ولتفسير التبيان أهمية قصوي عند الشيعة لأنه أول تفسير شامل للقرآن أي أنه يضمّ جميع سور القرآن الكريم.
وقد إستند الشيخ الطوسي في كتابته إلي مختلف العلوم الدينية والشرعية واللغوية منها الصرف والنحو والمعاني والبيان والكلام والفقه والتأريخ.
وهذا الكتاب هو أول تفسير شيعي جامع؛ بمعنى أنّه مفسّر وجامع لكل آيات القرآن؛ والمؤلف وظّف جميع طرق التفسير لشرح الآيات القرآنية؛ كما أنه يعتبر من أقدم مصادر التفسير، وقد انتهج العديد من مفسّري الشيعة للقرآن نهج الشيخ الطوسي في التفسير.
ولم يكتف الشيخ الطوسي بالمأثور عن أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة، بل ركّز على عنصر العقل وأخذ بنظر الاعتبار العلوم المختلفة في تفسيره مدققاً آراء المفسرين الماضين والمعاصرين له، ومن هذا المنطلق اعتبر البعض أن هذا التفسير يشمل علوماً مختلفة كالصرف والنحو والاشتقاق والمعاني والبيان والحديث والفقه والكلام والتأريخ.
وتفوق تفسير التبيان علي كل التفاسير السابقة التي كانت تفسير الآية بالحديث والرواية إنما الشيخ الطوسي دعم الحديث بتحليله وتقييمه وإجتهاده الفقهي وأيضاً إجتهادات العلماء الآخرين.
وكان الشيخ الطوسي من رواد المدرسة التي مزجت بين الكلام والعقل في بغداد حيث أبلغ مناهج الشيخ المفيد والسيد مرتضي ذروتها كما قدم الكثير من الكتابات في شتي المجالات الدينية.
وكانت تفاسير الشيعة قبل ذلك لاتدخل الإجتهاد في التفسير إنما كان المفسرون يضعون بعض الروايات والأحاديث تحت الآية لتكون تفسيراً لها ولكن الشيخ الطوسي قد قدم تفسيراً مختلفاً حيث وضع كل ما جاء به العلماء بالإضافة إلي إجتهاداته التفسيرية تحت الآية لتقدم بذلك أول تفسير شيعي شامل للقرآن الكريم.
ووصف البعض منهج الشيخ الطوسي بالمنهج الإجتهادي العقلي وأثبت الشيخ الطوسي أن القرآن الكريم نصّ يمكن للعقل البشري الإجتهاد فيه وتفسيره وليست الروايات السبيل الوحيد لتفسيره.
ويعتبر تفسير التبيان تفسيراً شاملاً ذي مصادر عديدة حيث إستند كاتبه إلي القرآن والعقل والروايات بالإضافة إلي ماجاء به المفسرون من قبل.
وكان الشيخ الطوسي خبيراً في بحوث العقل والفلسفة والكلام، لذلك أكثَرَ من المواضيع الكلامية بما يناسب الموضوع واتخذ العقل منهجاً؛ لتبيين معاني الآيات، وقام بتفسير بعض الآيات ونقل معتقدات الفرق الكلامية المختلفة كالمرجئة وجعلها في بودقة الانتقاد.
ومنهج الشيخ الطوسي في تحليل مفردات الكلمة وصرفها واعرابها لأجل الوصول إلى معاني الآيات في هذا التفسير ملفت للنظر حيث قد استفاد من المصادر الأصيلة الأدبية، وأورد الأشعار العربية الفصيحة في تحليلاته اللغوية.
وفي أغلب الحالات، يستند صاحب التبيان في تفسيره إلى المفسرين الأوائل للقرآن، ويذكر أقوالاً لأشخاص كـ ابن عباس من المصادر التفسيرية لأهل السنة، ويجعلها قيد الدراسة والتدقيق.
ورتّب المؤلّف معطيات كلّ سورة بالطريقة الآتية: ابتداءًا بذكر الأسماء المتعددة لكل سورة، وأنها مكية أو مدنية، وهل ذُكر فيها ناسخ أو منسوخ وخصوصيات أخرى فيها، وبيّن المعاني اللغوية لمفردات القرآن، وذكر فيها اختلاف القراءات وملاحظات حول الصّرف والنحو والبلاغة، ثم شرح، وفسّر الآية، وأورد آراء المفسرين وأقوال حولها.
ونرى في أنحاء الكتاب تقييماً لأسباب نزول الآيات وقضايا تخصّ الكلام ومواضيع في الفقه ذا علاقة بها، بحيث إنّ الفقه والكلام طغيا صبغتهما على غيرهما من الجوانب في الكتاب، وبما أنّ للشيخ الطوسي يدٌ طولى بمعرفة الاختلافات الفقهية بين المذاهب، انعكس ذلك في العديد من المواضيع إلى المقارنة بين الآراء ومقايستها.
تجدر الاشارة الى أن الشيخ الطوسي هو "محمد بن الحسن بن علي بن الحسن" ولقبه "شيخ الطائفة" ويعدّ من أكبر الباحثين في الحديث والفقه وقدم إلى العراق من خراسان وتتلمذ على يد كبار علماء الشيعة هناك كالشيخ المفيد والسيد المرتضى. وأسند إليه الخليفة العباسي كرسي الكلام في بغداد.
وعندما احترقت مكتبة "شابور" إثر هجوم طغرل بيك السلجوقي اضطر للهجرة إلى النجف فأسس حوزة النجف العلمية هناك.