولا ناقتي ولا جملي

فلا صديق اليها مشتكى المي

ولا انيس اليها منتهى جذل

كأن الشاعر تعرض الى مطبات غريبة وعجيبة ومقاطعة وشبه هجرة كاملة، هجره الناس نتيجة تشدده في حب اهل البيت فهو يقول: فيما الاقامة، يبدو انه يعكس الحالة التي كان يشعر بها من الوحشة:

فيما الاقامة بالزوراء لا سكني فيها

ولا ناقتي ولا جم

فلا صديق اليها مشتكى المي

ولا انيس اليها منتهى جذل

ثم يشير فيها الى مضمون آخر:

اعلل النفس بالامال ارقبها

ما اضيق العيش لو لا فسحة الامل

وحسن ظنك بالايام معجزة

فظن شراً وكن منها على وجل

يعني كن حذراً ولا تتعامل بتسامح، وتحسن الظن بأفراط.

ترجو البقاء بدار لا ثبات لها

فهل سمعت بظل غير منتقل

اثنى ابن خلكان على الحسين بن علي الطغرائي الاصفهاني وقال عنه: كان غزير الفضل فاض اهل عصره بصنعة النظم، وخلال متابعتي لسيرة هذا الشاعر العظيم والشهيد الفضيل وجدت له قطعة شعرية نشم فيها رائحة فطلمته او نلمس جانباً من معاناته وعمق مظلمته في مسألة تشدده في ولاء اهل البيت مثلاً نقرأ في شعره يقول:

حب اليهود لال موسى ظاهر

وولاءهم لبني اخيه باد

وارى النصارى يكرمون محبة

لنبيهم نحتاً من الاعواد

واذا توالى آل احمد مسلم

قتلوه او وصموه بالالحاد

تعساً للمقابيس الباطلة، وتعساً لاجراءات الطغاة وتعساً لهذا الحقد الخبيث على اهل البيت وموالي اهل البيت:

لم يحفظوا حق النبي محمد

في اله والله بالمرصاد

كان مرمى ومستهدف وكان يهدد دائماً ولا ذنب له الا ولاءه لاهل البيت وعدم انحرافه عن هذا الخط وهو خط اهل البيت مثلاً في قطعة اخرى من شعره يقول:

توعدني في حب آل محمد

وحب بن فضل الله قوم فأكثروا

فقلت لهم لا تكثروا ودعوا

دمي يراق على حبي لهم وهو يهدر

فهذا نجاح حاضر لمعيشتي

وهذا نجاة ارتجي يوم احشر

نعم الزاد، نشم رائحة الالام والاضطهاد الذي مرس ضده وضد امثاله هنيئاً له على هذا الزاد الذي واجهوا به ربهم يوم القيامة وهو ولاء اهل البيت.
ان هذا العالم والشاعر البطل اضافة الى علومه الادبية وعطائه الاذي هناك مجال اخر كان ضليعاً به بالنسبة للعلوم الاسلامية كان عالماً بالكيمياء كما تقول السير، له تصانيف وكذلك مؤلفات ذكر بعضها صاحب (امل الامل) وصاحب (معجم الادباء) لكن اين ذهبت مؤلفاته فيبدو انها احرقت او دمرت ضمن الغارات والهجمة المسعورة للقضاء على تراث اهل البيت وقرأت في مقاطعه الادبية رحمه الله وهو يصف ذلك الموقف المر في مجلس ابن زياد لما عرض اهل البيت وكان رأس الحسين امام عبيد الله بن زياد وكان قد اخذ العصا وكان يضرب رأس الحسين(ع) فينظم هذا ويقول:

ومبسم ابن رسول الله قد عبثت

بنو زياد بثغر منه منكوت

وهو من شهداء الاسلام، من شهداء الصادقين يبدو انه لم لم يخضع للتهديدات وكان يعلم انه مستهدف وقرأت انه وزع نتاجه الادبي وتراثه عند الكثير من اقرباءه لكن يبدو نتيجة التعذيب والسطو كله اتلف واخر شئ ان اهل الجور عزموا على قتله فربطوه الى شجرة واستمروا يرشقونه بالسهام فكان يردد وهو مربوط الى شجرة.

ولقد اقول لمن يسدد سهمه

نحوي واطراف المنية شرع

بالله فتش في فؤادي هل ترى

فيه لغير هوى الابة موضع

هذا المعنى الذي يشير اليه الصاحب بن عباد:

لو فتشوا قلبي بدا وسطه

سطران قد خطا بلا كاتب

العدل والتوحيد في جانب

وحب آل البيت في جانب

في تلك اللحظة التي السهام ترشق وترمى صوب بدنه كان يصيح وهو مربوط الى الشجرة، تقول الروايات ان الجلاد رقّ لحاله فتركه لكن بقي ملاحقاً واصرار الظلمة يلاحقه ويصر على قتله وقتل بعدها ظلماً وعدواناً واستشهد بسبب اصراره ومجاهرته على موالاة اهل البيت وكان مقتله رضوان الله عليه او استشهاده بأربل عام 514 هجرية ومنع من دفنه في المقابر العامة لان النواصب كانوا مسلطين على الامور فدفن سراً في مقبرة خاصة وبقي قبره مجهولاً.
رحم الله هذا العلم الذي هو من اعلام الصادقين في حبهم وتفانيهم لاهل البيت والسلام عليه وعليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة