بسم الله الرحمن الرحيم.. والحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، حبيب الله محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أحبتنا المستمعين الأطائب سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى حلقة جديدة من برنامج "نهج الحياة" وتفسير ميسر لآي الذكر الحكيم حيث سنواصل في هذه الحلقة من البرنامج تفسير سورة قاف المباركة..
أيها الأحبة، ندعوكم في هذه اللحظة الى الإستماع الى تلاوة الآيات الثالثة والعشرين حتى السادسة والعشرين من سورة قاف ومن ثم نشرع بإذن الله بتفسيرها فتابعونا مشكورين..
وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ{23} أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ{24} مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ{25} الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ{26}
إخوتنا الأكارم، في كلمة "عتيد" إشارة الى النظام والدقة في عمل الملائكة، وأما "عنيد" فهو من (العناد) وهو اللجاجة في طلب أمر ما، و"مناع" هو البخيل الكثير المنع.
وأما "كَفّار" صفة مبالغة من الكفر؛ ومن يوصف بهذا الوصف يكون قد بلغ الغاية من الكفر والعناد، ولا يكتفي بالكفر بل يدعو الناس إليه ويعيقهم عن الهداية، ومثل هذا الإنسان عاقبته النار من دون شك.
أما ما نتعلمه من هذه الآيات الشريفات أولاً: الأمر بإلقاء المجرمين في جهنم من المؤشرات الى ذلهم وهوانهم.
ثانياً: المعيار في التعامل مع الناس يوم القيامة هو العمل لا العرق ولا النسب، ولا غيرهما من الإعتبارات الموجودة في الدنيا.
ثالثاً: الأحكام الإلهية شديدة وصارمة لا تقبل الإستئناف والإبطال.
ورابعاً: لا تستوي منازل جهنم بل تختلف منازلها ومراتبها، في الشدة والضعف، أعاذنا الله تعالى وإياكم منها.
--فاصل--
أما الآن، إخوة الإيمان، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات السابعة والعشرين حتى الثلاثين من سورة قاف المباركة..
قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ{27} قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ{28} مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{29} يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ{30}
أيها الأحبة، تشير هذه الآيات المباركات الى أن رفيق السوء هو من العوامل المساعدة على دخول الإنسان الى النار، وهنا يشير الله عزوجل الى الشيطان بوصفه قرين سوء للإنسان.
وفي آية الثامنة والعشرين من سورة الفرقان يعرض عزوجل لصرخات الندم التي تصدر عن أهل جهنم إذ يقول بعضهم (يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلاناً خليلاً).
كما تشير، هذه الآيات الكريمات، الى أن في يوم القيامة تدور حوارات ونقاشات بين المجرمين، وبينهم وبين قادتهم، وبينهم وبين الشياطين، ويحاول كل طرف من هؤلاء إلقاء اللوم على الآخر وتحميله مسؤولية ما ارتكب من جرائم في الدنيا.
ومما نستقيه من هذه الآيات البينات، أولاً: على الإنسان أن يحذر رفيق السوء وأن يختار أحسن الرفاق لمعاشرتهم، فهو بين خيارين متناقضين، يصل أحدهما الى الحضيض، حيث يكون الشيطان قرينه.
ثانياً: علينا أن نعي أن إبليس يوم القيامة يتبرأ منا ولا يتحمل أي مسؤولية تجاهنا.
ثالثاً: قد يهبط بعض الناس الى مستوى يتمكن إبليس عنده من اتهامهم بالضلال.
رابعاً: تغيير الأحكام الإلهية يوم القيامة ظلم، لا يمكن أن يصدر عن الله سبحانه.
خامساً: دخول المجرمين الى النار إن كان ظلماً فهو ظلم منهم لأنفسهم، وليس ظلماً من الله تعالى.
وسادساً: تتوفر جهنم على نوع من الوعي والشعور، ولذلك يدور بينها وبين الله سؤال وجواب.
---فاصل---
إخوتنا الأفاضل، بهذا وصلنا الى ختام هذه الحلقة من البرنامج القرآني "نهج الحياة" حيث قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فحتى لقاء آخر تقبلوا تحياتنا، والى اللقاء.