بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين..
أحبتنا المستمعين الأكارم سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. ها نحن وإياكم وحلقة أخرى من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث نستأنف فيها تفسير آيات سورة غافر المباركة فنبتدئ على بركة الله بالإستماع الى الآيات السابعة والخمسين حتى التاسعة والخمسين من هذه السورة:
لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{57} وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ{58} إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ{59}
أيها الأفاضل.. تشير هذه الآيات المباركة أن إذا ما أحطنا بعظمة الوجود فلن نعيش التكبر في أنفسنا، وفي محطة أخرى تبين الآية أنه لابد من أن يصاب المتكبرون بالهزيمة.
فالتكبر أيها الإخوة أكبر مانع يحول من معرفة الحق والإيمان به، كما أن الإيمان والإعتقاد يتقدمان على العمل. وأيضاً تبين هذه الآيات أن الإنسان الذي لا يهتم بالحقائق أعمى، وأكثر الناس لا يعلمون وقليل منهم يتذكرون ويخضعون للحق.
كما أن يوم القيامة يحدث فجأة وبسرعة أطلق عليه إسم (الساعة) وكلما وردت مفردة (ساعة) مع الألف واللام كان المراد منها القيامة، وأما لو وردت بدون ألف ولام التعريف فالمراد منها الزمان، سواء كان زماناً قصيراً محدوداً، كما في قوله تعالى في الآية 34 من سورة الأعراف (لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) أي لحظة الموت التي لا تقبل التقديم ولا التأخير، أو كان المراد منه مطلق الزمان نحو قوله تعالى في الآية ال 117 من سورة التوبة (في ساعة العسرة).
فعلى الرغم من أن بعض الناس يشككون ويستبعدون يوم القيامة، ولكن لا ينبغي الشك ممن لاحظ الحكمة والعدالة والقدرة والعلم الإلهي.
تعلمنا هذه الآيات: أولاً: على الرغم من إصرار البعض على السؤال عن وقت قيام الساعة، ولكن القرآن لم يجبهم عن ذلك، بل ما تعرض له القرآن الكريم هو أصل وقوع القيامة.
ثانياً: تذكير القيامة هو أفضل وسيلة تجعل الإنسان في يقظة دائمة وتقيه الغفلة.
ثالثاً: ينبغي علينا بيان الحق بشكل حاسم لمواجهة تشكيك الكفار في يوم القيامة.
ورابعاً: شك الناس في وقوع القيامة بسبب جهلهم في سعة العلم والقدرة الإلهية.
والآن أيها الأكارم نستمع الى تلاوة الآية الستين من سورة غافر:
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ{60}
أحبتنا الأكارم.. حول هذه الآية المباركة هنالك سؤال، يسأله المستمع أن بعد الوعد الإلهي باستجابة الدعاء لماذا نجد أن بعض الأدعية لا تستجاب؟
الجواب هو، عزيزي المستمع، أن بعض الأعمال كالذنب والظلم وأكل المال الحرام وعدم العفو عمن طلب العذر منا يمنع من إستجابة الدعاء، أو قد يكون للدعاء تأثيره على مستقبل الإنسان أو على أسرته أو في يوم القيامة، فنتيجة هذا الدعاء لا تكون فورية.
تعلمنا هذه الآية:
أولاً: يجب أن يقترن الدعاء بالإيمان والعمل الصالح وأن يكون عن إخلاص وتضرع وفي الخفاء وعن خوف وطمع.
ثانياً: مخاطبة الله عزوجل مفتاح الرشاد والتربية للإنسان.
ثالثاً: إذا لم يكن الدعاء مستجاباً فلابد من أن يكون السبب في ذلك عدم كونه لمصلحة العبد.
ورابعاً: ترك الدعاء علامة التكبر والغرور.
إخوتنا الأفاضل.. بهذا وصلنا وإياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة آملين أن قد استفدتم منها فحتى الملتقى نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.