البث المباشر

تفسير موجز للآيات 31 الى 37 من سورة "ق"

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 964

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أحبتنا المستمعين الأفاضل سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركات.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تتابعون برنامجكم القرآني "نهج الحياة" وحلقة جديدة منها حيث سنواصل فيها تفسير آيات سورة قاف المباركة حيث نستهلها بتلاوة آياتها الحادية والثلاثين حتى الثالثة والثلاثين فلنستمع معاً..

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ{31} هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ{32} مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ{33}

"الخشية" أيها الكرام، هو خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه؛ ولذلك خص العلماء بها في قوله تعالى "إنما يخشى الله من عباده العلماء".

كما تشير هذه الآيات الى أن حسن الضيافة يقتضي أن يؤتى بالطعام الى الضيف، لا أن يأتي هو إلى الطعام، كما فعل النبي إبراهيم عليه السلام عندما قرّب الطعام الى ضيفه بقوله تعالى (فقربه إليهم) على القاعدة نفسها، نجد أن التي أعدها الله للمتقين ليست بعيدة عنهم بقوله عز من قائل (وأزلفت الجنة للمتقين).

ومما نستقيه من هذه الآيات الكريمات أولاً: الجمع بين الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، من القواعد الأساس في التربية.

ثانياً: المعيار عند الله هو العمل، لا الجنس ولا العرق.

ثالثاً: نيل الجنة مرهون بالعودة الى الله والسعي نحوه.

رابعاً: لا ينبغي أن تتحول الرحمة الإلهية الى منشأ غرور، بل على الإنسان أن يقرن الأمل بالرحمة، بالخشية والرهبة من الله سبحانه.

وخامساً: المعرفة والخشية هما منشأ الإنابة والعودة الى الله.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة مرتلة من الآيتين الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين من سورة قاف المباركة..

ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ{34} لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ{35}

أيها الأحبة، أشار الله سبحانه في الآيات السابقة الى أربع صفات كمالية للمتقين، هي: أواب أي تواب، وحفيظ (من الحفاظ على حدود الله) والخشية يعني الخوف من الله و"ذو قلب منيب" أي خاضع وخاشع لله سبحانه.

وفي هذه الآية يشير عزوجل الى صفات الجنة، وهي (بسلام) (دار الأمن والأمان) ودار (الخلود) ولأهلها (ما يشاؤون) ولدى الله المزيد من نعمها التي لا حد لها ولا حصر بقوله تعالى (ولدينا مزيد) رزقنا الله وإياكم دار الخلود.

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الشريفتان أولاً: خشية الله في الدنيا من أسباب الأمن والسلام في الآخرة.

ثانياً: يعامل الله أهل جهنم يوم القيامة بعدله، وأما أهل الجنة فإنه يعاملهم بلطفه وكرمه.

ثالثاً: الإنسان كائن كثير المطالب، ولا يرضيه إلا ما لا ينفد.

ورابعاً: لطف الله سبحانه وكرمه أوسع من حاجة الإنسان ومن رغباته.

والآن، إخوة الإيمان، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين السادسة والثلاثين والسابعة والثلاثين من سورة قاف المباركة...

وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ{36} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ{37}

كلمة "القرن" من الإقتران كالإزدواج في كونه اجتماع شيئين أو أشياء في معنى من المعاني.

والقرن في هذه الآية، أيها الأطائب، هم القوم المقترنون في زمن واحد وجمعه قرون. أما البطش فهو تناول الشيء بصولة.

وبالنسبة لـ "نقبوا" فهو من النقب وهو ثقب الأرض أو غيرها بإحداث فجوة فيها. وربما كانت كلمة "منقبة" مشتقة من هذا الأصل، لأنها صفة راسخة في النفس، والمراد من النقب في هذه الآية هو السير في الأرض.

وأما "الشهيد" في الآية هو الشاهد الحاضر في المجلس بحيث يعي ما يدور حوله، وليس كما يقال جسده هنا وهو في محل آخر.

ومما نتعلمه من هاتين الآيتين المباركتين، أيها الأحبة، أولاً: هلاك الأمم السابقى بكفرها وشركها من المنارات التي يجب أن يستفيد منها من أتى بعدهم من مصيرهم.

ثانياً: هلاك الجبارين الكافرين من الأمور التي تبعث الأمل في نفوس أهل الإيمان.

ثالثاً: عندما لا تقترن القوة بالإيمان تتحول الى مصدر للأذى والإضرار بالآخرين.

رابعاً: لا ينبغي أن نمر على أحداث التاريخ بسذاجة، بل علينا أن نحللها ونستلهم منها العبر. وعدم الإعتبار من التاريخ دليل على موت القلب أو على عدم وجوده.

وخامساً: السماع والإستماع يؤثران عندما يتوفر السامع على قلب حي مستعد للفهم والوعي.

إخوتنا الأكارم، من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، قدمنا لكم هذه الحلقة من برنامجكم "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر دمتم سالمين وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة