بسم الله الرحمن الرحيم.. والحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلاة على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المنتجبين.. حضرات المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركاته.. تحية طيبة لكم وأنتم برفقتنا حيث نقدم لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران حلقة أخرى من برنامجكم "نهج الحياة" ونواصل فيها تفسير آيات أخرى من سورة الزخرف المباركة نشرعه بالإستماع الى تلاوة الآيتين التاسعة والسبعين والثمانين منها فكونوا معنا مشكورين..
أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ{79} أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ{80}
الإبرام، أيها الكرام، هو بمعنى الحسم والإحكام، واستعمل هنا بمعنى التصميم الجدي على التآمر ضد النبي (ص) ورفض دينه.
وفيما يتعلق بتعليمات هاتين الآيتين المباركتين أولاً: لا يعاقب الله عزوجل الإنسان على العمل ما لم يصل إلى مرحلة التصميم والبدء بالفعل، والعقاب الإلهي يتناسب مع عمل الإنسان.
ثانياً: ينبغي أن يعلم منكرو النبوة أن خصمهم هو الله تعالى شأنه.
ثالثاً: لا يتحرك الكفار إلا على أساس الحدس والظن.
ورابعاً: كل كلام يسجل ويكتب بواسطة ملك.
أما الآن أيها الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة مرتلة من الآيتين الحادية والثمانين والثانية والثمانين من سورة الزخرف المباركة:
قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ{81} سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ{82}
مما تعلمه إيانا هاتان الآيتان المباركتان هي ثلاثة أمور:
الأول: لابد من استخدام أسلوب المداراة والمماشاة عند محاورة الكفار فبالنسبة لعبارة (إن كان للرحمن ولد) وردت هذه الجملة في الحوار بقصد الإختصار، والله سبحانه لا يكون له ولد، ولو لا مراعاة الإختصار لاستخدمت كلمة "لو" وما يناسبها.
الأمر الثاني هو عند كل كلام في احتمال الإنتقاص من الله سبحانه وتعالى فإن من المناسب تنزيه الله عزوجل بعده.
والأمر الثالث هو أنه ما حاجة رب السموات والأرض للولد فيما يقول تعالى (رب السموات والأرض رب العرش).
أعزتنا المستمعين الأكارم، والآن نصغي وإياكم الى تلاوة الآيتين الثالثة والثمانين والرابعة والثمانين من سورة الزخرف المباركة؛
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ{83} وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ{84}
إخوتنا الأكارم، تشير الآية الثالثة والثمانين الى أنه إذا لم ينفع الإنذار ولا الإستدلال، فلابد من ترك من لم ينفعه ذلك على حاله، كما في الطبيب الذي يتحرق لشفاء المريض؛ ولكنه متى ما يئس من ذلك المريض، تركه وحاله.
ومما نستقيه من هاتين الآيتين أولاً: إمهال من ليس أهلاً وتركه وحاله سنة من السنن الإلهية.
ثانياً: ليس كل بحث وتحقيق يكون ممدوحاً، فبعض البحث قد يكون لعباً.
ثالثاً: كل ما لا يكون في مدار الحق والمنطق هو نوع من اللعب.
رابعاً: التوحيد وعبادة الواحد الأحد هما أساس ما وقع في الإختلاف بين النبي (ص) وبين المشركين.
خامساً: الحكمة والعلم المطلقان مختصان بالله عزوجل حسب قوله تعالى (وهو العزيز الحكيم).
وسادساً: الحكمة تختلف عن العلم، فكثير من العلماء ليسوا من أهل الحكمة، فلديهم العلم ويفتقدون للحكمة، أما الله تعالى شأنه فهو عليم حكيم.
إخوة الإيمان، بهذا وصلنا وإياكم الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. فحتى لقاء آخر وتفسير ميسّر آخر من آيات القرآن العظيم، نستوعدكم الله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.