بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..
سلام من الله عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة من لدنه وبركات.. تحية طيبة لكم وأهلاً بكم في لقاء آخر من برنامجكم (نهج الحياة) وتفسير ميسر آخر من آي الذكر الحكيم حيث نستأنف فيه تفسير آيات سورة فصلت المباركة بداية من الآيتين السابعة والثلاثين والثامنة والثلاثين بعد الإستماع الى تلاوتهما..
وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ{37} فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ{38}
أيها الأفاضل.. الليل والنهار من الآيات الإلهية وهما دليل القدرة الإلهية، فالليل سكن واستراحة واستقواء على عمل النهار، وزيادة الليل والنهار ونقصانهما إنما هو بما يتناسب مع نوم الإنسان وسكنه. ومن بركات النهار، عزيزي المستمع، نمو الزرع والنبات وتخزين القوت والحركة والسفر، كما أن من آيات الله عزوجل البعد الفاصل بين الأرض والشمس في حركة الأرض حول الشمس، الأمر الذي يجعل من وصول نور الشمس الى الأرض بقدر محدد، ووجود القمر في الليل ليضيء على الناس، ويفتح الباب أمام الناس لمعرفة الشهور، فهذا كله من آيات الله ودليل سعة قدرته.
فإذا كانت الشمس مع ما لها من العظمة لا تستحق أن تعبد من دون الله، فإن حال الأصنام التي لا أثر لها يكون أوضح.
فالإمتناع عن السجود والعبادة نموذج بارز للإستكبار، فالتكبر مانع للعبودية.
أما ما تعلمنا هاتان الآيتان أولاً: خالق الوجود هو الذي يستحق العبادة ولا يستحق المخلوق أن يكون معبوداً.
ثانياً: التوحيد في الخالقية هو الدليل على التوحيد في العبادة.
ثالثاً: لو أن الناس كافة تركوا عبادة الله فإن الملائكة وعالم الوجود كله مسلّم لله عزوجل.
ورابعاً: التسبيح فعل الملائكة والمسبيحن في الأرض كالملائكة، كما أن التسبيح قمة العبادة.
أما الآن أيها الأكارم نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآية التاسعة والثلاثين من سورة فصلت المباركة.
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{39}
أيها الأفاضل.. ورد في الآية الخامسة من سورة الحج وصف الأرض بأنها (هامدة)، ولكن التعبير هنا ورد بقوله تعالى (خاشعة) ولعل في اختيار معنى الخشوع هنا طعناً على المستكبرين الذين تعرض لهم في الآية السابقة.
فتعلمنا هذه الآية المباركة أولاً: الأرض تنمو بنزول ماء المطر، ولكن القلوب القاسية لا تتغير بنزول آيات الله.
ثانياً: الفعل الإلهي يتم من خلال الأسباب الطبيعية.
ثالثاً: من يقدر على إحياء الأرض الميتة يقدر على إحياء الموتى يوم القيامة.
ورابعاً: سبب إنكار المعاد الغفلة عن القدرة الإلهية.
وأما الآن إخوتنا الأفاضل، نستمع الى تلاوة الآية الأربعين من سورة فصلت المباركة فتابعونا على بركة الله..
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{40}
مستمعينا الأكارم، كلمة (إلحاد) هنا هي من اللحد وهي الحفرة التي يكون فيها انحراف إلى جهة ما، والملحد هو المنحرف عن الحق.
كما تبين هذه الآية أن الإمهال سنة إلهية، ولكنه لا يعني غفلة الله عزوجل عن أهل الإنحراف بل يتركهم في طغيانهم وانحرافهم، حسب قوله عز من قائل (... لا يخفون علينا).
فتعلمنا هذه الآية المباركة أولاً: يأتي أهل الجنة الى الجنة بسكينة وأمان، أما أهل النار فيؤتى بهم الى جهنم مكرهين ويرمون فيها رمياً.
ثانياً: أعظم هدية من الله عزوجل للمؤمنين هو الأمان الذي يعطى لهم.
ثالثاً: الحرية ليست دائماً لصالح الإنسان.
ورابعاً: الرقابة الإلهية أعظم ما يهدد أهل الإنحراف وأعظم ما يبعث على الطمأنينة في نفوس المؤمنين.
مستمعينا الأفاضل، بهذا وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. نشكركم لحسن إصغائكم وطيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..