البث المباشر

تفسير موجز للآيات 43 الى 47 من سورة غافر

السبت 17 أغسطس 2024 - 13:32 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 877

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وأفضل الصلاة وأتم التسليم على حبيب الله ورسوله محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين... مستمعينا الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة منه تعالى وبركات.. تحية طيبة وأهلاً بكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامج (نهج الحياة) وتفسير ميسر من آي الذكر الحكيم حيث نتناول فيها تفسير آيات الثالثة والأربعين حتى السابعة والأربعين من سورة غافر؛ فنبتدأ على بركة الله باستماع الآيتين الثالثة والثلاثين والرابعة والثلاثين من هذه السورة المباركة...

لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ{43} فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{44}

أيها الأفاضل.. قلنا في الحلقة السابقة إن مؤمن آل فرعون عندما واجه الناس وضع التقية جانباً وتحدث صراحةً حول التوحيد والشرك وآثارهما، فهذه الآيتين تتحدث عن استئناف كلامه حيث قال: أنتم تريدون مني بأن أتخلى عن إلهي الواحد وأن أعبد أصنامكم وأوثانكم، في حين أن هذه الأصنام لا نفع لها في الدنيا ولا في الآخرة، لا يتكلمون ولا يدعون الى سبيل، وليس لهم أي نفع.

كما أن المصير والمرد سيكون الى الله تعالى وينبغي أن نجيب الله يوم القيامة حين يدعونا ويسألنا عما كسبناه في الدنيا، وواضح أن الذي سار نحو عبادة الأصنام والأوثان بدل عبادة الله الواحد، حينئذ سيكون مثواه النار لأنه انحرف عن الحق وتجاوز حدوده.

وفي تتمة حديثه، أيها الأكارم، يقول مؤمن آل فرعون: أيها الناس أقول لكم صراحة: إني آمنت بالله وفوضت أمري اليه، ولا أخاف من تهديدكم ولا أرهب كثرتكم وقدراتكم، لأنني توكلت على الذي قدرته لا تنتهي وهو بصير بالعباد، لكن وللأسف أنتم سوف تصدقون كلامي حين لا ينفع التصديق حيث تحضرون أمام محكمة العدل الإلهي وتحاكمون وتعذبون بعذاب النار.

وبهذا، أحبتنا المستمعين، وقف مؤمن آل فرعون أمام قومه ببيانه الفصيح وحيداً وأظهر إيمانه وفارق بين خطه التوحيدي وبين خط الشرك والإلحاد.

تعلمنا هاتان الآيتان: أولاً: للإيمان بالله ونفي كل شيء غيره تعالى، ينبغي لنا أن نسير على أساس الدليل والمنطق وأن ندعو الآخرين من خلال هذا المنطلق. ثانياً: بعد العمل بما كلفنا به الله، يجب الاستعاذة بالله والتوكل عليه أمام تهديدات ومؤامرات الأعداء.

إخوة الإيمان، والآن نستمع الى تلاوة الآيتين الخامسة والأربعين والسادسة والأربعين من سورة غافر المباركة:

فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ{45} النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ{46}

أحبتنا الأفاضل، تشير لنا هاتان الآيتان بأن مؤمن آل فرعون قد التجأ الى الله أمام تهديد آل فرعون ومؤامراتهم، كما أن الله قد أبطل مؤامراتهم وحفظه من خططهم المشؤومة وثبته على طريق الإيمان والتوحيد. لكن بالمقابل عذب قوم فرعون لطغيانهم ومحاربتهم المؤمنين.

والجدير بالذكر، عزيزي المستمع الكريم، حسب الآيات القرآنية، عبر موسى وبنو اسرائيل نهر النيل بسلام، وغرق فرعون وأعوانه فيه، ورغم أنهم غرقوا في الماء لكن في الحقيقة هم دخلوا نار البرزخ وسيلبثون هنالك الى يوم القيامة، فكما تبين الآيات القرآنية ستمضي على الإنسان فترة بين الموت ويوم القيامة فترة تسمى البرزخ حيث سيمكث في هذا العالم ويذوق من النعم أو العذاب حسب أعماله.

تعلمنا هاتان الآيتان: أولاً لو توكلنا على الله سيحفظنا الله تعالى من بين جموع الأعداء الظالمين الماكرين.

ثانياً: لو اتكلنا على الله، لا ينصرنا فحسب، بل يضعف ويدمر الأعداء المتئامرين؛ وثالثاً: يبدأ جزاء الظالمين من لحظة موتهم وهلاكهم وفي القيامة سوف يكتمل العذاب بأشد صورته.

والآن أعزتنا المستمعين نستمع الى تلاوة الآية السابعة والأربعين من سورة غافر المباركة:

وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ{47}

أيها الأفاضل، في شرح الآيات السابقة أشرنا الى عذاب آل فرعون في عالم البرزخ ومن ثم دخولهم الى الجحيم، وهذه الآية تبين مشاهد من حوار أهل جهنم وتقول: إن الذين دخلوا النار يتكلمون ويجادلون فيما بينهم، ويضعون اللوم على بعضهم البعض ويحاولون تبرئة أنفسهم في حين أن الله عزوجل يجازي ويثيب على أساس موازين عادلة ولن يدخل الجهنم شخص دون سبب.

فمن الطبيعي، عزيزي المستمع، أن الذين اتبعوا الطغاة في الدنيا يرجون منهم الشفاعة في الآخرة في حين أنهم لا يقدرون أن يدرؤوا العذاب حتى عن أنفسهم.

تعلمنا هذه الآية أولاً: لو لم تكن الصداقة والعلاقات في الدنيا على طريق الحق فستؤدي الى عداوة وتخاصم يوم القيامة.

ثانياً: إن المشاكل والنواقص في الحياة الدنيا، ليس تبريراً للّجوء الى أئمة الظلم والطغيان. ثالثاً: اتباع الباطل ستؤدي الى مشاكل للإنسان، يجب أن نعلم بأن خلف من نسير وهل هذا الطريق سينجينا يوم القيامة أم لا.

ورابعاً: المجرمون يعرفون بعضهم البعض يوم القيامة، ويتذكرون حياتهم الماضية في الدنيا ويلجأون الى بعضهم البعض من المجرمين لعجزهم ووحدتهم.

إخوتنا الأكارم بهذا وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة آملين أن قد استفدتم منها فعلى أمل اللقاء نستودعكم الرحمن الرحيم والسلام خير ختام.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة