الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من سادات شهداء الاسلام هو الحمزة عم رسول الله(ص)، من رموز الصادقين.
كان الحمزة عم النبي سيد الشهداء الى ان استشهد ابو عبد الله الحسين(ع) انتقل هذا العنوان الى ابي عبد الله الحسين.
الحمزة عم النبي اكبر من النبي بخمس سنوات، جاء في الروايات ان يوم القيامة يركب ناقة النبي العضباء، ولرب سائل يسأل ما دخل الحيوانات بيوم القيامة؟ طبعاً لا ننسى الآية الكريمة "بسم الله الرحمن الرحيم / واذا الوحوش حشرت".
على اي حال الروايات تقول يركب يوم القيامة ناقة النبي(ص) وربما يكون هذا الحديث تعبير كنائي عن موقع سيدنا الحمزة يوم القيامة، وفي الاحاديث ايضاً ان الحمزة وجعفر بن ابي طالب يكونان يوم القيامة عن جانبي الامام امير المؤمنين وفاطمة الزهراء من وراءه، وعرف الحمزة بأنه ذو بأس شديد، يعني لما يكر ويهاجم، يهاجم معنوية عالية واصرار وبمواصلة وبشدة "في بأس حمزة، في شجاعة حيدر" يضرب البعض المثل بحملاته وطبيعة حملاته، الحمزة عم النبي له موقف رائع يوم العقبة مع الامام اميرالمؤنين، كان السيف بيده وينادي "لا يجوز احد الا ضربته بسيفي دفاعاً عن رسول الله(ص)"، استشهدنا سيدنا الحمزة يوم احد ولم يفج رسول الله فجيعة كفجيعته بأستشهاد عمه وما حدث له من التمثيل بجسده المبارك، هند ام معاوية استخدمت هذا الجلاد الوحش وهو اسم على مسمى ومثّل بجسد الحمزة واريد ان ابتعد عما فعله هذا الرجل فعموماً هذه المرأة اخذت كبد الحمزة فأكلته، وهذا كان طبع بني امية، الطبع الغالب عندهم تشفي احقادهم تصل الى هذه الدرجة، اكلت كبد الحمزة لا كتها لذلك تشير الحوراء زينب في خطبتها في الشام في ديوان يزيد بن معاوية قالت من جملة ما قالت لانها لا تستبعد هذه الافعال من يزيد لانه ورثها اباً عن جد "وكيف ترتجى مراقبة من لفظ فوه اكباد الازكيا، ونبت لحمه من دماء الشهداء".
النبي فجع بذلك المشهد وتأثر وصدم، الحمزة قاتل وناضل يوم احد وكان صائماً وقد عانقه النبي وقبله ما بين عينيه قبل ان يخرج الى مسرح العمليات وقد سمع يوم احد هذا النداء "لا فتى الاّ علي لا سيف الاّ ذوالفقار، فأذا ندبتم هالكاً فابكوا الوفي اخا الوفي" ، الوفي اخي الوفي هنا، الوفي الاول لرسول الله هو عمه الحمزة والوفي الثاني لرسول الله هو عمه سيدنا ابوطالب(رض)، ان النبي صدم حتى روي ان "ما من يوم اشد على رسول الله من يوم مصرع عمه الحمزة" وقد صلى عليه رسول الله ودفنه بثيابه التي استشهد فيها وقيل ان رجليه ظهرتا فأخذ النبي حشيشاً من حشائش الارض وعظى رجليه بذلك وصلى عليه سبعين صلاة وكبّر عليه سبعين تكبيرة، وورد ان النبي(ص) دعا النساء لاقامة العزاء عليه لانه رأى ان بعض عوائل الشهداء يبكين قتلاهن فتأثر النبي قائلاً "اما لعمي الحمزة من بواكي" ثم دعا النساء لاظهار الحداد والحزن عليه وعمل بعض المسلمين من باب التكريم سبحاً من طين قبره احياءاً لذكراه وتخليداً لمواقفه وجهاده، كذلك انه من الزيارات المستحبة زيارة الحمزة عم النبي(ص) وشهداء احد بأعتبار هذا الموقف انه جرت فيه مواجهة بين قمم الايمان وفي مقدمتهم رسول الله وامير المؤمنين وحمزة عم النبي وبين قمم الشرك كأبي سفيان وغيره من الذين جهزوا ومولوا وهيئوا كما تقول الروايات اعدوا سبعين اوقية من الذهب كميزانية لان تنج هذه المعركة لصالح الكفار، الموقف موقف خالد والمكان اثري وقيم ويقال ان الجبل الذي بجانب الموقف هذا فيه قبر لمجموعة من الانبياء كموسى وعمران والى ما هنا لك.
النبي(ص) كان يزور قبر عمة الحمزة ويأمر الناس بزيارة قبر وكان يردد "من زارني ولم يزر عمي الحمزة فقد جفاني" ومن هنا تاست مولاتنا سيدة النساء الصديقة فاطمة بأبيها رسول الله.
يقول محمود بن لبيد: "بعد ان توفي رسول الله كانت فاطمة الزهراء تأتي قبور الشهداء في احد"، فلما كان في بعض الايام اتيت قبر الحمزة وجدت الزهراء باكية هناك تنظر الى المقبرة وتتنفس الصعداء وهي تقول: "ها هنا كان يقف ابي رسول الله" ثم تبكي حتى يغمى عليها، يقول محمود بن لبيد: وقفت وامهلت نفسي الى ان هدأت الزهراء(ع) من بكاءها، سلمت عليها وقلت: يا سيدة النساء والله لقد قطعت نياط قلبي من بكاءك، اما ان لبكاءك ان ينتهي؟
فقالت: يا اباعمر اما يحق لي البكاء، والله ها هنا كان يقف ابي رسول الله ويبكي عمه الحمزة وكنت انظر اليه واني يا محمود قد اصبت بخير الاباء. ثم صاحت الزهراء: وا شوقاه اليه يا ابه وهي تقول: "اذا مات يوماً ميت قلّ ذكره وذكر ابي مذ مات والله اكبر".
وبقيت مقبرة الحمزة سيد الشهداء وموقفه رمزاً خالداً يحكي ذلك المنعطف الخطير الذي مر به تاريخ الاسلام ومن هنا سجل المؤرخون كأبن الاثير والمسعودي وغير هؤلاء انه حينما بويع الخليفة الثالث بالخلافة وابتهج الامويون سجل المؤرخون هذه الملاحظة ان ابا سفيان وكان مكفوف البصر جاء به احد غلمانه يقوده الى مقابر احد، فوقف ابو سفيان وقال لغلامه: اوقفني عند قبر الحمزة! فأوقفه فأخذ يركل قبر سيدنا برجله وهو ينادي: ايه ابا عمارة، انظروا الى التحدي والى فعل رسول الله في هذا الموقف وفعل ابي سفيان، فوقف يركل قبر الحمزة برجله وهو ينادي فرحاً مسروراً شامتاً: ايه يا ابا عمارة ان الامر الذي تقاتلنا عليه اصبح اليوم في ايدي غلماننا ورجع بعد ذلك وهو مبتهجاً ليشرب نخب الانتصار واجهز بعد ذلك بنو امية على ربوع البلاد ومقدراتها.
هكذا بقي سيدنا الحمزة رمزاً يحمل هذا العنوان وهو سيد الشهداء الى عام 61 هجرية حينما استشهد ابو عبد الله الحسين فانتقل عنوان سيد الشهداء الى ابي عبد الله الحسين نظراً لفداحة وعظم موقفه وتضحياته الخالدة، اصبح يعرف بسيد الشهداء وسيد الاحرار.
فسلام الله على سيدنا الحمزة وعلى سيدنا ابي عبد الله الحسين وجميع الشهداء والصديقين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******