البث المباشر

سعيد ابن عبد الله الحنفي وصلاة الشهداء

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:21 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 156

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من الصادقين في وفاءهم وصداقتهم لاهل البيت وللحسين(ع) هو سعيد بن عبد الله الحنفي.
سعيد بن حنفي من شهداء الطف عام 61 هجرية استشهد بين يدي ابا عبد الله الحسين وهو شاب عريس، ولهذا البطل في يوم كربلاء مواقف ومقامات مشهوده تدل على رسوخ ايمانه وشجاعته وشدة ولاءه لاهل البيت.
قد يقوم بعض الاشخاص بحركة فريدة لكن فيها نوع من التهور او من المراوغة ولكن حينما يتحرك الانسان وحركته نابعة عن عقيدة وعن فهم وعن قناعة تامة ذلك امر آخر.
هذا البطل الذي هو من فرائد الصادقين، دفعه ايمانه وتفاعله مع قضية الحسين، انه في ليلة عاشوراء سمع الحسين(ع) يكلم اصحابه وهو يصفي لبيان الحسين، الحسين كان يكلم اصحابه بعدما اطبق عليه الجيش الاموي وطوقه تطويقاً كاملاً وضيّق عليه الخناق، فكان يخاطب الحسين اصحابه "اني قد اذنت لكم فأنطلقوا فأنتم في حل مني وليس عليكم مني ذمام، وهذا الليل قد غشيكم فأتخذوه جملاً وليأخذ كل واحد منكم برجل برجل من اهل بيتي وتفرقوا في سوادكم ومدائتكم وحلائلكم فأن القوم يطلبونني ولو اصابوني لهو عن طلب غيري" ما ان اكمل الحسين(ع) بيانه هذا الشريف واذا بأصحابه اندفعوا وكل واحد يكشف عما في نفسه من وفاء وتفان ومحبة واذا بهذا الرقم العظيم وهو سعيد بن عبد الله الحنفي وهو شاب في مقتبل العمر تفور جوفه غرائز الشباب، لكن شب الايمان في قلبه وراح يحركه ضميره وايمانه فسحق الغرائز وراح متحدثاً مع الحسين بكلمات لما نستمع اليها بأصغاء نجد فيها الايمان، ملئها الوفاء الصادق والولاء الكامل، صاح: يا ابا عبد الله والله لا نخليك حتى يعلم الله اننا قد حفظنا فيك غيبة رسول الله، سيدي يا ابا عبد الله والله لو اعلم اني اقتل ثم احيا ثم اقتل ثم احرق ثم يذؤى رمادي في الهوء وهكذا يفعل بي سبعين مرة ما فارقتك حتى القى حمامي دونك وكيف افعل ذلك، انما هي موتة وقتلة واحدة ثم بعدها الكرامة التي لا انقضاء بعدها.
هذا الحديث ينم عن عقيدة وقناعة تامة بفلسفة الشهادة وعمق محتواها، ان هذه الشريحة التي هي من ابرز مصاديق الصادقين، صدق بما عاهد الله عليه يتكلم عن ذوبان في هذا المعنى وحينما نراجع بياناتهم نلاحظ ان هؤلاء كانوا يرون الوجود بعين ثانية وكان عندهم انسجام مع العالم الاخر الذي هو ما فوق مستوانا والذي هو اوسع من عالمنا، لذلم يقول سعيد بن عبد الله الحنفي: وكيف افعل ذلك وانما هي موتة وقتلة واحدة ثم بعدها الكرامة التي لا انقضاء بعدها.
يروي اصحاب المقاتل انه حينما اندلعت المعارك واشتبكت الاسنة واشتدت اوزار الحرب اقتحم هذا الرجل حواجز المعركة ودخل قاعة المنازلة وكان يرتجز:

افدي حسين اليوم تلقى احمدا

وشيخك الخير علياً ذا الندى

كان يبلّغ بالسيف وبلسانه

وحسناً كالبدر لاقى الاسعدا

اذكر حالة فريدة حدثت يوم العاشر ولسعيد بن عبد الله الحنفي فيها دور عظيم، حان وقت صلاة الظهر وجاء ابو تمامة الصائدي وقف امام الحسين وقال: يا ابا عبد الله حان وقت الصلاة فقال الحسين: ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلين، لكن اراد الحسين ان يصلي فأحاطه الجيش الاموي وهنا اراد الحسين ان يعصي صفحة اخرى عن عظمة الصلاة وانه لا يمكن التخلي عنها اطلاقاً في اي ظرف وفي اي طارئ، الذي فعله الحسين انه شكل درعاً بشرياً من اجل سلامة المصلين، قسم اصحابه صنفين، صنف ائتموا به وصنف كانوا يقفون درعاً اماه حتى اذا اكمل الصلاة التحق هؤلاء وراح المصلون ليشكلوا درعاً بشرياً من اجل سلامة الحسين والمصلين، وهذه كانت فترة معقدة جداً، الى ان انهى الحسين(ع) صلاته وهنا يأتي دور هذه الحالة المهمة لسعيد وهو انه كان يشعر ان بني اميةاستغلوا اداء الحسين صلاته فكثفوا من هجومهم الغادر على شخص ابي عبد الله بأعتباره لولب القيادة والعنصر الاول في القضية، فكثفوا من رمي الحسين بالسهام والاسنة والنبال لكن سعيد بن عبد الله تكيّف مع الموقف وتعامل بجدارة مهمة لكن الثمن كان غالياً، انه كان يتلقى اي سهم كان يوجه صوب الحسين فيقف ويقيه بصدره وقاوم مقاومة غريبة الى ان اكمل الحسين صلاته فسقط سعيد بن عبد الله الحنفي على وجه الارض وكان يحتضر في اللحظات الاخيرة واستولت عليه سكرات الموت ومضرج بدمه، الحسين(ع) قدر له هذا الموقف الشجاع وهذه التضحية الكبيرة فتقدم الحسين(ع) نحوه وكان ينظر اليه من بعيد وهو يقول: "اللهم العنهم لعن عاد وثمود، اللهم ابلغ نبيك عني السلام" ثم وصل الحسين(ع) الى مصرع سعيد ووقف عند رأسه فسمعه يدعو "اللهم انك تعلم ما لقيت من الم الجراح فأني اردت بذلك نصرتك ونصرة نبيك".
وهذه نقطة مهمة، ان اي عمل يقوم به الانسان من هذا القبيل اذا دخل هناك عامل اخر افسد الوضع، على الانسان حينما يقوم بأي جهاد سوى بالكلمة او بالدم او بالمال وبمستوى آخر عليه يضع الله قبل ذلك العمل وبعد ذلك العمل وان تكون النواة الاولى من اجل الله، لم تكن هناك اي حركة قام بها اهل البيت او اصحاب الحسين في يوم عاشوراء وتقف وراءها نوايا الانية واحدة وهو الله، نحن نسمع العباس(ع) "اني احامي ابداً عن ديني وعن امام صادق".
كان ينادي سعيد بن عبد الله "اللهم انك تعلم ما لقيت من الام الجراح فأني اردت نصرتك ونصرة نبيك ونصرة ذرية نبيك".
الملحوظ ان الحسين كان يعد السهام التي في صدره واذا بها سبعة عشر سهماً، فهو فتح عينه في اللحظة الاخيرة شاهد الحسن فصاح: اوفيت يا ابا عبد الله؟
ولفظ انفاسه بين ايدي الحسين والحسين يترحم عليه ويقول: "انت سعيد في الدنيا وسعيد في الآخرة".
رحمة الله وزاد في علو درجاته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة