البث المباشر

سليمان ابن صرد الخزاعي وثورة التوابين

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:03 بتوقيت طهران

إذاعة طهران-مع الصادقين: الحلقة 147

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من المصاديق البارزة للصادقين بطل من ابطال الاسلام وهو سليمان بن صرد الخزاعي.
هذا البطل صحابي ومهاجر شجاع وكان في الجاهلية يسمى يساراً، ولما اسلم وصاحب النبي واستحب النبي صحبته سماه النبي سليمان.
ابن ساعد في طبقاته يعده من الطبقة الثالثة من اصحاب النبي، هذا العنصر المبارك صاحب النبي ولعب دوراً مع رسول الله وبعد وفاة النبي بفترة انتقل الى الكوفة وابتنى فيها داراً وسكن هناك وهو احد الذين راسلوا الحسين وطلبوا التوجه الى الكوفة وبعد ذلك طارده بن زياد فترة وبعد ذلك ظهر سليمان في مظهر ممالئ ويتظاهر ويتنكر انه مع السلطة لكن هو في الواقع كان في الظل يعمل جندياً مخلصاً للحسين(ع) حتى ان رسالة الحسين(ع) الى حبيب بن مظاهر هو الذي اوصلها وهذا ليس بالامر السهل فحبيب بن مظاهر شخصية مسلطة عليها الاضواء ويسكن في قلب الكوفة وفي وسط تلك الرقابة الصارمة كان سليمان يلعب هذا الدور في نقل المراسلات بين الحسين(ع) وبين وجوه وشخصيات الشيعة المعروف من محبي اهل البيت(ع).
ان سليمان بن صرد له سوابق قتالية وجهادية مع رسول الله وكذلك مع الامام امير المؤمنين(ع)، يوم صفين كان سليمان بن صرد على ميمنة الامام علي ويوم برز احد قادة الجيش وهو حوشب وكان يردد اهازيجه المعروفة:
نحن اليمانيون منا حوشب... الخ.
حمل عليه سليمان بن صرد وكان يرد عليه مردداً هذه الاراجيز:

يا ايها الحي الذي تذبذبا

لسنا نخاف ذا ظليم حوشبا

امسى علي عندنا محببا

نفديه بالام ولا نبقي ابا

هذه اشعاره واراجيزه في وسط المعركة والقتال وقال المؤرخون بأنه شد على حوشب وقتله وعاد سليمان للامام امير المؤمنين ووجهه جريح ومضرج بالدم فلما نظر اليه الامام اخذ يمسح الدماء عن وجه سليمان وهو يقرأ هذه الاية: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً". 
ثم قال: يا سليمان انت ممن ينتظر وممن لم يبدل، يعني ثابت القدم ولم تلعب بك الامواج ولا التيارات.
ان هذا الاسد سليمان بن صرد الخزاعي قاد حركة لها موقعها في التاريخ وهي حركة التوابين، وهي حركة معروفة في الواقع وقود هذه الحركة كعملية غسل للعار ومقاومة لبني امية واظهار للندم على ما فاتهم من نصرة الحسين(ع)، بدأت حركة التوابين من مجموعة قليلة لا يتجاوزون عدد الاصابع، سليمان بن صرد قائدهم معه المسيب، عبد الله الازدي، عبد الله التميمي، رفاعة البجلي ومجموعة صغيرة لعبوا دوراً كبيراً وقلت انهم لم يخذلوا الحسين(ع) انما كل لسبب ولظرف خاص فاتهم اللحوق بالحسين وبعضهم سافر بعد الحسين متتبعاً اثره وقاصداً نصرته وانضم اليهم افراد كثيرين مثلاً عبد الله بن الحر الذي وقف عند قبر الحسين ووصل بعد المجزرة بأيام وهو يقول: فيالك حسرة مادمت حياً.
ووصفه البعض انه من رثى الحسين وهو الذي ضرب نفسه بالسيف حتى ان البعض يقول ان نواة التطبير كان هذا.
فأستمر هذا بعقد الندوات واستمروا ينظمون صفوفهم لكن في تكتم وتعتيم الى ان هلك يزيد بن معاوية و بعده اينه معاوية بن يزيد وحدث ما حدث هؤلاء استغلوا الفرصة والوقت ساعدهم اخذوا يتكاثرون وكان ابن الزبير يمدهم طبعاً لغاية في نفسه ولهدف عنده وتحت هذا الشعار "يا لثارات الحسين" توجهوا الى كربلاء وصاحوا صيحة واحدة وشدوا عومهم عندما وقفوا على قبر الحسين وصارت مظلوميت الحسين هي التي تمدهم بالعزم، يقول المؤرخون ما شوهد في ذلك اليوم الا ناع وناعية واتجهوا من هناك صوب الانبار حتى وصلوا محلاً يقال له "عين الوردة" هناك عرض عليهم ابن زياد الاستسلام والبيعة لعبد الملك بن مروان فرفض التوابون وبالمقابل طلب سليمان بن صرد البيعة لال الرسول للامام زين العابدين(ع) لكن حدثت هناك اشاعات والطابور الخامس لعب دوراً تفرق عدد منهم والذين بقوا مع سليمان بن صرد لم يتجاوزوا الالف في حين كان الجيش الاموي حوالي اثني عشر الفاً ولكن سليمان بن صرد نتيجة الممارسة القتالية وقياداته السابقة والخليفة التي كان يتمتع بها اصر على مواجهتهم وحربهم وكان قائد الجيش الاموي هو الحصين بن نمير وقف امام سليمان بن صرد وكان يهدده يقطع يديه ورجليه ومن باب الحرب النفسية فوجد الحصين بن نمير في شخصية سليمان انه كان عنيداً وكان لا يعرف التراجع ولغة المهادنة وقاتل قتالاً ضارياً واستشهد رضوان الله عليه في ربيع الثاني عام 65 للهجرة وان عمره يوم استشهاده كان خمسة وتسعون سنة وهو لم يتراجع ولم يفتر امام الطغاة وامام الظلمة وكان يتغنى بأراجيزه المعروفة، ورحم الله اعشى همدان الذي رثاه بقوله:

ولا يبعد الله الشباب وذكره

وحب تصافي المعصرات الكواعب

فاني وان لم انسهن لذاكر

روية مخباة كريم المناسب

توسل بالتقوى الى الله صادقاً

وتاب الى الله الرفيع المراتب

ثم يقول في آخر هذا الرثاء: 

فجاءهم جمع من الشام بعده

جموع كموج البحر من كل جانب

فما برحوا حتى ابيدت سراتهم

فلم ينجو منهم ثم غير عصائب

فأضحى الخزاعي الرئيس مجدلاً

كأن لم يقاتل مرة ويحارب

وبهذا انتهى ملف سليمان بن صرد البطل العظيم الذي يزخر بكثير من المواقف الجهادية والبطولية وسجل له تاريخاً ناصعاً وعمراً ثانياً وهو عمر الذكريات الرائعة فرحمه الله بواسع رحمته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة