بسم الله الرحمن الرحيم..
الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطاهرين المعصومين .. حضرات المستمعين الأكارم سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركاته، تحية لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى حلقة جديدة من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) وتفسير آيات أخرى من القرآن الكريم حيث نقدم لكم بدأً من الحلقة هذه تفسير سورة الدخان المباركة فكونوا معنا وتابعونا على بركة الله..
...فويصل...
أيها الأكارم.. سورة الدخان هي سورة مكية ذات تسع وخمسين آية وهي خامسة السور التي تبدأ بالحروف المقطعة (ح م).
كما أن أكثر مضامين آيات هذه السورة مرتبط ببيان عظمة القرآن ونزوله في ليلة القدر ومسائل التوحيد ومصير الكفار وقصة موسى وبني إسرائيل وفرعون، وعدم العبث في خلق السموات والأرض.
أيها الأفاضل، ندعوكم الآن الى الإستماع للآيات الأولى حتى الرابعة من هذه السورة المباركة:
بسم الله الرحمن الرحيم..
حم{1} وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{2} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ{3} فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{4}
أيها الأكارم.. كلمة "مبارك" في الآية الثالثة، تأتي من "البركة" وهي الخير الثابت، والمراد من الليلة المباركة هي ليلة القدر التي تقع في شهر رمضان. وذكروا للحروف المقطعة وجوهاً كثيرة، ولعل أفضل هذه الوجوه هو أن القرآن وهو المعجزة الإلهية الكبرى نزل بهذه الحروف، أي بهذه الحروف يتم الوحي. كما ورد في بعض الروايات أن في الحروف المقطعة سراً لا يعرفه إلا الله عزوجل.
وكلمة "مبين" من الإبانة وهي الوضوح. إن من الظلم الذي لحق بالقرآن الكريم، عزيزي المستمع، أن بعض الأكابر ذكر أن القرآن قطعي الصدور وظني الدلالة، ولكن هذا الرأي غير صحيح، بل هو في مقابل صريح القرآن الكريم؛ لأن الله سبحانه وصف القرآن بأنه نور من الله، مبين، فاصل بين الحق والباطل.
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركات أولاً: المتداول في زمان النبي (ص) أن القرآن كتاب مقدس؛ ولذا يقسم به الله عزوجل.
ثانياً: الليل أفضل وقت للإهتمام بالمسائل الروحية والمعنوية.
ثالثاً: الإنذار لأهل الغفلة مفيد أكثر من الترغيب والبشارة.
رابعاً: ما يقدر في ليلة القدر يتعلق بالأمور المصيرية والأساسية.
وخامساً: ليلة القدر ليلة مصيرية لقوله تعالى (فيها يفرق كل أكر حكيم).
أما الآن، مستمعينا الأفاضل، نستمع وإياكم الى تلاوة اللآيتين الخامسة والسادسة من سورة الدخان المباركة:
أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ{5} رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{6}
أيها الأكارم، هنالك إشارات في هاتين الآيتين، منها؛ أن الله عزوجل هو مصدر الرحمة فهو (الرحمن الرحيم) وكذلك النبي (ص) مصدر للرحمة حسب قوله تعالى في سورة الأنبياء (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) وكذلك القرآن هو كتاب رحمة (رحمة من ربك).
وما نتعلمه من هاتين الآيتين أولاً: نزول القرآن الكريم مسألة في غاية الأهمية عند الله تعالى لقوله (أمراً من عندنا).
ثانياً: كل ما يقدر في ليلة القدر هو من عند الله عزوجل.
ثالثاً: إرسال الأنبياء وإنزال الكتب السماوية سنة من السنن الإلهية.
ورابعاً: لا ينبغي أن نذهب باتجاه شخصيات أخرى أو التمسك بقوانين أخرى؛ لأن الله عزوجل هو العليم بالحقيقة على الدوام، ونزول الكتاب، وإرسال الأنبياء وما يقدر في ليلة القدر يستند إلى علمه بحاجات البشر.
والآن، إخوتنا المستمعين، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين السابعة والثامنة من سورة الدخان المباركة:
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ{7} لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ{8}
إخوتنا الأكارم، ما نتعلمه من هاتين الآيتين المباركتين هو أولاً: عالم الوجود كله تحت الربوبية والتدبير الإلهي.
ثانياً: لا ينبغي أن ننظر الى القرآن نظرة البساطة، فإن منزل هذا القرآن هو رب السموات والأرض وكل الظواهر.
ثالثاً: الدقة في الخلق وإدارة عالم الوجود وتكامله هو سبب الوصول الى اليقين.
رابعاً: الإماتة والإحياء فعل دائم لله عزوجل فكلمتي يحيي ويميت وردتا بصيغة الفعل المضارع وهو يدل على الإستمرار.
خامساً: المجتمع البشري في حالة تكامل لقوله عز من قائل (ربكم ورب آبائكم الأولين).
وسادساً: الموت والحياة في سبيل التكامل الإنساني.
إخوتنا المستمعين الأفاضل، بهذا وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" شكراً لحسن استماعكم وكرم متابعتكم والى اللقاء.