بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين على نعمائه ثم الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. مستمعينا الأكارم تحية طيبة لكم أينما كنتم وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث سنواصل فيها تفيسر سورة محمد (ص) المباركة نبدأها بالإستماع الى تلاوة الآيات السابعة حتى التاسعة منها فكونوا معنا على بركة الله..
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{7} وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ{8} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ{9}
مما نتعلمه من هذه الآيات المباركات، عزيزي المستمع، أولاً: من لوازم الإيمان ومكملاته، العمل على نشر الدين ونصره والدفاع عنه.
ثانياً: الجهاد في مواجهة الكفار المحاربين من مصاديق نصر دين الله.
ثالثاً: تلقي الألطاف الإلهية يتوقف على جهد الإنسان، وبالتالي فإن انتظار المدد والعون الإلهي من دون عمل لا معنى له.
رابعاً: يجوز لعن الكفار المعاندين ومنه قوله تعالى (فتعساً لهم)
خامساً: كره القرآن والإعراض عنه يترتب عليه إحباط العمل وفقدان أعمال الخير.
وسادساً: الرغبة والإقبال على العمل يعطيه أو يزيد في قيمته، وكذلك الإقدام على العمل مع الكره له يفقده قيمته حتى لو كان بحد نفسه ذا قيمة.
أما الآن، أيها الأطائب، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات العاشرة حتى الثانية عشرة من سورة محمد (ص)..
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا{10} ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ{11} إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ{12}
إخوتنا الأكارم؛ مما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركة، أولاً: الغافل الذي لا يستفيد و لايعتبر بما مر على غيره من الناس، يستحق العتاب واللوم.
ثانياً: لا ينبغي النظر الى آثار العمران والرفاه الذي كان عند الأمم السابقة فقط، وإنما يجب النظر أيضاً إلى العاقبة والمصير الذي أصابها.
ثالثاً: الإيمان بسبب من أسباب كسب الحماية الإلهية، والكفر من أسباب خسارة هذه الحماية وفقدها.
رابعاً: يوم القيامة لا يستفيد الكافرون من أي ناصر أو ولي.
خامساً: دخول المؤمنين الى الجنة تجل من تجليات الولاية الإلهية.
وسادساً: لا مانع من التملك والتمتع بنعم الله في حدود ما أحله عزوجل، وما ينتقده القرآن ويعترض عليه هو تجاوز الحدود المعقولة والقوانين المشروعة.
والآن، إخوة الإيمان، ندعوكم الى الإستماع الى تلاوة الآيتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة من سورة محمد (ص)..
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ{13} أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ{14}
أيها الأكارم، يتعرض الأنبياء خلال أدائهم مهمة الدعوة للكثير من التهم كالإتهام بالشعر والسحر، ولايكتفي الكافرون بذلك بل يضيفون الى الإتهام التهديد بأمور عدة من القتل والتعذيب والإبعاد والنفي والسجن.
وعلى الرغم من أن رسول الله خرج من تلقاء نفسه من مكة، فإن الله ينسب الإخراج من مكة الى أهلها المشركين، وذلك لأنهم ضيقوا عليه وهددوه فخرج.
ومما نستقيه من هاتين الآيتين أولاً: معرفة التاريخ تشد عزيمة الإنسان وتزيد من قدرته على التحمل.
ثانياً: لا ينبغي أن يخشى المؤمن غير القوة الإلهية، لأن كل قوة غير قوة الله لا قيمة لها.
ثالثاً: مستند المؤمن ومعتمده الدليل والبرهان، أما الكفار فإنهم يستندون إلى الأهواء والرغبات.
رابعاً: الإنسان يكره القبيح بالفطرة وينفر منه، وإذا أراد لسبب أو آخر فعل أو حُبّ أمرٍ قبيحٍ زينه أو زُيّن له حتى يراه حسناً فيتبعه.
وخامساً: من مقتضيات الربوبية البينة وكشف الحقيقة حسب قوله عز من قائل (على بينة من ربه).
بهذا، إخوتنا الأفاضل، نصل الى نهاية هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) ختاماً نشكركم لحسن إصغائكم وطيب متابعتكم برنامجكم هذا والى اللقاء.