بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله حمد الشاكرين على نعمائه والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأكارم طابت أوقاتكم بكل خير وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنقدم لكم فيها بإذن الله تفسيراً ميسراً آخر لآيات القرآن الكريم ومن سورة محمد (ص) المباركة فكونوا معنا وتابعونا مشكورين,,,
--فاصل—
والآن أيها الأفاضل، وقبل تفسيرها نستمع الى تلاوة الآيتين التاسعة والعشرين والثلاثين من سورة محمد (ص)..
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ{29} وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ{30}
أحبتنا الكرام، ورد في سبب نزول هاتين الآيتين، أنها نزلت عندما اتهم بعض المنافقين رسول الله (ص) بأنه حابى صهره وابن عمه في غدير خم، يوم أخذ بيده وأعلن خلافته من بعده.
ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الكريمتان أولاً: من النفاق، ومن علامات مرض القلب، سوء الإستفادة من ستر الله وإمهاله في الفضيحة وكشف العيوب.
ثانياً: لا تقتصر فضيحة العاصين وكشف ما يضمرون من أحقاد على يوم القيامة، بل قد ينالهم شيء من الهتك في الدنيا أيضاً.
ثالثاً: الحسد والضغينة من عوامل ظهور النفاق وكشف المستور والمضمر.
رابعاً: الوجه مرآة تحكي ما في باطن الإنسان وتكتشف عوراته.
وخامساً: لا يكفي أن يكون الكلام نفسه مؤدباً، بل يجب أن تكون طريقة الكلام ولحنه كذلك أيضاً. والمنافق قد يضبط لسانه، ولكنه يعجز عن التحكم في لحن الكلام وطريقة أدائه.
--فاصل—
أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآية الحادية والثلاثين من سورة محمد (ص)...
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ{31}
أشارت الآية السابقة، عزيزي المستمع، الى أن الله تعالى لا يعلم ظاهر أحوال الناس فحسب، وإنما يعلم أسرارهم أيضاً، وعليه فإن الإختبار لا يهدف الى المعرفة واطلاع الله على ما لم يكن مطلعاً عليه، بل ليظهر المستحق من الناس من غيره، كما ربما يحصل مع الإنسان في بعض الحالات، فإنهم يعلمون قدرات من يعمل لهم الأعمال، ولكنهم يطلبون منهم العمل ليعطوهم الأجر في مقابل ما عملوا.
وقوله تعالى "حتى نعلم" ليست بمعنى العلم مقابل الجهل، بل بمعنى ظهور العلامة والتميز.
فتعلمنا هذه الآية المباركة أولاً: الإختبار أمر عام وحتمي وهو من السنن الإلهية.
ثانياً: من الميادين والمجالات التي يختبر فيها الإنسان ميدان الحرب والقتال فينكشف فيها النفاق ويظهر ما خفي من المرء فيها.
ثالثاً: الصبر والثبات من الصفات المهمة في ساحة الجهاد.
ورابعاً: معيار التقييم عند الله هو النجاح في العمل.
--فاصل—
أحبتنا الأكارم، فيما يلي تستمعون الى تلاوة الآية الثانية والثلاثين من سورة محمد (ص) ومن ثم نقدم لكم تفسيرها الموجز فتابعونا على بركة الله..
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ{32}
تشير هذه الآية المباركة، إخوتنا الأطائب، الى أن صد الناس عن سبيل الله يأخذ أشكالاً عدة، منها: تحريف القوانين والشرائع الإلهية، والبدعة في الدين، وتشكيك الناس في عقائدهم من خلال إثارة التساؤلات حول صحة بعض المعتقدات الدينية كما في قوله تعالى في الآية الخامسة والسبعين من سورة الأعراف حيث يقول عز من قائل "أتعلمون أن صالحاً مرسلٌ" وإضعاف الأنبياء والقادة الإلهيين واتهامهم بالكهانة والسحر والشعر أو تهديد الناس الذين يميلون نحو الدين ويقبلون دعوة الأنبياء، وإشغال الناس بالقضايا التافهة وغير الضرورية، وإثارة أجواء الفتنة وإشعال الحروب، وتشريع القوانين المقيدة التي تعيق إقبال الناس على التعاليم الإلهية، وأخيراً تولية من لا يستحق وإعطاؤه عناوين ومناصب دينية.
ومما نستقيه من هذه الآية الكريمة أولاً: الكفر هو منشأ الظلم للنفس والأنبياء والمجتمع كله.
ثانياً: يتم الله الحجة على الناس، جميعاً، بإرسال الأنبياء وإظهار الحق وتبيينه للناس.
ثالثاً: الكفر والعصيان، الصادران عن العصاة والكافرين، لا يصل منهما الى الله شيء ولا يضرانه في شيء.
ورابعاً: العناد، بعد وضوح الحق، من أسباب حبط الأعمال الحسنة وإبطال آثارها.
--فاصل—
الى هنا، إخوة الإيمان، نصل الى ختام حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر تقبلوا تحيات إخوتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، وفي أمان الله.