بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المنتجبين..
أعزاءنا المستمعين سلام من الله عليكم ورحمة منه تعالى وبركاته، تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تتابعون برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث نواصل في الحلقة هذه، تفسير سورة الزخرف المباركة من آيتها الثالثة والعشرين حتى الثامنة والعشرين،،
بداية أيها الأفاضل، ننصت خاشعين الى تلاوة الآية الثالثة والعشرين من سورة الزخرف المباركة:
وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ{23}
"المترف" في هذه، أيها الأفاضل، هو من الترف أي صاحب النعمة الوافرة وتطلق على من اغتر وغرق في النعم.
وتقدم في الآية السابقة أن عوام الناس يظنون بأن طريق الآباء حق موصل الى الهداية ولذلك يتبعون آباءهم (على آثارهم مقتدون) ولكن هذه الآية تقول إن ما يهم المترفين هو الوصول الى المال والثروة لا الوصول الى الهداية؛ لذا لم يكن اتباع تقاليد الآباء وعاداتهم لأجل الهداية.
ومما تعلمنا هذه الآية المباركة أولاً: الإعتماد على تقاليد الآباء سنة من سنن المنحرفين في التاريخ.
ثانياً: الإنذار هو من أهم وظائف الأنبياء.
ثالثاً: الغرق في الثروة والرفاه هو سبب للطغيان وسبب للتعصب الباطل والتقليد الأعمى.
ورابعاً: أفكار ومعتقدات السابقين قابلة للتمحيص والبحث؛ والإتباع المطلق لها لا معنى له.
والآن إخوتنا الأفاضل نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين من سورة الزخرف المباركة:
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ{24} فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ{25}
أيها الأفاضل، مما تعلمنا إيانا هاتان الآيتان المباركتان هو أولا: لابد في النهي عن المنكر من بيان المعروف أولاً ثم النهي عن المنكر.
ثانياً: من أساليب وطرق التعريف بالدين، المقارنة بينه وبين سائر المعتقدات.
ثالثاً: على الرغم من أن عبادة الأصنام ليست هدى على الإطلاق حتى تكون الدعوة الى التوحيد أهدى، ولكن الجدال بالتي هي أحسن يفرض مجاراة أصحاب تلك العقيدة لأجل دعوتهم الى الحق.
ثالثاً: التحجر والتعصب والعناد هي من أسباب الغفلة عن الحقائق.
رابعاً: خاتمة الكفر والعناد هو الإفناء والزوال.
خامساً: العقاب الإلهي لا يكون إلا بعد إتمام الحجة.
وسادساً: إنما الأعمال بخواتيمها، لا بمظاهرها العابرة.
والآن أيها الأكارم ندعوكم الى الإستماع الى تلاوة الآيات السادسة والعشرين حتى الثامنة والعشرين من سورة الزخرف المباركة:
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ{26} إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ{27} وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{28}
تحدثت الآيات السابقة، إخوتنا الأكارم، عن منطق عبدة الأصنام الذي يقوم على اتباع الآباء، وأما هذه الآيات فتبين كيف أن إبراهيم كان يرفض بشدة تقليد الآباء.
وفي تحديد الفاعل في قوله تعالى (وجعلها كلمة باقية) احتمالان: الله عزوجل أو إبراهيم عليه السلام. فيمكن القول إن الله تعالى شأنه وجزاءً لإيمان إبراهيم عليه السلام جعل التوحيد حياً في نسله، ويمكن القول إن إبراهيم عليه السلام أحيا عقيدة التوحيد والبراءة من الشرك في نسله.
وفي رواية ورد عن الإمام علي عليه أفضل الصلاة والسلام: (كان رسول الله (ص) عقب إبراهيم (ع)، ونحن أهل البيت عقب إبراهيم، وعقب محمد (ص)).
بهذا، إخوة الإيمان وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فحتى لقاء آخر نتمنى لكم أسعد الأوقات والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.