الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من اعلام الصادقين والذين لمعت اسماءهم في سجل اصحاب رسول الله واصحاب امير المؤمنين هو ابو رافع، ابو رافع اسمه ابراهيم القبطي مولى رسول الله وصاحب امير المؤمنين، طبعاً ابو رافع او ابراهيم القبطي كان في البداية غلاماً للعباس عم النبي، كان من غلمان عم رسول الله(ص) ووهبه العباس لرسول الله فصار غلاماً للنبي(ص) وقال المحدثون بأنه دخل على رسول الله ذات يوم فبشره بأسلام عمه، دخل على النبي يبشره بأسلام عمه العباس وطبعاً هذه الحالة كانت مهمة لرسول الله(ص) فأستبشر النبي واعتقه على اثر تلك البشارة، انا الذي اعتقده ان اهل البيت من رسول الله الى بقية الائمة اعتمدوا اساليب متنوعة للقضاء على مسألة الرق، اسلوب من هذه الاساليب هذا كان، فلما اعتقه رسول الله كان قبطياً فأسلم وحسن اسلامه وبعد ان اسلم رحب رسول الله(ص) بخطوته هذه وزوجه احدى جواريه بعد ان اعتقها وهي سلمى وطبعاً هذه سلمى بعد ان تزوجت بأبي رافع انجبت له ولدين الاول عبيدالله والثاني سماه بأسم الامام علي لتعلقه بالامام امير المؤمنين، طبعاً هذا الرجل صحب رسول الله في كل المشاهد والحروب يعني هو احد المهاجرين الذين هاجروا مع جعفر بن ابي طالب الى الحبشة ثم الى المدينة ولذلك كانت دائماً هذه الحالة يبتهج بها فهو بعد ما قضى حياته مع الرسول(ص) لازم الامام امير المؤمنين وشهد مع الامام حروبه وفترة من الفترات كان خازناً لبيت المال، يعني لما نقرأ في حياة امير المؤمنين بالخصوص القضايا المالية نجد اسم ابي رافع يتردد كثيراً، بمعنى انه كان معتمد، الامام امير المؤمنين كان دقيق وقاسي في قضية المال، المال العام يعني لذلك هذا له دلالة بأن الامام امير المؤمنين يعينه اميناً على بيت المال.
واما ولداه، عبيدالله وعلي كانا كاتبين عند الامام امير المؤمنين وهذا ايضاً تعطي معنى مماثل الكاتب لايستخدم الا بعد ما يجري تثبت من الاعتماد عليه والثقة به وعدم خيانته مثلاً، خصوصاً كاتب عند امير المؤمنين(ع)، وفي الروايات ان رسول الله(ص) اخذ بيد ابي رافع وقال يا ابا رافع كيف انت وقوماً يقاتلون علياً وهو على الحق وهم على الباطل ويكون في حق الله جهادهم فمن لم يستطع جهادهم فبقلبه فليس وراء ذلك شئ؟ فقال ابو رافع: يا رسول الله ادعو لي ان ادركتهم ان يعينني الله في جهادهم ويقويني على قتالهم، بمعنى انه هذا يحدث وانا قواي قد هزلت ومقواتي تضاءلت انما تحدث هذه الحالة وانا على اهبة الاستعداد، معنوياً وعضوياً، فقال له النبي وهو يدعو طبعاً: اللهم ان ادركهم فقوه واعنه، اللهم قونا على كلمة الحق واعنا على كلمة الحق واجعلنا اقوياء في مواجهة الباطل.
ثم خرج النبي الى الناس وقال: ايها الناس، من احب ان ينظر الى اميني على نفسي وعلى اهلي فهذا ابو رافع اميني على نفسي وعلى اهلي.
وهذا المعنى كبير طبعاً وعميق، عنصر يعطيه رسول الله هذه المساحة انه امين على نفس رسول الله وعلى اهل رسول الله لهذا روى المؤرخون بأن الامام امير المؤمنين(ع) لما بويع بعد حادثة الدار وطبعاً خالفه من خالفه ولا نريد الخوض في هذا لانه له حديثه المنفصل، هناك من اعوج في هذا الامر واكثر من هذا خرج على امير المؤمنين، في طليعة هؤلاء معاوية واخذ معاوية من ذلك اليوم يهيأ جيشه واصحابه ويبني ذلك العسكر لمواجهة الامام امير المؤمنين(ع) وطبعاً قبل معاوية هناك اناس آخرون ممن دخلوا في هذه المواجهة الخطيرة الظالمة مع امير المؤمنين فأدرك ابو رافع ما اشار اليه رسول الله، يعني اعتبر هذا ايضاً من دلائل النبوة مما يتحقق ما وعده رسول الله ويقع كل ما اشار اليه رسول الله.
قال المؤرخون فباع ابو رافع داره في منطقة خيبر وصفى علائقه وخرج لنصرة الامام امير المؤمنين(ع) لكن الجميل في الامر وكل حديثه جميل ان هذا الرجل وهو ابن خمسة وثمانين سنة كان يحتفظ بقواه بشكل طبيعي، كأنه هذه استجابة لدعوة رسول الله(ص) لما دعا اللهم ان ادركهم فقوه واعنه، خمسة وثمانين سنة وكان يردد بصوت عال الحمد لله لقد اصبحت لا احد بمنزلتي لقد بايعت البيعتين بيعة العقبة وبيعة الرضوان وصليت القبلتين يعني في مكة والمدينة وهاجرت ثلاثاً، قيل وما الثلاث قال: هاجرت من مكة الى الحبشة مع جعفر بن ابي طالب وهاجرت مع النبي الى المدينة وهاجرت الثالثة مع الامام امير المؤمنين(ع)من المدينة الى الكوفة، طبعاً هذا السجل الحافل بالمكرمات وهذه المآثر يدل على قيمة هذا الرجل وعلى صفاء باطنه. وطبعاً قلت الرجل ابلى بلاءاً حسناً في نصرة الامام امير المؤمنين(ع) وكان الامام يبتهج بمواقفه.
بعد استشهاد الامام امير المؤمنين(ع) قال المؤرخون بأنه بقي مع الامام الحسن الى ان قرر الامام الحسن الانتقال او الاصح العودة الى المدينة المنورة فضل بأن يعود الى المدينة بصحبة الامام الحسن وطبعاً هناك قلائل ممن تحركوا بهذه الحركة، فيقول الرواة انه لما رجع الى المدينة لم تكن لديه دار يأوي اليها، فكان ضيفاً عند هذا وذاك فلما بلغ الامام الحسن المجتبى(ع) اعطاه ارضاً وقيل باعها، بعض الروايات تقول اعطاه ارضاً تعود للامام امير المؤمنين(ع).
واجمالاً السير قالت بأن ابا رافع وهو ابراهيم القبطي من اوائل من جمع احاديث رسول الله وطبعاً هذا على خلاف مزاج بني امية لان بني امية جمدوا مسألة الحديث مئة عام كان حرام على الناس التحدث بأحاديث رسول الله بغية ان يخلقوا سنة جديد مصطنعة فحقد عليه بني امية لأمرين: اولاً لنشره احاديث رسول الله، والثاني تودده لآل الرسول وقاسى حتى اولاده.
الرجل مات ودفن بالمدينة في البقيع لكن اولاده عبيد الله وعلي قاسوا العناء من ولاة الامويين بالمدينة وحتى ان عمر بن سعيد الاشدق منعهما من ان يقولا انهما ابنا مولى رسول الله، كان يتضايق وكم وكم قد ضربهما بالسوط لذلك.
وقالت السير ان له مصنفات في الحديث في السنن في الاحكام نسأل الله ان يرحمه برحمته ويزيد في علو درجاته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******