بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأزكى الصلوات وأتم التسليم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.. مستمعينا الكرام سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات، تحية لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، الى حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنواصل فيها تفسير آيات سورة الدخان المباركة نشرعها بالإستماع الى تلاوة الآيتين الثامنة والثلاثين والتاسعة والثلاثين منها فكونوا معنا على بركة الله:
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ{38} مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{39}
هاتان الآيتان، إخوتنا الأكارم، هي بمنزلة المقدمة للآيات التالية المتعلقة بيوم القيامة، وكأن الآيات تشير الى أن القيامة لو لم تكن فإن هذا يعني أن الخلق يكون بلا غاية؛ لأن عالم الوجود كان لأجل الإنسان، ولو أن حياة البشر تختتم بالموت ولا شيء بعد الموت، فهذا يعني أن عالم الوجود كله باطل. ولذا قال تعالى (وما خلقناهما إلا بالحق).
وما نتعلمه من هاتين الآيتين أولاً: ليس الهدف من خلق عالم الوجود سوى الحق، ولو أننا لم ندرك الهدف من الخلق فإن هذا يرجع إلى قصورنا ومحدودية إدراكنا.
ثانياً: لا ينتظر الحكيم حكم الآخرين على فعله.
وثالثاً: العلم الحقيقي هو الإيمان بحقانية وحكمة الفعل الإلهي.
أما الآن، أعزتنا المستمعين الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة مرتلة من الآية الأربعين حتى الثانية والأربعين من سورة الدخان المباركة:
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ{40} يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ{41} إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{42}
عزيزي المستمع، بما أن خلق العالم كان بحق، إذاً لابد من وجود يوم القيامة، فالله الحكيم خلق الوجود بحق، فلن ينتهي هذا الوجود بالموت. كما أن كلمة (مولى) هنا تعني الصديق والولي والخادم والعبد.
وما نستقيه من هذه الآيات المباركة أولا: يوم القيامة هو يوم الفصل بين الحق والباطل، وبين المحسن والمسيء.
ثانياً: في يوم القيامة تنقطع كل صلة إلا الشفاعة.
ثالثاً: لا عون في يوم القيامة؛ لا من شخص لشخص ولا من جماعة لجماعة.
ورابعاً: الله الذي بيده القدرة والرحمة هو العزيز بالنسبة للكفار وهو الرحيم بالمؤمنين.
والآن ندعوكم أحبتنا الأفاضل، للإستماع الى تلاوة الآيات الثالثة والأربعين حتى الآية الخمسين من سورة الدخان المباركة:
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ{43} طَعَامُ الْأَثِيمِ{44} كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ{45} كَغَلْيِ الْحَمِيمِ{46} خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ{47} ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ{48} ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ{49} إِنَّ هَذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ{50}
كلمة (الزقوم) هنا، أيها الأفاضل، نوع من الطعام الكريه الرائحة في جهنم، وكما أن الكافر والمجرم يخلد في جهنم فكذلك شجرة الزقوم بإرادة من الله عزوجل.
و(الأثيم) هو من كان غارقاً في الذنوب، و(المهل) هو الفلز أو المعدن المذاب أو الملوث. وأما عبارة (فاعتلوه) أي اسحبوه كرهاً وبعنف.
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الكريمات أولاً: المعاد جسماني، فالطعام والشراب والماء المغلي علامة كون المعاد جسمانياً.
ثانياً: الذنب سبب لنزول العذاب الإلهي.
وثالثاً: عذاب القيامة جسماني وروحاني، فالعذاب الجسماني في الماء المغلي والعذاب الروحي بالإستهزاء والإحتقار والإهانة بأنهم هم الذين كانوا في الدنيا لا يرون العزة والكرامة إلا لأنفسهم.
إخوة الإيمان والهدى، بهذا وصلنا الى نهاية حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" ختاماً تقبلوا تحياتنا والسلام خير ختام.