البث المباشر

تفسير موجز للآيات 48 الى 53 من سورة الشورى

الثلاثاء 20 أغسطس 2024 - 10:40 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 907

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ثم الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الأطيبين الأطهرين..

حضرات المستمعين الأفاضل، سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه وبركات.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأهلاً بكم وأنتم تستمعون الى هذه الحلقة من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث سنقدم لكم فيها تفسير ميسر مما تبقى من آيات سورة الشورى المباركة بداية من الآية الثامنة والأربعين بعد الإستماع اليها فتابعونا مشكورين..

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ{48}

تشير هذه الآية المباركة، أيها الأكارم، الى أن إعراض الناس لا يكون دائماً بسبب طريقة عمل القادة والمسؤولين، فحتى لو كان المبلّغ هو المعصوم فإن بعض الناس يعرضون.

ومما تعلمنا هذه الآية الشريفة أولاً: ينبغي لمن يقود المجتمع أن يتوقع إعراض الناس عن الدين.

ثانياً: مسؤولية النبي (ص) إبلاغ الرسالة لا إجبار الناس على الإيمان بها.

وثالثاً: لابد من أن نذكر الله عزوجل عند المصائب وإلا لكنا مستحقين للوم والذم.

والآن، إخوتنا الأطائب، نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين التاسعة والأربعين والخمسين من سورة الشورى المباركة..

لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ{49} أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ{50}

مستمعينا الكرام.. حيث كان العرب يفضلون الذكر على الأنثى، وردت الآية بكلمة (يهب) في خلقة كل من الذكر والأنثى وذلك لكي يعلمهم بأن الذكر والأنثى هبة من الله تعالى، ومجيء كلمة ذكور معرفة بالألف واللام للإشارة إلى أن هؤلاء الذكور هم أيضاً هبة من الله عزوجل.

والمراد من قوله تعالى (..يزوجهم) أن الله عزوجل أحياناً يعطي توأماً من ذكر وأنثى.

ومما تعطينا هاتان الآيتان من معلومات أولاً: لا تأثير لكفر الناس وعدم توجههم بالشكر لله سبحانه على الحاكمية الإلهية.

ثانياً: مثال السلطة المطلقة يظهر في أن الله عزوجل يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور.

وثالثاً: إظهار التذمر مما يهبك الله من ولد ذكراً كان أم أنثى دليل على الكفر بنعمة الله تعالى.

والآن، أحبتنا الكرام، نستمع وإياكم الى تلاوة آية مباركة أخرى وهي الحادية والخمسين من سورة الشورى..

وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ{51}

تشير هذه الآية الشريفة، أيها الأكارم، الى أن نزول الوحي على الأنبياء يتم عبر أنحاء ثلاثة: الأول: الإلقاء المباشر على قلب النبي. الثاني: الإستماع من وراء حجاب (كالشجرة مثلاً) والثالث: عن طريق ملك الوحي.

وما تعلمنا هذه الآية أولاً: الوحي يأتي من عند الله عزوجل وليس بطلب من البشر. ثانياً: يمكن للبشر أن يكلمه الله عزوجل. وثالثاً: مضمون الوحي ومقداره بيد الله تعالى.

إخوتنا الأفاضل، أما الآن نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين الآخرتين من سورة الشورى المباركة وهما الثانية والخمسين والثالثة والخمسين ...

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{52} صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ{53}

أيها الأفاضل، تبدأ هذه السورة بآية تتحدث عن الوحي، كما تنتهي بالحديث عن الوحي. والمراد من الروح هنا هو "الروح الأمين" بناء على قول. وذهب بعضهم إلى أنه القرآن وهو الأولى بلحاظ المعنى. فبما أن الروح هي أساس حياة الإنسان، والقرآن هو رمز الحياة المعنوية للإنسان وكما أن الجسم يتعفن بدون الروح ويفنى فكذلك حال المجتمع بدون الكتاب والقرآن فإنه يكون في معرض الزوال والإضمحلال، وكما أن حقيقة الروح لا يمكن إدراكها، فكذلك القرآن لا يمكن إدراكها.

ومما نتعلم من هاتين الآيتين أولاً: حتى الأنبياء لا يمكنهم التقدم في الكمال بدون الهداية الإلهية.

ثانياً: الهداية وإن كانت بيد الله تعالى ولكن قابلية الهداية تتوقف على روح العبودية والإبتعاد عن التكبر.

ثالثاً: القرآن والرسول وسيلتان لهداية الناس.

ورابعاً: حركة عالم الوجود حركة هادفة وتكاملية.

ومع ختام تفسير آخر آيتين من آيات سورة الشورى المباركة وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) فحتى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة