البث المباشر

قبسات من سيرة أهل البيت(ع)

الخميس 7 فبراير 2019 - 21:04 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 139

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء وخاتم المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. قال الله تعالى في كتابه الكريم:
"يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"
لقد تميز اهل البيت(ع) وهم الذين عناهم الله بقوله في هذه الاية الكريمة تميزوا على غيرهم بجوانب عديدة منها العلم والمعرفة الواسعة فقد طلع اهل البيت(ع) على البشرية بعلوم رائعة وعظيمة في عصر لم يعرف شيئاً منها، تحدثوا عن كل شئ بتعليم الله لهم وباقدار الله لهم بالاطلاع على كثير من الامور فهم اهل البيت الذين طهرهم الله تطهيراً ورشحهم لهداية الامة وقيادة البشر وجهزهم لذلك ما يحتاجون اليه من اداة علمية ووسيلة فكرية حتى اذا راجعهم احد اجابوه وعالجوا مشكلته وحلوا معضلته ولهذا نجد علياً(ع) لم يراجع في شئ الاّ اجاب ولم يسأل الاّ اعطى الحل المناسب الجميل الرائع وهو القائل "علمني رسول الله الف باب من العلم يفتح من كل باب الف باب" وهو الذي قال عنه رسول الله(ص): "انا مدينة العلم وعلي بابها ومن اراد المدينة فليأتها من بابها".
وقال في حديث آخر: "انا مدينة الحكمة وعلي بابها ومن اراد المدينة فليأتها من بابها". واهل البيت(ع) هم الذين زودهم الله سبحانه تعالى بالمعرفة الكاملة عن الله سبحانه وتعالى وعن الاحكام الالهية وعن الاخرة وعن الآخرة وعن التاريخ وعما سيأتي وما ذلك بعجيب فالقران مشحون وملئ بأمثلة من الانبياء والرسل واوصياءهم ممن كان عندهم علم من الكتاب.
ألم يقل الله سبحانه وتعالى "ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب"، وقد اكد المفسرون من السنة والشيعة او كثير من مفسري السنة والشيعة اجمع بأن هذه الاية الكريمة تعني علياً فهو الذي عنده علم الكتاب. اجل لقد كان اهل البيت(ع) بهذه المثابة والمنزلة في الجانب العلمي وكذلك في جوانب اخرى من الشخصية الانسانية، الا ان ابرز ما كان فيهم بعد العلم وبعد التقوى وبعد العدالة والعصمة هو خلقهم الاجتماعي الذي تميزوا به على غيرهم فقد كانوا رحماء مع المسلمين مع اصدقاءهم واصحابهم بل ومع الغرباء فهذا شئ يشهد به كل من اطلع على حياتهم وكتب عن سيرتهم. نقف الان على لوحة من هذا الخلق الرفيع، يقول محمد بن زيد الشحام: راني ابو عبد الله جعفر الصادق(ع) وانا اصلي فارسل اليّ ودعاني فقال لي من انت؟ قلت: من مواليك.
قال: فأي موالي؟
قلت: من الكوفة.
قال: من تعرف من الكوفة؟
قلت: شير النبال وشجرة.
قال: وكيف صنيعهما اليك؟
قلت: وما احسن صنيعتهما اليّ.
قال: خير المسلمين من وصل واعان ونفع، ما بت ليلة قط والله وفي مالي حق يسألنيه، ثم قال: اي شئ معكم من النفقة؟
قلت: عندي مئتا درهم.
قال: ارنيها! فأتيته بها، فزادني بها ثلاثين درهماً ودينارين، ثم قال تعشى عندي فجئت فتعشيت عنده.
قال محمد بن زيد الشحام راوي هذه القصة: فلما كان من اللية القابلة لم اذهب اليه ولكن الامام ارسل اليّ فدعاني من غده، وقال: مالك لم تأتني البارحة؟ قد شفقت عليّ؟
قلت: لم يجأني رسولك.
قال: فأنا رسول نفسي اليك، مادمت مقيماً في هذه البلدة، ثم قال: اي شئ تشتهي من الطعام؟
قلت: اللبن.
فاشترى من اجلي شاة لبوناً، ثم قال محمد بن زيد الشحام: قلت له علمني دعاء يا بن رسول الله!
قال: اكتب "بسم الله الرحمن الرحيم يا من ارجوه لكل خير وامن سخطه عند كل عثرة او شر يا من يعطي الكثير بالقليل ويا من يعطي من سأله تحنناً منه ورحمة يا من اعطى من لم يسأله ولم يعرفه صلي على محمد واهل بيته واعطني بمسألتي اياك جميع خير الدنيا وجميع خير الاخرة فأنه غير منقوص ما اعطيت وزدني من سعة فضلك يا كريم".
هكذا كان اهل البيت(ع) يتعاملون بلطف واحسان وكرم وسخاء ورحمة ومودة مع الجميع حتى الغرباء وهذا الذي ذكرناه واحد من مئات القصص التي تحمل مثل هذا الخلق الينا وتعكس مثل هذه السيرة العطرة الفواحة.
يقول احدهم: كنت عند الامام الصادق(ع) وعنده شخص يدعى المعلا بن خنيس اذ دخل عليه رجل من اهل خراسان فقال: يا بن رسول الله انا من مواليكم اهل البيت وبيني وبينكم شقة بعيدة ومسافة بعيدة وقد قلّ ذات يدي اي اني في حالة اقتصادية سيئة ولا اقدر ان اتوجه وارجع الى اهلي الا ان تعينني وتساعدني، قال: فنظر ابو عبد الله الصادق يميناً وشمالاً وقال: الا تستمعون ما يقول اخوكم "انما المعروف ابتداءاً فأما ما اعطيت بعدما سألت فانما هو مكافأة لما بذل لك من وجهه".
اجل الامام يعطينا درساً في الانفاق، قال ايها الجالسون اما تسمعون ما يقول اخوكم وكيف يعرض حاجته، المعروف ان تبدأ انت بالبذل اما اذا سألت وطلب منك ان تبذل وانفقت فأن هذا ليس معروف انما هذا مكافأة لما بذل لك السائل من وجهه وشخصيته، فقال الامام الصادق(ع) فيبيت ليلته متأرقاً متململاً بين اليأس والرجاء، لا يدري اين يتوجه بحاجته فيعزم على القصد اليك فأتاك وقلجه يرجف وفرائصه ترتعد وقد نزل دمه في وجهه وبعدها فلا يدري اينصرف عنك بكأبة الرد ام بسرور النجح والنجاح، فأن اعطيته رأيت انك قد وصلته وقد قال رسول الله(ص): "والذي فلق الحب وبرء النسمة وبعثني بالحق نبياً لما يتجشم من مسألته اياك اعظم مما ناله من معروفك".
انه درس عظيم في الانفاق، يعني ان الانسان انما يكون صاحب معروف وانما يكون صاحب انفاق مقبول عند الله ومحبب عند الله اذا اعطى المحتاج اتداءاً من دون ان يضطر ذلك المحتاج الى ان يسأل ويربق ماء وجهه امام اقدام هذا الانسان، حينئذ يكون الانفاق انفاقاً عظيماً وخالصاً وثميناً عند الله اما اذا انتظر الانسان حتى يأتي المحتاج وهو لا يدري اتعينه وتساعده او لا تعينه وترده خائباً واذا اعطيته انما تكون اعطيته بعد ان بذل لك شخصيته وبعد ان تصاغر امامك وتذلل امامك هذا ليس بالانفاق المحبب وليس بالانفاق الجميل.
ان الامام(ع) في هذه القصة اولاً حث الآخرين على ان يساعدوا ابناء جنسهم وابناء نوعهم وجلدتهم ودينهم ثم اعطى الى جانب ذلك درساً في كيفية الانفاق والبذل المحبب عند الله سبحانه وتعالى. يقول الراوي فجمعوا للخراساني خمسة الاف درهم ودفعوها اليه وقضوا حاجته.
فسلام الله على اهل البيت ييوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون احياء وجعلنا من المقتفين بآثارهم والمتبعين لهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة